وَالْجَفْنُ وَالْحَمَائِلُ)؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّيْفِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْكُلِّ النَّصْلُ حَدِيدَتُهُ وَالْجَفْنُ غِمْدِهِ وَالْحَمَائِلُ غِمْدُهُ وَالْحَمَائِلُ جَمْعُ الْحِمَالَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ عَلَاقَتُهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِحَجْلَةٍ لَهُ الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ)؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَادَةً، وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْبَابِ وَالْحَجْلَةُ بَيْتٌ مُزَيَّنٌ بِالثِّيَابِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْعِيدَانُ جَمْعُ عُودٍ كَالدِّيدَانِ فِي جَمْعِ دُودٍ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ لَزِمَاهُ)؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ حَقِيقَةً فَيَدْخُلُ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ إكَافًا عَلَى حِمَارٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِكَافُ خَاصَّةً دُونَ الْحِمَارِ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ مَذْكُورٌ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْمَغْصُوبِ حِينَ أَخَذَهُ وَغَصْبُ الشَّيْءِ مِنْ مَحَلٍّ لَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا غَصْبَ الْمَحَلِّ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِثَوْبٍ فِي عَشَرَةٍ لَهُ ثَوْبٌ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا؛ لِأَنَّ النَّفِيسَ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةٍ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ ظَرْفًا كَقَوْلِهِ حِنْطَةٌ فِي جَوَالِقَ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: عَشَرَةُ أَثْوَابٍ فِي ثَوْبٍ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوَّلًا أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ عَادَةً وَالْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً إذْ التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا؛ وَلِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لُفَّ فِي ثِيَابٍ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَظْرُوفًا فِي حَقِّ مَا وَرَاءَهُ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا إلَّا الثَّوْبُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ ظَرْفًا لِوَاحِدٍ فَلَغَا آخِرُ كَلَامِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ فِيهِ احْتِيَالًا لِإِيجَابِ الْمَالِ مَعَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّ " فِي " قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْبَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] أَيْ بَيْنَ عِبَادِي فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَقَوْلُهُ النَّفِيسُ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا قَالَ غَصَبْت مِنْهُ كِرْبَاسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابِ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عُرْفًا.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعُنِيَ الضَّرْبُ خَمْسَةً) وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِعُرْفِ الْحِسَابِ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ ارْتِفَاعَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ الْعَدَدِ الْآخَرِ وَلِزُفَرَ أَنَّ حَرْفَ " فِي " تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] أَيْ مَعَهُمْ وَهُوَ الْفَاشِي بَيْنَ الْكَافَّةِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ الْآخَرِ عِنْدَ الْخَوَاصِّ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْحُسَّابُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ فِي أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ فَتَعَيَّنَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ كَالدِّيدَانِ فِي جَمْعِ دُودٍ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ الدُّودُ جَمْعُ دُودَةٍ وَجَمْعُ الدُّودِ دِيدَانٌ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ كَانَ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي لِلظُّرُوفِ يُقَالُ جَعَلْت الدُّرَّةَ فِي الْحِقَّةِ وَالْحِنْطَةَ فِي الْجُوَالِقِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِحَقِيقَتِهِ عَلَى تَوَافُقِ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ يُجْعَلُ الْمِنْدِيلُ ظَرْفًا لِلثَّوْبِ وَإِذَا أَمْكَنَ بِحَقِيقَتِهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فَهَذَا أَقَرَّ بِثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُ ثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ إلَّا بِغَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ مَتَى غَصَبَ الثَّوْبَ دُونَ الْمِنْدِيلِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي الْمِنْدِيلِ فَصَارَ مُقِرًّا بِغَصْبِ ثَوْبٍ وَمِنْدِيلٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّوْبَ وَالْمِنْدِيلَ فَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي عَيْبَةٍ كَانَ مُقِرًّا بِغَصْبِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَعَيْبَةٍ فَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي غَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ كَلِمَةُ فِي حَقِيقَتُهَا لِلظَّرْفِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ عَادَةً) أَيْ فَتُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَتُحْمَلُ كَلِمَةُ فِي عَلَى الْمَجَازِ وَيُجْعَلُ بِمَعْنَى الْبَيْنِ وَالْوَسَطِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ غَصَبْتُ ثَوْبًا مِنْ وَسَطِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] أَيْ بَيْنَ عِبَادِي) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ أَنَّ " فِي " فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مَعَ. اهـ. (قَوْلُهُ مَنْقُوضٌ) مِثْلُ هَذَا عَلَى عَادَةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ حَقِيقَةً يَكُونُ بِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَرَادَ بِهِ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ صَاحِبَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَذْهَبُ زُفَرَ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ اهـ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَوْ بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ بِمَعْنَى مَعَ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْحِسَابَ أَلْزَمْنَاهُ بِخَمْسَةٍ لَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ اهـ وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ زُفَرَ فَلَعَلَّ عَنْ زُفَرَ رِوَايَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " فِي " تُسْتَعْمَلُ لِلظَّرْفِ وَالْعَشَرَةُ لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا لِعَشَرَةٍ أُخْرَى فَلَغَا قَوْلُهُ فِي عَشَرَةٍ وَبَقِيَ قَوْلُهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنَيْتُ هَذِهِ وَهَذِهِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي تُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهَا مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] أَيْ مَعَ عِبَادِي وَلَكِنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُنْصَرَفُ إلَيْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ وَالْقَفِيزُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ، وَإِنْ صَلَحَ ظَرْفًا لِلدِّرْهَمِ لَكِنَّهُ الْتِزَامُ الْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ وَبَيَانُهُ مَا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: إنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَظْرُوفًا فِي شَيْءٍ آخَرَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ قَفِيزُ حِنْطَةٍ فِي دِرْهَمٍ لَزِمَهُ الْقَفِيزُ وَبَطَل الدِّرْهَمُ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا لَهُ
وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ فَرْقُ زَيْتٍ فِي عَشَرَةِ مَخَاتِيمِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الزَّيْتُ، وَالْحِنْطَةُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي فِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute