وَلَيْسَ بِشَيْءٍ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْخَارِجَيْنِ عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ اسْتَوَيَا) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلَانِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَحَدُهُمَا بِالْغَصْبِ وَالْآخَرُ الْوَدِيعَةِ اسْتَوَتْ دَعْوَاهُمَا حَتَّى يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ غَصْبًا بِالْجُحُودِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْوِفَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَالَفَ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ جُحُودٍ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ وَالْكُمِّ) مَعْنَاهُ إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا أَوْ تَنَازَعَا فِي قَمِيصٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ كَانَ الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى مِنْ الْمُتَعَلِّقِ بِاللِّجَامِ وَالْكُمِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا أَظْهَرُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ فَكَانَا صَاحِبَيْ يَدٍ وَالْمُتَعَلِّقُ خَارِجٌ فَكَانَا أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ حَيْثُ تَكُونُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا حُجَّةٌ مُطْلَقًا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَأَمَّا التَّعَلُّقُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَكَذَا التَّصَرُّفُ لَكِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ وَالْيَدُ دَلِيلُ الْمِلْكِ حَتَّى جَازَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ حَتَّى تَقُومَ الْحُجَجُ وَالتَّرَاجِيحُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا عَلَى السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفًا لَهُ كَانَ الرَّاكِبُ أَوْلَى لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ عَلَى السَّرْجِ حَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقًا بِذَنَبِهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكًا بِلِجَامِهَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِهَا لِمَنْ يُمْسِكُ لِجَامَهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّجَامِ غَالِبًا إلَّا الْمَالِكُ بِخِلَافِ التَّعَلُّقِ بِالذَّنَبِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي بِسَاطٍ أَحَدُهُمَا قَاعِدٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِحُكْمِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا لَا بِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ بِهِمَا غَاصِبًا لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا بِالْقُعُودِ عَلَى الْبِسَاطِ وَكَذَا إذَا كَانَا جَالِسَيْنِ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا جَالِسَيْنِ فِي دَارٍ وَتَنَازَعَا فِيهَا حَيْثُ لَا يُحْكَمُ لَهُمَا بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَهُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَاحِبُ الْحِمْلِ وَالْجُذُوعِ وَالِاتِّصَالِ أَحَقُّ مِنْ الْغَيْرِ) فَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَتَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا كَانَ صَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ فَكَانَتْ فِي يَدِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى جَمَاعَةٌ سَفِينَةً وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رَاكِبَهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ بِسُكَّانِهَا وَآخَرُ يُجَدِّفُ فِيهَا وَآخَرُ يَمُدُّهَا فَهِيَ بَيْنَهُمْ إلَّا مَنْ يَمُدُّهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّ الْبَاقِينَ هُمْ الْمُتَصَرِّفُونَ فِيهَا التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ وَلَوْ كَانَ الْحِمْلُ لَهُمَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا وَلَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ مَا فِي الْحِمْلِ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ التَّرْجِيحَ يَقَعُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده فِي مَبْسُوطِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً فَإِنِّي أَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا ذَكَرَ أَيْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ قَالَ قَالُوا مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَوَابِ يَسْتَقِيمُ جَوَابًا لِإِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً لِأَنَّهَا مَتَى كَانَتْ مُشْكِلَةً يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سِنُّ الدَّابَّةِ مُوَافِقًا لِوَقْتِ كُلِّ وَاحِدٍ وَمُخَالِفًا فَلَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَأَمَّا مَتَى كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْقَاضِيَ تَيَقَّنَ بِكَذِبِ شَهَادَةِ كُلِّ فَرِيقٍ وَهَذَا مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَيَمْتَنِعُ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ خُوَاهَرْزَادَهْ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا مَا رَوَى أَبُو اللَّيْثِ الْجَوَابَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ مُشْكِلًا يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْوَقْتَيْنِ لَا يَقْضِي لَهُمَا بِشَيْءٍ وَيَتْرُكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ قَضَاءَ تَرْكٍ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْأَلِفَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً زِيَادَةٌ وَقَعَتْ غَلَطًا مِنْ الْكَاتِبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الشَّكِّ لَا عَلَى سَبِيلِ الْيَقِينِ يَعْنِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْوَقْتَيْنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا فَأَمَّا مَتَى كَانَ مُخَالِفًا لِلْوَقْتَيْنِ بِيَقِينٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُمَا بِشَيْءٍ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ كَمَا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ إذَا خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ الْوَقْتَ بِيَقِينٍ فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ كَذَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ غَصْبًا بِالْجُحُودِ) أَيْ فَصَارَ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ سَوَاءً. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ) أَيْ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الدَّارِ أَحَدُهُمَا سَاكِنُهَا وَالْآخَرُ آخِذٌ بِحَلْقَةِ الْبَابِ إنَّ السَّاكِنَ أَوْلَى وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَا فِي بَعِيرٍ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا كَانَ صَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ يَدًا ظَاهِرَةً وَتَصَرُّفًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى جَازَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْيَدِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا رَاكِبَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ خَارِجَ السَّرْجِ قُضِيَ بِالدَّابَّةِ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ يُقْضَى بِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ فِي السَّرْجِ إلَى هُنَا لَفْظُهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَنَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ الْمُعَلَّى رَجُلَانِ عَلَى دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبٌ فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفٌ فَادَّعَيَا الدَّابَّةَ فَهِيَ لِرَاكِبِ السَّرْجِ فَإِنْ كَانَا فِي السَّرْجِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَعُلِمَ بِمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَجْنَاسِ أَنَّ الدَّابَّةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفَهُ فَالرَّاكِبُ أَوْلَى مِنْ الرَّدِيفِ فَذَاكَ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ الْمُلَّاكَ يَرْكَبُونَ فِي السَّرْجِ وَغَيْرُهُمْ يَكُونُ رَدِيفًا اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّعَلُّقِ بِالذَّنْبِ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَيْرُ الْمَالِكِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ) وَكَذَا النَّوْمُ عَلَى الْبِسَاطِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى الْيَدِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ بِسُكَّانِهَا) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَالسُّكَّانُ ذَنَبُ السَّفِينَةِ لِأَنَّهَا بِهِ تَقُومُ وَتَسْكُنُ اهـ مُغْرِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute