للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَبْلُولِ وَنَحْوِهِ بِمِثْلِهِ حَيْثُ أَجَازَ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَمَنَعَ غَيْرَهُ جَمِيعَهُ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا يَظْهَرُ مَعَ بَقَاءِ الْبَدَلَيْنِ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَفِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَعَ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ فَيَكُونُ تَفَاوُتًا فِي عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ يَكُونُ التَّفَاوُتُ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الِاسْمِ فَلَمْ يَكُنْ تَفَاوُتًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْحَالِ وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» الْحَدِيثُ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ وَالتَّمْرَ وَالشَّعِيرَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ حَتَّى مَنَعَهُ بِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَاللُّحُومُ الْمُخْتَلِفَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَبَنُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَخَلُّ الدَّقَلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَقْصُودِ وَلَنَا أَنَّ أُصُولَهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى لَا يُضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ وَأَسْمَاؤُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ كَدَقِيقِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ أَيْضًا مُخْتَلِفٌ فَبَعْضُ النَّاسِ يَرْغَبُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ وَقَدْ يَضُرُّهُ الْبَعْضُ وَيَنْفَعُهُ غَيْرُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاتِّحَادِ فِي الْمَعْنَى الْخَاصِّ دُونَ الْعَامِّ وَلَوْ اُعْتُبِرَ الْعَامُّ لَمَا جَازَ بَيْعُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ أَصْلًا بِخِلَافِ لَحْمِ الْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ أَوْ لَبَنِهِمَا أَوْ لَحْمِ الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ أَوْ لَبَنِهِمَا أَوْ لَحْمِ الْعَرَّابِ وَالْبَخَاتِيِّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى يُضَمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ فَكَذَا أَجْزَاؤُهُمَا مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ كَشَعْرِ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ أَوْ لَمْ يَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّ بِالتَّبَدُّلِ تَخْتَلِفُ الْمَقَاصِدُ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا وَكَذَا بَيْعُ الزَّيْتِ الْمَطْبُوخِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ أَوْ الدُّهْنِ الْمُرْبِي بِالْبَنَفْسَجِ بِغَيْرِ الْمُرْبِي مِنْهُ مُتَفَاضِلًا وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الطَّيْرِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَوْزُونٍ عَادَةً فَلَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودُ أَوْ بِتَبَدُّلِ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

التَّمْرُ الْمُنَقَّعُ بَعْدَ الْجَفَافِ لَا يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَكَانَ التَّفَاوُتُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ) أَرَادَ بِهِ بَقَاءَ اسْمِ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ بَعْدَ الْجَفَافِ اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَاللُّحُومُ الْمُخْتَلِفَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا) وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَبَنُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) أَيْ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا نَقْدًا لَا نَسِيئَةً اهـ (قَوْلُهُ وَخَلُّ الدَّقَلِ) بِفَتْحَتَيْنِ اهـ وَإِنَّمَا خَصَّ خَلَّ الدَّقَلِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَرْدَأِ التَّمْرِ إجْرَاءً لِلْكَلَامِ مَجْرَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَادُوا اتِّخَاذَ الْخَلِّ مِنْ الدَّقَلِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ فِي كُلِّ تَمْرٍ كَذَلِكَ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخَلِّ الْعِنَبِ) كَيْفَ كَانَ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي وَجِيزِهِمْ وَفِي لُحُومِ الْحَيَوَانَاتِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ لِتَفَاوُتِ الْمَعْنَى وَإِنْ اتَّحَدَ الِاسْمُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَقْصُودُ) وَهُوَ التَّغَذِّي وَالتَّقَوِّي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَسْمَاؤُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ) كَقَوْلِك لَحْمُ الْبَقَرِ وَلَحْمُ الضَّأْنِ وَلَحْمُ الْإِبِلِ وَلَحْمِ الدَّجَاجِ. اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ كَشَعْرِ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ) فَشَعْرُ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ جِنْسَانِ بِخِلَافِ لَحْمِهِمَا وَلَبَنِهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ جِنْسَيْنِ) وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا وَهُوَ الْمَعْزُ وَالضَّأْنُ جِنْسًا وَاحِدًا لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُتَّخَذُ مِنْ الصُّوفِ اللِّفَافَةُ وَاللَّبْدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمِنْ الشَّعْرِ الْمِسْحُ وَالْحَبْلُ الْغَلِيظُ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَمَّا صُوفُ الشَّاةِ مَعَ شَعْرِ الْمَعْزِ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ يَجْمَعُهُمَا اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّبَدُّلِ تَخْتَلِفُ الْمَقَاصِدُ) قَالَ الْكَمَالُ وَمِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ إنَاءَيْ صُفْرٍ أَوْ حَدِيدٍ أَحَدُهُمَا أَثْقَلُ مِنْ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ قَمْقَمَةٍ بِقَمْقَمَتَيْنِ وَإِبْرَةٍ بِإِبْرَتَيْنِ وَخُوذَةٍ بِخُوذَتَيْنِ وَسَيْفٍ بِسَيْفَيْنِ وَدَوَاةٍ بِدَوَاتَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ وَإِنْ اصْطَلَحُوا بَعْدَ الصِّيَاغَةِ عَلَى تَرْكِ الْوَزْنِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَدِّ وَالصُّورَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ الدُّهْنُ الْمَرْبِيُّ بِالْبَنَفْسَجِ بِغَيْرِ الْمَرْبِيِّ مِنْهُ مُتَفَاضِلًا).

قَالَ الْكَمَالُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُجَانَسَةَ تَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا فِي الضِّمْنِ فَيَمْنَعُ النَّسِيئَةَ كَمَا فِي الْمُجَانَسَةِ الْعَيْنِيَّةِ وَذَلِكَ كَالزَّيْتِ مَعَ الزَّيْتُونِ وَالشَّيْرَجِ مَعَ السِّمْسِمِ وَتَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ فَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ حَتَّى يَجُوزَ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ مَعَ دُهْنِ الْوَرْدِ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الزَّيْتُ أَوْ الشَّيْرَجُ فَصَارَ جِنْسَيْنِ بِاخْتِلَافِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مِنْ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَالْغَرَضِ وَلَمْ يُبَالِ بِاتِّحَادِ الْأَصْلِ وَعَلَى هَذَا دُهْنُ الزَّهْرِ فِي دِيَارِنَا وَدُهْنُ الْبَانِ أَصْلُهُمَا اللَّوْزُ يُطْبَقُ بِالزَّهْرِ وَالْخِلَافِ مُدَّةً، ثُمَّ يُعْصَرُ اللَّوْزُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ دُهْنٌ مُخْتَلِفُ الرَّائِحَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الدُّهْنَيْنِ بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَعَلَى هَذَا قَالُوا: لَوْ ضَمَّ إلَى الْأَصْلِ مَا طَيَّبَهُ دُونَ الْآخَرِ جَازَ مُتَفَاضِلًا حَتَّى أَجَازُوا بَيْعَ قَفِيزِ سِمْسِمٍ مُطَيَّبٍ بِقَفِيزَيْنِ غَيْرِ مُطَيَّبٍ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ لَوْزٍ مُطْبَقٍ بِرِطْلَيْ لَوْزٍ غَيْرِ مُطْبَقٍ وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ دُهْنٍ مُطْبَقٍ بِزَهْرِ النَّارِنْجِ بِرِطْلَيْ دُهْنِ اللَّوْزِ الْخَالِصِ وَكَذَا رِطْلُ زَيْتٍ مُطَيَّبٍ بِرِطْلَيْنِ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يُطَيَّبْ فَجَعَلُوا الرَّائِحَةَ فِيهَا بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرِّطْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الطَّيْرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ: وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الطُّيُورِ كَالسِّمَانِ مَثَلًا وَالْعَصَافِيرِ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِ الرِّبَا إذْ لَا بِوَزْنِ لَحْمِ الطَّيْرِ وَلَا يُكَالُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ لُحُومِ الطَّيْرِ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ؛ لِأَنَّهُ يُوزَنُ عَادَةً فِي دِيَارِ مِصْرَ بِعَظْمِهِ. اهـ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>