بِهَا بِمَوَاقِعِهَا، وَالْمُتَعَارَفُ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِالنُّقُودِ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَبَيْعُ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِعَشْرَةٍ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْمُعْتَادِ وَلِهَذَا يَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْفَحَمِ وَالْجَمَدِ بِأَيَّامِ الْحَاجَةِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ هِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمَرِيضِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعُ بِالْعَرَضِ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَلَمْ يُوَكِّلْهُ بِهِ وَلَا بِالْهِبَةِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِقِيمَةٍ وَالْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ أَوْ بِالْعَرَضِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: بِعْهُ وَاقْضِ بِهِ دَيْنِي أَوْ لِلنَّفَقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُتَعَارَفٌ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الثَّمَنِ وَالتَّضَجُّرِ مِنْ الْعَرَضِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا فِي الْعُرْفِ وَلَا فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ يَحْنَثُ بِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ وَالْيَمِينُ تَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ كَالْوَكَالَةِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَلَا الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَا نَظَرَ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ فِي مَرَضِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إبْطَالُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مُتَّهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُتَّهَمُ وَالْمَسَائِلُ الْمُسْتَشْهَدُ بِهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْمُقَايَضَةُ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ شِرَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَبِيعُ مَالَهُ وَيَشْتَرِي مَالَ الْآخَرِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الشِّرَاء لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِلْمُوَكِّلِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمُخَالَفَةِ فِيهِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَكَانَتْ التُّهْمَةُ فِيهِ بَاقِيَةً وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا جَازَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَقَيَّدَ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسِ فِيهَا وَهُوَ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ) أَيْ تَقَيَّدَ شِرَاءُ الْوَكِيلِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ شِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْبَيْعِ يُلَاقِي مِلْكَ نَفْسِهِ وَفِي الشِّرَاءِ مِلْكُ غَيْرِهِ وَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وِلَايَةٌ مُطْلَقَةٌ فَاعْتُبِرَ إطْلَاقُهُ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ وَبِمِثْلِ الْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْمُطْلَقِ إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ قِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالنَّسِيئَةِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالنَّسِيئَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالسَّلَمِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ شَرْحِ بُيُوعِ الْكَافِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ثُمَّ قِيلَ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مُتَعَارَفٌ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ) وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمُوَكِّلِ وَإِقْدَامُ الْوَكِيلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تُهْمَةٍ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الْحَاجَةِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ مُتَعَارَفٌ مَا نَصُّهُ فَالْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ. اهـ. كَافِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا: فَإِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ هَذَا بَيْعٌ رَابِحٌ وَذَاكَ بَيْعٌ خَاسِرٌ وَذَاكَ بَيْعٌ عَدْلٌ فَلَوْلَا أَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَكُونُ بَيْعًا لَمْ يَصِحَّ إطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ) قَالَ فِي الْكَافِي وَالْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَمَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ إلَّا وَيُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ بِالشُّفْعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لَمَّا رَأَى فِيهِ الْخُسْرَانَ أَلْحَقَهُ بِالْآمِرِ حَتَّى لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِأَنْ كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ اهـ فَقَوْلُهُ حَتَّى لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ) نَقَلَ فِي التَّتِمَّةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالسَّلَمِ أَنَّ تَقْيِيدَ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْجَمَدِ وَالْفَحْمِ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ الْإِطْلَاقُ يَعْنِي لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْمَسَائِلُ مَمْنُوعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّوْكِيلَ يَتَقَيَّدُ فَنَقُولُ إنَّمَا يُقَيَّدُ بِدَلَالَةِ الْغَرَضِ لَا بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ شِرَاءِ الْفَحْمِ دَفْعُ ضَرَرِ الْبَرْدِ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالشِّتَاءِ، وَالْغَرَضُ مِنْ شِرَاءِ الْجَمَدِ دَفْعُ ضَرَرِ الْحَرِّ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالصَّيْفِ حَتَّى لَوْ انْعَدَمَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ بِأَنْ وُجِدَ التَّوْكِيلُ مِمَّنْ يَعْتَادُ تَرَبُّصَ الْفَحْمِ كَالْحَدَّادِينَ وَغَيْرِهِمْ أَوْ تَرَبُّصَ الْجَمَدِ كَالْفَقَّاعِينَ وَغَيْرِهِمْ لَا يَتَقَيَّدُ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ تُقَيَّدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ بِالْغَرَضِ لَا بِالْعَادَةِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ خُرُوجُهُ مِنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ الَّذِي يَلْحَقُهُ فِي أَيَّامِ تِلْكَ السَّنَةِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَالْمَسَائِلُ) أَرَادَ بِهَا مَسَائِلَ شِرَاءِ الْفَحْمِ وَالْجَمَدِ وَالْأُضْحِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمُقَايَضَةُ بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ شِرَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إلَخْ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا وَثَمَنًا وَيَفْتَرِقُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْآخَرِ بِدُخُولِ حَرْفِ الْبَاءِ الَّتِي تَصْحَبُ الْأَثْمَانَ فَعَلَى أَيِّهِمَا دَخَلَ الْبَاءُ يُجْعَلُ ذَلِكَ ثَمَنًا وَالْآخَرُ مَبِيعًا، فَإِذَا كَانَ بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ بَيْعًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَنَاوَلَهُ مُطْلَقُ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ. اهـ. غَايَةٌ
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute