وَمُحَمَّدٍ فِي الشِّرَاءِ فِيمَا إذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَحْضُرْهُ بَلْ بِالْإِجْمَاعِ يَكُونُ لِلْعَاقِدِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ لِلنَّقْدِ فِيهِ أَثَرًا فِي تَنْفِيذِ الْعَقْدِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُقُوعِهِ لِمَنْ نُقِدَ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَفَرَّقَ هَذَا الْقَائِلُ لِأَبِي يُوسُفَ بِهَذَا الْفَرْقِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَةِ، فَإِذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ يُضَفْ الْعَقْدُ إلَى مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْوَكَالَةُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت لِلْآمِرِ وَقَالَ الْآمِرُ لِنَفْسِك فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَلِلْمَأْمُورِ) مَعْنَاهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْت لَك عَبْدًا وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْتَهُ لِنَفْسِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حَيًّا حِينَ أَخْبَرَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ أَوْ مَيِّتًا، فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِشِرَائِهِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ قَائِمٌ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ إجْمَاعًا مَنْقُودًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَالْمُخْبَرُ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَالثُّبُوتِ يُسْتَغْنَى عَنْ الْإِشْهَادِ فَيُصَدَّقُ كَقَوْلِهِ لِمُطَلَّقَتِهِ رَاجَعْتُك وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَّبَتْهُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ وَبِهَذَا وَقَعَ التَّقَصِّي عَنْ الْوَلِيِّ إذَا أَقَرَّ عَلَى مَوْلِيَّتِهِ بِالنِّكَاحِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ شَرْعًا لِعَدَمِ الشُّهُودِ إذْ هُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشُهُودٍ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إثْبَاتِهِ شَرْعًا بِدُونِ الْإِشْهَادِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا حِينَ أَخْبَرَ فَقَالَ هَلَكَ عِنْدِي بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِإِنْشَاءِ الْعَقْدِ فِيهِ، وَغَرَضُهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَالْآمِرُ مُنْكِرٌ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَقَدْ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَقَالَ الْمَأْمُورُ اشْتَرَيْته لَك وَقَالَ الْآمِرُ لَا بَلْ اشْتَرَيْته لِنَفْسِك، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ عَمَّا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ فَصَحَّ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تُهْمَةٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً أَلْزَمَهَا الْآمِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَفِي ضِمْنِهِ يَكُونُ الْعَبْدُ لِلْآمِرِ تَبَعًا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَتَبَعًا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدًا وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلنَّقْدِ فِيهِ أَثَرًا فِي تَنْفِيذِ الْعَقْدِ) حَتَّى إذَا لَمْ يَنْقُدْ رَأْسَ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ السَّلَمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ مَثَلًا فَقَالَ الْمَأْمُورُ اشْتَرَيْت لَك عَبْدًا) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ وَضْعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَلَى هَذَا، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ صَدَرَ وَالْعَبْدُ هَالِكٌ فَيَكُونُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا صَدَرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا وَالْعَبْدُ حَيٌّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ إلَخْ فَمِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ حَالَ الْمُطَالَعَةِ قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت وَمَاتَ عِنْدِي وَقَالَ الْآمِرُ: اشْتَرَيْتَهُ لِنَفْسِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ يَأْمُرُ الرَّجُلَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ الْمَأْمُورُ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لَك عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهُ فَمَاتَ وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْتَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتَهُ وَمَاتَ عِنْدَك، وَإِنَّمَا اشْتَرَيْته لِنَفْسِك قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ. إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهِيَ مِنْ الْخَوَاصِّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَالثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ وَقَالَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْت وَقَبَضْت وَهَلَكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَرَادَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ كَوْنِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَهُوَ هَالِكٌ فَتَنَبَّهْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) مُعَيَّنًا حَيًّا وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ (الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ) مُعَيَّنًا حَيًّا وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ (الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ) مُعَيَّنًا هَالِكًا وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ (الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ) مُعَيَّنًا هَالِكًا وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ (الْقَوْلُ لِلْآمِرِ) مُنْكِرًا حَيًّا وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ (الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ) مُنْكِرًا حَيًّا وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ (عِنْدَهُ لِلْآمِرِ وَعِنْدَهُمَا لِلْمَأْمُورِ) مُنْكِرًا هَالِكًا وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ (الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ مُنْكِرًا هَالِكًا وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ (الْقَوْلُ لِلْآمِرِ اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَغَرَضُهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَالْآمِرُ مُنْكِرٌ اهـ
(قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ) وَكَذَا وَكِيلُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَمَوْلَى الْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ إلَخْ) بَقِيَ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّمَانِيَةِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَهُوَ هَالِكٌ وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ أَوْ غَيْرُ مَنْقُودٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُمَا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ حُكْمَهُمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute