للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلِّفَ إحْضَارُهَا لِيُشِيرَ إلَيْهَا بِالدَّعْوَى وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ)؛ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ شَرْطٌ وَذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ بَعْدَ الْإِحْضَارِ فِيمَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ مِنْ الْمَنْقُولِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالرَّحَى حَضَرَهُ الْحَاكِمُ أَوْ بَعَثَ أَمِينَهُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَكَرَ قِيمَتَهَا) أَيْ إنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَنْقُولَاتِ بِأَنْ كَانَتْ هَالِكَةً أَوْ غَائِبَةً ذَكَرَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُقَدَّرِ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالْوَصْفِ وَيُمْكِنُ بِالْقِيمَةِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُدَّعَاةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِصَيْرُورَتِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ ذِكْرُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ فَقَالَ غَصَبَ مِنِّي عَيْنًا كَذَا وَلَا أَدْرِي أَنَّهُ هَالِكٌ أَوْ قَائِمٌ وَلَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَالَ فِي الْكَافِي ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا لَا يَعْرِفُ قِيمَةَ مَالِهِ فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ لَتَضَرَّرَ بِهِ وَعَزَاهُ إلَى الْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ وَإِلَى صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَإِذَا سَقَطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ عَنْ الْمُدَّعِي سَقَطَ عَنْ الشُّهُودِ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَدُ عَنْ مُمَارَسَتِهِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ ادَّعَى عَقَارًا ذَكَرَ حُدُودَهُ)؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَعْرِيفُهُ بِالْإِشَارَةِ لِتَعَذُّرِ نَقْلِهِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَتَعَيَّنَ التَّحْدِيدُ إذْ الْعَقَارُ يُعْرَفُ بِهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

إذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئًا يَتَعَذَّرُ نَقْلُهُ كَالرَّحَى فَالْحَاكِمُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَضَرَ وَإِنْ شَاءَ بَعَثَ أَمِينًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا كَانَ الْعَيْنُ الْمُدَّعَى فِي الْمِصْرِ أَمَّا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ كَيْفَ يَقْضِي الْقَاضِي بِهِ وَالْمِصْرُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنَّ الطَّرِيقَ فِيهِ أَنْ يَبْعَثَ وَاحِدًا مِنْ أَعْوَانِهِ حَتَّى يَسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَيَقْضِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُمْضِي قَضَاءَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ) يَعْنِي إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ أَوْ اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ كُلِّفَ إحْضَارُهَا. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَيَتَعَلَّقُ بِالدَّعْوَى أَيْضًا وُجُوبُ إحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ مَجْلِسَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ مَنْقُولَةً قَائِمَةً فِي يَدِهِ حَتَّى يُشِيرَ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودُ إلَيْهَا أَوْ يُشِيرَ إلَيْهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْلَافِ اهـ

(قَوْلُهُ: ذَكَرَ قِيمَتَهَا) أَيْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي قِيمَتَهَا حَتَّى تَصِحَّ الدَّعْوَى بِوُقُوعِهَا عَلَى مَعْلُومٍ لِأَنَّ عَيْنَ الْمُدَّعَاةِ تَعَذَّرَ مُشَاهَدَتُهَا وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا بِالْوَصْفِ فَاشْتُرِطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا شَيْءٌ تُعْرَفُ الْعَيْنُ الْهَالِكَةُ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَ الْمُقَدَّرِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ بَيَانِ قِيمَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: ذِكْرُ الذُّكُورَةِ) وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ لَتَضَرَّرَ بِهِ) قَالَ الْكَاكِيُّ وَفِي الْمُجْتَبَى قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي مَسْأَلَةِ سَرِقَةِ الْبَقَرَةِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إحْضَارَ الْمَنْقُولِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى إذْ لَوْ شَرْط لأحضرت وَلَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عِنْدَ الْمُشَاهَدَةِ ثُمَّ قَالَ وَالنَّاسُ عَنْهَا غَافِلُونَ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ ادَّعَى عَقَارًا إلَخْ) ذَكَرَ هُنَا فُصُولًا ثَلَاثَةً: الْأَوَّلُ تَحْدِيدُ الْعَقَارِ وَهُوَ بَيَانُ حُدُودِهِ، وَالثَّانِي ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ يُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى أَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فَنَقُولُ إنَّمَا شُرِطَ التَّحْدِيدُ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ وَالْعَقَارُ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِالتَّحْدِيدِ فَاشْتُرِطَ التَّحْدِيدُ حَتَّى تَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى مَعْلُومٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ مَحْدُودٍ لَمْ تَصِحَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْحَاكِمُ عِنْدَ الْأَرْضِ فَيَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهَا وَيُشِيرُ الشُّهُودُ إلَيْهَا بِالشَّهَادَةِ قَالَ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي وَعَلَى الشُّهُودِ الْإِعْلَامُ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ وَأَقْصَى مَا يُمْكِنُ فِي الدَّارِ الْبَلْدَةُ ثُمَّ الْمُحَلَّةُ الَّتِي فِيهَا الدَّارُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ ثُمَّ يُبَيِّنُ حُدُودَ الدَّارِ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ وَأَقْصَى مَا يُمْكِنُ هَذَا وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ أَوَّلًا الِاسْمَ الْعَامَّ وَهُوَ الْبَلْدَةُ ثُمَّ يُبَيِّنُ مَا هُوَ الْأَخَصُّ مِنْهُ وَهُوَ الْمُحَلَّةُ ثُمَّ يُعَرِّفُ بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْمَحَلَّةِ وَهُوَ الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ لِيَحْصُلَ التَّعْرِيفُ وَالْإِعْلَامُ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَبِلَ الْقَاضِي وَقَضَى بِهِ.

وَقَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ فُصُولِهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ الْحَاكِمُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّارُ ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ مِنْ ذِكْرِ السِّكَّةِ فَيَبْدَأُ الْكَاتِبُ بِذِكْرِ الْكُورَةِ ثُمَّ بِذِكْرِ الْمَحَلَّةِ اخْتِيَارًا لِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَعَمِّ ثُمَّ يَنْزِلَ مِنْ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ يَبْدَأُ بِالْأَخَصِّ ثُمَّ بِالْأَعَمِّ فَيَقُولُ دَارٌ فِي سِكَّةِ كَذَا فِي مُحَلَّةِ كَذَا فِي كُورَةِ كَذَا وَقَاسَهُ عَلَى النَّسَبِ حَيْثُ يَقُولُ فُلَانٌ ثُمَّ يَقُولُ ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يَذْكُرُ الْجَدَّ فَيَبْدَأُ بِمَا هُوَ أَقْرَبُ ثُمَّ يَتَرَقَّى إلَى مَا هُوَ الْأَبْعَدُ لَكِنْ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْعَامَّ يُعْرَفُ بِالْخَاصِّ وَلَا يُعْرَفُ الْخَاصُّ بِالْعَامِّ وَفَصْلُ النَّسَبِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَعَمَّ اسْمُهُ، فَإِنَّ جَعْفَرًا فِي الدُّنْيَا كَثِيرٌ، فَإِنْ عُرِفَ وَإِلَّا تَرَقَّى إلَى الْأَخَصِّ فَيَقُولُ ابْنُ مُحَمَّدٍ وَهَذَا أَخَصُّ، فَإِنْ عُرِفَ وَإِلَّا تَرَقَّى إلَى الْجَدِّ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفُصُولِ وَقَالَ هَذَا الْفَصْلَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا ادَّعَى مَحْدُودًا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَبَيَّنَ الْحُدُودَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْمَحْدُودَ مَا هُوَ كَرْمٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ دَارٌ وَشَهِدَ الشُّهُودُ كَذَلِكَ هَلْ تُسْمَعُ وَهَلْ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَحَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا بَيَّنَ الْمِصْرَ وَالْمَحَلَّةَ وَالْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَا يُوجِبُ تَرْكُ بَيَانِ الْمَحْدُودِ جَهَالَةً فِي الْمُدَّعَى وَكَانَ ظَهِيرُ الدَّيْنِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَكْتُبُ فِي جَوَابِ الْفَتْوَى لَوْ سَمِعَ قَاضٍ هَذِهِ الدَّعْوَى تَجُوزُ وَقِيلَ ذِكْرُ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ وَالْمَحَلَّةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكْتُبَ بِأَيِّ قَرْيَةٍ وَبِأَيِّ مَوْضِعٍ لِتَرْتَفِعَ الْجَهَالَةُ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفُصُولِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ عَقَارًا مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ الْعَقَارُ بِالْفَتْحِ الْأَرْضُ وَالضِّيَاعُ وَالنَّخْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>