للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ ابْتِدَاءً قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (: فَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَرَجَعَ وَاحِدٌ لَمْ يَضْمَنْ)؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ تَكْفِي لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي غَيْرِ الزِّنَا، وَالْكَلَامِ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَتْ فَصَارَ الْحَقُّ مُسْتَحَقًّا بِهَا، وَالِاسْتِحْقَاقُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَقِّ كَمَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمُتْلِفُ بِبَيِّنَةٍ لَا يَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ شَيْئًا فَكَذَا هَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا النِّصْفَ)؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَيَبْقَى بِبَقَائِهِ نِصْفُ الْحَقِّ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الرَّاجِعُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ كَانَ مُضَافًا إلَى الْبَاقِيَيْنِ وَلِهَذَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّلَفُ مُضَافٌ إلَى الْمَجْمُوعِ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ رُجُوعِ الْأَوَّلِ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ لِمَانِعٍ وَهُوَ بَقَاءُ الشَّاهِدَيْنِ فَلَمَّا رَجَعَ آخَرُ ظَهَرَ أَثَرُهُ إذْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْ يَقُومُ بِنِصْفِ الْحَقِّ فَيَغْرَمَانِ النِّصْفَ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا يَلْزَمُ جَمِيعَهُمْ الضَّمَانُ إذَا رَجَعُوا وَهُمْ ثَلَاثَةٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُنِي الضَّمَانُ؛ لِأَنِّي لَوْ رَجَعْت وَحْدِي لَمَا وَجَبَ عَلَيَّ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ الضَّمَانُ بِرُجُوعِ غَيْرِي

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ ضَمِنَتْ الرُّبْعَ) لِبَقَاءِ ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِبَقَاءِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ إذْ الرَّجُلُ وَحْدَهُ بِالنِّصْفِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ رَجَعَتَا ضَمِنَتَا النِّصْفَ)؛ لِأَنَّهُ بِبَقَاءِ الرَّجُلِ بَقِيَ نِصْفُ الْحَقِّ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا الرُّبْعُ أَثْلَاثًا، وَإِنْ رَجَعَ رَجُلَانِ فَعَلَيْهِمَا النِّصْفُ، وَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَتَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ فَرَجَعَتْ ثَمَانٍ لَمْ يَضْمَنْ)؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْحَقِّ وَهُوَ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَتَانِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى ضَمِنَ رُبْعَهُ)؛ لِأَنَّهُ بِبَقَاءِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ النِّصْفُ بِالرَّجُلِ، وَالرُّبْعُ بِالْمَرْأَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ رَجَعُوا فَالْغُرْمُ بِالْأَسْدَاسِ) يَعْنِي سُدُسَهُ عَلَى الرَّجُلِ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ عَلَى النِّسْوَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُنَّ، وَإِنْ كَثُرْنَ يَقُمْنَ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ إلَّا بِانْضِمَامِ رَجُلٍ.

فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَتِمُّ بِهِنَّ مَا لَمْ يَشْهَدْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ فَكَانَ الثَّابِتُ بِشَهَادَتِهِ نِصْفَ الْحَقِّ وَبِشَهَادَتِهِنَّ النِّصْفَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ مُتَعَيِّنٌ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ لِلْقِيَامِ بِنِصْفِ الْحُجَّةِ فَلَا تَتِمُّ الْحُجَّةُ إلَّا بِوُجُودِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ بِكَثْرَةِ النِّسَاءِ، فَإِذَا ثَبَتَ نِصْفُ الْحَقِّ بِشَهَادَتِهِ ضَمِنَ ذَلِكَ عِنْدَ الرُّجُوعِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِنَّ فَعَلَيْهِنَّ ضَمَانُهُ عِنْدَ الرُّجُوعِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي نُقْصَانِ عَقْلِهِنَّ «عَدَلَتْ شَهَادَةُ كُلِّ اثْنَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ» فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدَ بِذَلِكَ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ أَسْدَاسًا وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الرِّجَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي الْمِيرَاثِ تَقُومَانِ مَقَامَ ابْنٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ فَلَا يَزْدَادُ نَصِيبُهُنَّ، وَإِنْ اخْتَلَطْنَ بِابْنٍ يَزِيدُ فَيُعْتَدُّ بِكَثْرَتِهِنَّ فَكَذَا هُنَا، وَإِنْ رَجَعَ النِّسْوَةُ الْعَشْرُ دُونَ الرَّجُلِ كَانَ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِهِ نِصْفُ الْحَقِّ وَهُوَ الرَّجُلُ وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَقِّ لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ بِالنِّصْفِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ إنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَثَمَانِ نِسْوَةٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسْوَةِ؛ لِأَنَّهُنَّ، وَإِنْ كَثُرْنَ يَقُمْنَ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ فَيَجْعَلُ الرَّاجِعَاتِ كَأَنَّهُنَّ لَمْ يَشْهَدْنَ وَهَذَا سَهْوٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ أَخْمَاسًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَنْصَافًا.

وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَانَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمَا وَجَبَ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِشَاهِدَةٍ بَلْ هِيَ بَعْضُ الشَّاهِدِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

مَا يَلْزَمُ فِي الِابْتِدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَبَعْدَمَا ثَبَتَ شَيْءٌ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ نُسِبَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْبَقَاءِ ثُبُوتُ حِصَّةٍ مِنْهُ بِشَهَادَتِهِ فَتَبْقَى هَذِهِ الْحِصَّةُ مَا بَقِيَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَيَكُونُ مُتْلِفًا لَهَا بِرُجُوعِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِمَا الرُّبْعُ أَثْلَاثًا) ثُلُثَا الرُّبْعِ وَهُوَ سُدُسٌ عَلَى الرَّجُلِ وَثُلُثُ الرُّبْعِ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسٍ عَلَى الْمَرْأَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى ضَمِنَ) أَيْ النِّسْوَةُ التِّسْعُ الرَّاجِعَاتُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ الرَّجُلُ وَالنِّسْوَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ إلَّا بِانْضِمَامِ رَجُلٍ) فَصَارَتْ شَهَادَةُ عَشْرِ نِسْوَةٍ كَشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَصِيرُ شَهَادَةُ عَشْرِ نِسْوَةٍ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ خَمْسَةِ رِجَالٍ فَصَارَ كَأَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا سِتَّةَ رِجَالٍ فَرَجَعُوا جَمِيعًا فَوَجَبَ الضَّمَانُ أَسْدَاسًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: كَانَ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ بِالِاتِّفَاقِ) عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجِ فَعِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْمَالِ وَعِنْدَهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِهِ نِصْفُ الْحَقِّ وَهُوَ الرَّجُلُ) كَمَا لَوْ شَهِدَ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعَ خَمْسَةٌ ثُمَّ لَيْسَتْ إحْدَاهُنَّ أَوْلَى بِضَمَانِ النِّصْفِ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَ آخِرَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا إلَخْ فَلَا سَهْوَ إذْ كَذَا أَفَادَ شَيْخُنَا الْبُرْهَانُ الطَّرَابُلُسِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ:، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْمَبْسُوطِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ شَاهِدٍ فَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى بَعْضِ الْعِلَّةِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>