للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسَمَاعِهِ الْخُصُومَةَ وَهُوَ سَاكِتٌ فَائِدَةٌ، وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْعِتْقُ بِلَا بَدَلٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ إلَّا إذَا قَالَ: طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِأَيْدِيهِمَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَفْوِيضًا فَيُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَوْ يَكُونُ تَعْلِيقًا فَيُشْتَرَطُ فِعْلُهُمَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَيْئَيْنِ لَا يَنْزِلُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَحْدَهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا طَلْقَةً وَالْآخَرُ طَلْقَتَيْنِ لَا يَقَعُ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ فَرَدُّ أَحَدِهِمَا كَرَدِّهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِاسْتِرْدَادِهَا حَيْثُ لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْبِضَ بِدُونِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهِ مُمْكِنٌ وَلِلْمُوَكِّلِ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ حِفْظَ اثْنَيْنِ خَيْرٌ مِنْ حِفْظِ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ إذْ أَمْرُهُ تَنَاوَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ لَا مُتَفَرِّقَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِثْلُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَاقْتِضَاؤُهُ مِثْلُ اسْتِرْدَادِ الْوَدِيعَةِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِك) أَيْ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ التَّفْوِيضِ إلَيْهِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فِي الْحُقُوقِ حَيْثُ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا نَهْيُهُ عَنْهُ وَيَمْلِكُهُمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِدُونِ رِضَاهُ، فَإِذَا فَوَّضَ إلَيْهِ وَوَكَّلَ كَانَ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَعْزِلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ، وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ نَظِيرُ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي حَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ ثُمَّ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَلَا بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِعَزْلِ الْخَلِيفَةِ لَهُمَا لَكِنْ لَا يَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْقَاضِي الَّذِي وَلَّاهُ هُوَ أَوْ وَلَّاهُ الْقَاضِي بِإِذْنِهِ وَالْمُوَكِّلُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَيَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ بِمَوْتِهِ لِبُطْلَانِ حَقِّهِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فَإِنْ وَكَّلَ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَعَقَدَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بَاعَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ صَحَّ) أَيْ إنْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَعَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ عَقَدَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ جَازَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ حُضُورُ رَأْيِهِ، وَقَدْ حَصَلَ بِهِ وَكَذَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْعِتْقُ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ طَلِّقَا امْرَأَتِي إنْ شِئْتُمَا أَوْ أَرَدْتُمَا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهِمَا فَلَا يَنْزِلُ عِنْدَ مَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِأَيْدِيكُمَا فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرَّأْيَ إلَيْهِمَا لَا إلَى أَحَدِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَحْدَهُ) حَتَّى لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِلَا رَأْيِ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ) وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الرَّأْيِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَيَمْلِكُ نَهْيَ الْوَكِيلِ عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا فُوِّضَ إلَيْهِ وَوُكِّلَ كَانَ الثَّانِي وَكِيلًا) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ، وَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِذَلِكَ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لَا وَكِيلَ الْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ أَوْ عُزِلَ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلَانِ وَلَوْ عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ جَازَ عَزْلُهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِصُنْعِ الْأَوَّلِ وَعَزْلُ الْأَوَّلِ الثَّانِيَ مِنْ صَنِيعِ الْأَوَّلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ وَكَّلَ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَعَقَدَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بَاعَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ صَحَّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ فَأَمَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا بِبَيْعِهِ قَالَ: إنْ بَاعَهُ وَالْوَكِيلُ الْأَوَّلُ حَاضِرٌ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ رَجُلٌ غَيْرُ الْوَكِيلِ فَبَلَغَ الْوَكِيلَ فَسَلَّمَ الْبَيْعَ قَالَ جَائِزٌ. إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ لِمَا وُكِّلَ بِهِ إلَّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُ الَّذِي وَكَّلَهُ أَوْ يُجِيزَ أَمْرَهُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَ الْوَكَالَةِ عَلَى الْخُصُوصِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَهُ وَقْتَ التَّوْكِيلِ: مَا صَنَعْتُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ وَلَمْ يُجِزْ لَهُ مَا صَنَعَ وَلَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِبَيْعِ ذَلِكَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ بَاعَهُ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ جَازَ الْبَيْعُ وَصَارَ كَأَنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ.

وَلَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ حَتَّى يُجِيزَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيلِ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيلِ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَبِغَيْرِ حَضْرَتِهِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَى الثَّانِي فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ إلَى هُنَا لَفْظُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّانِي إلَى قَوْلِهِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَتْنِ فَأَجَازَ صَحَّ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَتَيْ الْوَكِيلِ الثَّانِي وَالْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا لَوْ كَانَ قَوْلُهُ جَازَ رَاجِعًا لِمَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَكَذَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ إلَخْ فَائِدَةً لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَفَادًا مِنْ الْمَتْنِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَقَلَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى عَنْ وَكَالَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَبَاعَ الثَّانِي أَوْ آجَرَ وَالْأَوَّلُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ فَأَجَازَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ جَازَ فَقَدْ شَرَطَ الْإِجَازَةَ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لِلْجَوَازِ، وَإِنْ حَصَلَ الْبَيْعُ أَوْ الْإِجَارَةُ مِنْ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>