للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهَا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ الْإِعْتَاقُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْآخَرَ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا تَبْطُلُ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ مِثْلِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَكَذَا الْعِتْقُ وَتَوَابِعُهُ لِأَنَّا نَقُولُ ثُبُوتُ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ

أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ وَفِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِخِلَافِ التَّوْأَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَمَا ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِلْآخَرِ ضَرُورَةً ثُمَّ إذَا لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فِي الْأُمِّ قَبْلَ الْبَيْعِ يَرُدُّ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ خَاصَّةً وَلَا يَرُدُّ مَا يَخُصُّ الْجَارِيَةَ بِالْإِجْمَاعِ هُنَا وَذَكَرَ الْفَرْقَ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَبْسُوطِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ فَإِنَّ الْبَائِعَ فِيهَا يَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَهُنَا يَرُدُّ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِعْتَاقِ الْقَاضِي كَذَّبَ الْبَائِعَ فِيمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ حَيْثُ جَعَلَهَا مُعْتَقَةَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فَبَقِيَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا بِخِلَافِ فَصْلِ الْمَوْتِ فَإِنَّ زَعْمَ الْبَائِعِ فِيهِ لَمْ يَبْطُلْ بِشَيْءٍ فَبَقِيَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّهِ إذْ لَمْ يَكُنْ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَيَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَفِي الْإِعْتَاقِ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ ثُمَّ جَعَلَ هُنَا لِلْمَوْلُودِ بَعْدَ الْقَبْضِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ كَالْمَوْلُودِ قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْبَائِعِ بِسَبِيلٍ مِنْ فَسْخِ هَذَا الْبَيْعِ بِالدَّعْوَةِ فَصَارَ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَعْنَى وَفِي الْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا اسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ هُنَا بِالدَّعْوَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُسْتَخْرَجًا مِنْ الْعَقْدِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَرُدُّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ هُنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي فَصْلِ الْمَوْتِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ وَهُوَ يُخَالِفُ الرِّوَايَةَ وَكَيْفَ يُقَالُ يَسْتَرِدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَالْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْجَارِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَبْطُلْ إعْتَاقُهُ بَلْ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَقَطْ بِأَنْ يَقْسِمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِأَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ الْقِيمَةُ بِالْوِلَادَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي) وَهَذَا الْكَلَامُ يَشْمَلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ بِيَقِينٍ وَهُوَ الْمُصَحِّحُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ بِالنِّكَاحِ لِتَيَقُّنِنَا أَنَّ الْعُلُوقَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ الْعُلُوقَ حَادِثٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى يَبْطُلَ فَكَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ إذْ لَا يَقْدِرُ غَيْرُ الْمَالِكِ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَالثَّانِي أَنْ تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْهُ فَحُكْمُهُ أَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُصَحِّحُ فِيهِ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ لِتَصَادُقِهِمَا فِيهِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تَبَعًا لِلْوَلَدِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِاسْتِنَادِ الْعُلُوقِ إلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لِإِمْكَانِهِ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَتُسْتَنَدُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ هُنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ دَعْوَةِ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةِ تَحْرِيرٍ وَدَعْوَةِ شُبْهَةٍ كَالْأَبِ يَدَّعِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَكَذَا الْعِتْقُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَلَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ أَوْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ رَهَنَهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ زَوَّجَهَا أَبْطَلْت جَمِيعَ ذَلِكَ وَرَدَدْتهَا إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِمَّا يَحْمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ صِحَّتِهَا فَلَأَنْ يُنْقَضَ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَمِ الصِّحَّةِ أَصْلًا أَوْلَى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ عَدَمُ ثَبَاتِ النَّسَبِ لِجَوَازِ الِانْفِصَالِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمُغَرَّرِ فَإِنَّهُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْتَوْلَدِ وَأُمُّهُ أَمَةٌ تُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ ذَهَبَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي هَذَا إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَسَمَّاهُ الصَّحِيحَ وَلَكِنْ هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ بِتَصَادُقِهِمَا أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْبَائِعِ لَا يُثْبِتُ كَوْنَ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ وَكَيْفَ يَدَّعِي وَالْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَانَ حَادِثًا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ تَكُونُ دَعْوَاهُ هُنَا دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَيْسَ بِأَهْلِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَفِّذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ) أَيْ فَلَمْ يُعْتِقْ الْوَلَدَ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ هُنَا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ دَعْوَةِ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةِ مِلْكٍ وَدَعْوَةِ شُبْهَةٍ أَمَّا دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ قَوِيَّةٌ تُنَفَّذُ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِ الْمِلْكِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَتُوجِبُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فَسْخَ مَا جَرَى مِنْ الْعُقُودِ إذَا كَانَ مَحِلًّا لِلْفَسْخِ وَيَنْتَظِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْوَطْءِ وَدَعْوَةِ الْمِلْكِ أَنْ لَا يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ وَتُنَفَّذُ فِي الْمِلْكِ وَلَا تُنَفَّذُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ وَلَا تُوجِبُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فَسْخَ مَا جَرَى فِي الْعُقُودِ وَلَا يَنْتَظِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْوَطْءِ وَدَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ كَدَعْوَةِ الْأَبِ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الِابْنِ قَائِمًا فِي الْجَارِيَةِ وَالْوَلَدُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ لِأَنَّ حَقَّ التَّمَلُّكِ ثَبَتَ لَهُ بِحُكْمِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْأَبِ حَقِيقَةً وَلَا حَقُّ مِلْكٍ بَلْ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِحَقٍّ ثَبَتَ لَهُ فِي مَالِ الِابْنِ مُقْتَضَى الدَّعْوَةِ سَابِقًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ كَمَا فِي حَقِيقَةِ الِاسْتِيلَادِ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي مَالِ ابْنِهِ سَابِقًا عَلَى الِاسْتِيلَادِ تَصْحِيحًا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>