للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُولُونَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ثَوْبًا وَثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَيَنْصَرِفُ التَّفْسِيرُ إلَيْهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِي النِّهَايَةِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ الثِّيَابِ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَشَاةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثِّيَابَ وَالْغَنَمَ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ الْعَبِيدِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْسَمُونَ قِسْمَةً وَاحِدَةً وَمَا يُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً تَتَحَقَّقُ فِي أَعْدَادِهَا الْمُجَانَسَةُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَسَّرُ مِنْهُ تَفْسِيرًا لِلْمُبْهَمِ، وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا تُقْسَمُ الْعَبِيدُ كَالْغَنَمِ وَلَا يُقْسَمُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَثَوْبٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا

وَكَذَا لَوْ قَالَ نِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ وَنِصْفُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَنْصَرِفُ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ هَذَا وَنِصْفُ هَذَا إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مُعَيَّنًا، وَبَعْضُهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ قَالَ: نِصْفُ هَذَا الدِّينَارِ وَدِرْهَمٌ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّينَارِ وَيَجِبُ الدِّرْهَمُ كُلُّهُ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَدَانِقٌ وَقِيرَاطٌ فَهُوَ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ شَائِعٌ عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: ٢٥] يَعْنِي مِنْ السِّنِينَ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَاهُ) يَعْنِي التَّمْرَ وَالْقَوْصَرَّةَ وَفُسِّرَ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ غَصَبْتُ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ تَمْرٍ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِدُونِ ظَرْفِهِ فَلَزِمَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ تَمْرًا مِنْ قَوْصَرَّةٍ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَنْزُوعِ، وَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ فِي الْجُوَالِقِ أَوْ فِي السَّفِينَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَتْهُ الدَّابَّةُ فَقَطْ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَنْقُولِ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْمَنُهُمَا وَعَلَى هَذَا - الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الظَّرْفَ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً يُنْظَرْ فَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لَزِمَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهُ لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ خَاصَّةً عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْمَظْرُوفُ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبٍ تَامٍّ إذْ هُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَزِمَاهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ مُتَصَوَّرٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(وَبِخَاتَمٍ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ)؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِسَيْفٍ لَهُ النَّصْلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرٌّ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ الْكُلَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ فَيَقْضِي الْإِبْهَامُ بِالسَّوِيَّةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ) الْقَوْصَرَّةُ وِعَاءُ التَّمْرِ مَنْسُوجٌ مِنْ قَصَبٍ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْهَرَةِ أَمَّا الْقَوْصَرَّةُ فَأَحْسَبُهَا دَخِيلًا وَقَدْ رُوِيَ:

أَفْلَحَ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَوْصَرَّهْ ... يَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّهْ

ثُمَّ قَالَ: وَلَا أَدْرِي صِحَّةَ هَذَا الْبَيْتِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَزِمَاهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، وَالْإِقْرَارُ بِالْغَصْبِ إخْبَارٌ عَنْ نَقْلِهِ إذْ الْغَصْبُ نَقْلٌ وَنَقْلُ الْمَظْرُوفِ لَا يُتَصَوَّرُ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا إلَّا بِنَقْلِ الظَّرْفِ فَصَارَ إقْرَارًا بِغَصْبِهِمَا ضَرُورَةً كَذَا فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ) أَيْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّ مَبْدَأَ الْغَصْبِ مِنْ قَوْصَرَّةٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَنْزُوعِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ كَذَا وَكَذَا أَوْ كَذَا مَعَ كَذَا أَوْ كَذَا بِكَذَا أَوْ كَذَا عَلَيْهِ كَذَا لَزِمَاهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَقْتَضِي إلْصَاقَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَضَمَّهُ إلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَيْهِمَا الْغَصْبُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ كَذَا مِنْ كَذَا أَوْ كَذَا عَلَى كَذَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِانْفِصَالَ وَالتَّمْيِيزَ لَا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهِمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّانِي ظَرْفًا لِلْأَوَّلِ وَوِعَاءً لَهُ لَزِمَاهُ، نَحْوُ: ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ، وَطَعَامٌ فِي سَفِينَةٍ وَحِنْطَةٌ فِي جَوَالِقَ وَتَمْرٌ فِي قَوْصَرَّةٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّا لَا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ نَحْوُ غَصَبْتُكَ دِرْهَمًا فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلظَّرْفِيَّةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا طَعَامٌ فِي الْجُوَالِقَ) كَمَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ الطَّعَامَ فِي الْجُوَالِقِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي السَّفِينَةِ) حَيْثُ يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَقَالَ الْأَتْقَانِيّْ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك كَذَا فِي كَذَا وَالثَّانِي مِمَّا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ لَزِمَاهُ نَحْوُ ثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ وَطَعَامٍ فِي سَفِينَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظْرُوفُهُ فِي حَالِ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَى ظَرْفِهِ ضَرُورَةً. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي: وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ مِائَةَ كُرٍّ حِنْطَةً فِي بَيْتٍ ضَمِنَ الطَّعَامَ وَالْبَيْتَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْغَصْبَ فِي الْبَيْتِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَرَيَانِهِ فَيَضْمَنُ الطَّعَامَ لَا غَيْرُ وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ الْبَيْتَ بِالطَّعَامِ وَلَمْ أُحَوِّلْهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَأُخِذَ بِهِمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ فِي الْحِنْطَةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّقْلِ فَإِذَا قَالَ لَمْ أُحَوِّلْ الطَّعَامَ فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْدَمَا أَقَرَّ فَلَا يُصَدَّقُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِخَاتَمٍ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ) وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ لِرَجُلٍ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ إذَا كَانَا فِيهِمَا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ لِي، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْفَصُّ لِي لَمْ يُصَدَّقْ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الْعَلَّامَةِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا)؛ وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْفَصُّ فِي بَيْعِ الْخَاتَمِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ فَإِذَا تَنَاوَلَهُمَا الِاسْمُ لَزِمَاهُ جَمِيعًا بِالْإِقْرَارِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِسَيْفٍ لَهُ النَّصْلُ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ لِي وَفَصُّهُ لَك هَذَا السَّيْفُ لِي وَحِلْيَتُهُ لَك هَذِهِ الْجُبَّةُ لِي وَبِطَانَتُهَا لَك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ الْكُلُّ لِي فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْمُقَرِّ بِهِ ضَرَرٌ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِالنَّزْعِ وَالدَّفْعِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّزْعِ ضَرَرٌ فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>