وَالثَّانِيَةُ إذَا أَدَانَهُ أَجْنَبِيَّانِ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ يَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ عَلَى هَذَا، وَالثَّالِثَةُ عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَآخَرَ عَمْدًا وَلِلْمَقْتُولِ عَمْدًا وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَدُفِعَ بِهِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ، وَالرَّابِعَةُ لَوْ كَانَ الْجَانِي مُدَبَّرًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَدُفِعَتْ قِيمَتُهُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ، وَالْخَامِسَةُ أُمُّ وَلَدٍ قَتَلَتْ مَوْلَاهَا وَأَجْنَبِيًّا عَمْدًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَ السَّاكِتَيْنِ فَيُعْطَى الرُّبْعُ لِشَرِيكِ الْعَافِي آخِرًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِ الْعَافِي أَوَّلًا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِشَرِيكِ الْعَافِي أَوَّلًا وَالثُّلُثُ لِشَرِيكِ الْعَافِي آخِرًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ مَتَى وَجَبَتْ لِحَقٍّ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لِحَقٍّ ثَابِتٍ فِي الْعَيْنِ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْكُلِّ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَوْلِيَّةً وَمَتَى وَجَبَتْ الْقِسْمَةُ لِحَقٍّ ثَابِتٍ عَلَى وَجْهِ التَّمْيِيزِ أَوْ كَانَ حَقُّ أَحَدِهِمَا فِي الْبَعْضِ الشَّائِعِ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي الْكُلِّ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُمَا أَنَّ الْحَقَّيْنِ مَتَى ثَبَتَا عَلَى الشُّيُوعِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْعَوْلِ وَإِنْ ثَبَتَا عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ فِي وَقْتَيْنِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ وَبَيَانِ طُرُقِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَتَخْرِيجِهَا عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ وَتَمَامُ تَفْرِيعِهَا مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا فَهِيَ لِلثَّانِي) أَيْ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِي الْمُدَّعِيَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَتْ كُلُّهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ تَنْصَرِفُ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ لِتَكُونَ يَدُهُ يَدًا مُحِقَّةً لِأَنَّ حَمْلَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ ظَالِمًا بِالْإِمْسَاكِ فَاقْتَصَرَتْ دَعْوَاهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَلَا يَدَّعِي شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَمُدَّعِي الْكُلِّ يَدَّعِي مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ وَمَا فِي يَدِ الْآخَرِ وَلَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِيهِ فَيُقْضَى لَهُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ فَسُلِّمَ لَهُ الْكُلُّ نِصْفُهَا بِالتَّرْكِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْقَضَاءِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ دَابَّةٍ وَأَرَّخَا قُضِيَ لِمَنْ وَافَقَ سِنَّهَا تَارِيخُهُ) لِأَنَّ عَلَامَةَ الصِّدْقِ ظَهَرَتْ فِيمَنْ وَافَقَ تَارِيخُهُ سِنَّهَا فَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ وَفِي الْأُخْرَى ظَهَرَتْ عَلَامَةُ الْكَذِبِ فَيَجِبُ رَدُّهَا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي النِّتَاجِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ حَيْثُ يُحْكَمُ بِهَا لِذِي الْيَدِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا إنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ فَلَهُمَا) أَيْ إنْ أَشْكَلَ سِنُّ الدَّابَّةِ فِي مُوَافَقَةِ أَحَدِ التَّارِيخَيْنِ يُقْضَى لَهُمَا بِهَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى بِهَا مِنْ الْآخَرِ وَهَذَا إذَا كَانَا خَارِجَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَكَذَا إذَا كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْكَلَ الْأَمْرُ سَقَطَ التَّارِيخَانِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُؤَرِّخَا وَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ التَّارِيخَيْنِ بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُ الْفَرِيقَيْنِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بَلْ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَا خَارِجَيْنِ أَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْوَقْتِ لِحَقِّهِمَا وَحَقُّهُمَا هُنَا فِي إسْقَاطِ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ إسْقَاطَ حَقِّهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا ذَكَرَا النِّتَاجَ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَفِيهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَمَا إذَا أَشْكَلَ فِي مُوَافَقَةِ سِنِّهَا أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ عِنْدَهُ أَثْلَاثًا وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا وَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى يَفْدِيهِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا خَمْسَةِ آلَافٍ لِشَرِيكِ الْعَافِي وَعَشْرَةِ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا) سَلَّمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ نِصْفَهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَنِصْفَهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَهَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّارَ فِي أَيْدِيهِمَا وَالْيَدُ مِنْ أَسْبَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّسَاوِي فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ التَّسَاوِي فِي نَفْسِ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَارَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ ثُمَّ دَعْوَى مُدَّعِي النِّصْفِ تَنْصَرِفُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا فِي إمْسَاكِ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَأُمُورُ الْمُسْلِمِينَ يَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى الصَّلَاح مَا أَمْكَنَ وَقَدْ أَقَامَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ النِّصْفِ فَكَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى وَهُوَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي الْجَمِيعِ سُلِّمَ لَهُ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مُدَّعِي النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْجَمِيع وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الْجَمِيعِ لِمُدَّعِي النِّصْفِ لِأَنَّ مُدَّعِي النِّصْفِ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِ النِّصْفِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ انْقَطَعَ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَصَارَ الْحَالُ بَعْدَ الْحَلْفِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الْحَلْفِ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ فَبَعْدَ الْحَلْفِ كَذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ أَشْكَلَ) أَيْ إنْ لَمْ يَظْهَرْ سِنُّ الدَّابَّةِ. اهـ. فِرِشْتَا (قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ التَّارِيخَيْنِ) أَيْ فِي دَعْوَى الْخَارِجَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ فَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ الْوَقْتَيْنِ قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ الصَّحِيحُ أَنْ تَبْطُلَ الْبَيِّنَتَانِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً قَضَيْت بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْوَقْتُ فَصَارَا كَأَنَّهُمَا لَمْ يُوَقِّتَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي اللَّيْثِ الْخُوَارِزْمِيَّ إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ فَالْبَيِّنَتَانِ بَاطِلَتَانِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُهُمَا إلَى هُنَا لَفْظُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورُ وَقَدْ مَرَّ مَرَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute