وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي بَقَرَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَكَذَا الْوُقُوفُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ يَكُونُ بِالْقُرْبِ فَلَا يَشْتَبِهُ فَيَكُونَانِ سَرِقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَلَمْ يَتِمَّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَبِخِلَافِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِيهِ بِالنَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ يَقَعُ بِالنَّهَارِ وَهُوَ يَقْرُبُ مِنْهُ غَالِبًا فَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْحَالُ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى تَحْقِيقٍ وَتَأَمُّلٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ فِي التَّوْفِيقِ احْتِيَالٌ لِإِيجَابِ الْحَدِّ وَهُوَ يَحْتَالُ لِدَرْئِهِ لَا لِإِيجَابِهِ قُلْنَا الْقَطْعُ لَا يُضَافُ إلَى إثْبَاتِ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكَلَّفَا نَقْلَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَمَا يُوجِبُ الدَّرْءَ يَكُونُ فِي نَفْسِ الْمُوجِبِ لَا فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَقَرَةُ الْمَسْرُوقَةُ بَلْقَاءَ، وَالْمَشْهُودُ بِسَرِقَتِهَا إمَّا بَيْضَاءُ أَوْ سَوْدَاءُ وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا: إنَّهَا بَلْقَاءُ فَتَكُونُ غَيْرَهَا ضَرُورَةً قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يَعْرِفُ اللَّوْنَيْنِ أَمَّا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْرِفُ إلَّا أَحَدَهُمَا فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ اللَّوْنِ فَسَمَّاهَا بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ بِنَاءً عَلَى مَا شَاهَدَ مِنْ مَوَاضِعِهَا وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي بَقَرَةً مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَصْفٍ
وَأَمَّا إذَا ادَّعَى سَرِقَةَ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا وَقِيلَ هَذَا فِي لَوْنَيْنِ مُتَشَابِهَيْنِ كَالسَّوَادِ، وَالْحُمْرَةِ، وَأَمَّا فِي لَوْنَيْنِ غَيْرِ مُتَشَابِهَيْنِ كَالسَّوَادِ، وَالْبَيَاضِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَرَوِيٌّ وَقَالَ الْآخَرُ مَرْوِيٌّ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ لَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ)؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ السَّبَبِ وَهُوَ الْعَقْدُ فَالْبَيْعُ بِأَلْفٍ غَيْرُ الْبَيْعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يُكَذِّبُ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى أَقَلَّ الْمَالَيْنِ أَوْ أَكْثَرَهُمَا لِمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ السَّبَبِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالْحُكْمُ يَثْبُتُ تَبَعًا لِثُبُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ هُوَ الْمَقْصُودَ حَقِيقَةً فِي حَقِّ الِانْتِفَاعِ، وَالسَّبَبُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ لَكِنْ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْحُكْمُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ فَكَانَ فِي إثْبَاتِهِ إثْبَاتُ الْحُكْمِ إذْ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ إلَّا بِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ وَذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْوَاحِدَ قَدْ يَكُونُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَصِيرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَزِيدَهُ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى شِرَاءٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْجِنْسِ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ بَطَلَتْ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْوَاحِدَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ يَصِيرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكَذَا الْكِتَابَةُ، وَالْخُلْعُ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِيهِمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ السَّبَبِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْعَبْدَ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي السَّبَبَ لِيَحْصُلَ لَهُ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ فَصَارَ نَظِيرَ الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَانَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
فِي نَفْسِ الشَّهَادَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ) أَيْ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ مَسَائِلَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالنِّكَاحُ وَالرَّهْنُ ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ هَذَا وَيُنْكِرَ الْآخَرَ أَوْ يَدَّعِيَ الْآخَرَ وَيُنْكِرَ هَذَا اهـ وَقَدْ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْكَنْزِ مِنْهَا أَرْبَعَةً: الْبَيْعُ وَالْكِتَابَةُ وَالْخُلْعُ وَالنِّكَاحُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلْوَضْعِ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ فِي دَعْوَى الْمَالِ وَهَذِهِ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ إلَخْ قَالَ الْكَمَالُ صُورَتُهَا عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَيُنْكِرُ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِأَلْفٍ وَشَاهِدًا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ هَذَا بَاطِلٌ إلَى آخِرِ مَا هُنَاكَ فَقَدْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ قَضَى بِالْأَلْفِ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهُنَا لَا يُقْبَلُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ بَيَانُهُ هُوَ أَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَقَطْ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا دَعْوَى الْعَقْدِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الْجَامِعِ فَيُنْكِرُ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الدَّيْنَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ أَرْكَانِهِ وَالْمُرَكَّبُ الَّذِي بَعْضُ أَجْزَائِهِ مِقْدَارٌ خَاصٌّ غَيْرُ مِثْلِهِ بِمِقْدَارٍ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ يَتِمَّ عَلَى أَحَدِهِمَا نِصَابُ شَهَادَةٍ فَلَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ أَصْلًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعَ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ فَأَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ كَذَلِكَ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى أَقَلَّ الْمَالَيْنِ أَوْ أَكْثَرَهُمَا) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِي اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا) أَيْ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَالتَّكْذِيبِ مِنْ الْمُدَّعِي. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ) قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ السَّيِّدِ الْإِمَامِ الشَّهِيدِ السَّمَرْقَنْدِيِّ تُقْبَلُ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَصِيرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ) قَالَ الْكَمَالُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّارِحِينَ فِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ. اهـ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ)؛ لِأَنَّ دَعْوَى السَّيِّدِ لِمَالٍ عَلَى عَبْدِهِ لَا يَصِحُّ إذْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِوَاسِطَةِ دَعْوَى الْكِتَابَةِ فَيَنْصَرِفُ إنْكَارُ الْعَبْدِ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute