للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقِرُّ الْعَبْدَ وَسَلَّمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى الْمُقِرِّ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ بِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ عَلَى صِفَةٍ فَيَلْزَمُهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا يَكُونُ كَالثَّابِتِ عِيَانًا وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدُ عَبْدُكَ مَا بِعْتُكَهُ وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا آخَرَ وَسَلَّمْتُهُ إلَيْك وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا أَقَرَّ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا يُبَالَى بِاخْتِلَافِهِمَا وَلَا بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَاتِّحَادِ الْحُكْمِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِغَصْبِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: الْمُقَرُّ لَهُ هِيَ قَرْضٌ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ عَبْدِي مَا بِعْتُكَهُ وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُقِرَّ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ عَلَى صِفَةٍ وَهِيَ سَلَامَةُ الْعَبْدِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِدُونِهَا

وَالرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ أَبِعْكَ هَذَا الْعَبْدَ وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا آخَرَ فَحُكْمُهُ أَنْ يَتَحَالَفَا؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ يُوجِبُ التَّحَالُفَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَزِمَهُ الْأَلْفُ كَقَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقِرُّ الْعَبْدَ لَزِمَهُ الْأَلْفُ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَلَا تَفْسِيرُهُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: إنْ وَصَلَ صُدِّقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ إذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ أَوْ خَمْرٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمَالِ وَبَيَّنَ سَبَبَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ عَبْدٍ مَجْهُولٍ لَا يَجِبُ سَوَاءً كَانَتْ الْجَهَالَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِالِاخْتِلَاطِ بِأَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ أَوْ يَهْلِكُ بِهِ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَجِبُ بِهِ الثَّمَنُ، وَكَذَا ثَمَنُ الْخَمْرِ لَا يَجِبُ وَصَدْرُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَصَارَ بَيَانًا مُغَيِّرًا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ، وَالْمُغَيِّرُ يَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ صَدْرَ كَلَامِهِ لَمَّا كَانَ لِلْوُجُوبِ فَإِتْيَانُهُ فِي آخِرِهِ بِمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ رُجُوعٌ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ مَوْصُولًا كَانَ أَوْ مَفْصُولًا؛ وَلِأَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ ادَّعَى تَأْخِيرَ الثَّمَنِ إلَى شَهْرٍ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي التَّأْجِيلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ حَالًا فَفِي إضَافَةِ الْبَيْعِ إلَى الْمَجْهُولِ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّأْخِيرِ أَبَدًا كَانَ أَوْلَى: بَيَانُهُ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ

فَلَوْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ عَيْنًا لِيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ: الْمَبِيعُ غَيْرُ هَذَا، وَكَذَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى فَلَا يَصِلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

يَأْتِي بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَتْنًا وَشَرْحًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا بِعْتُك عَبْدًا آخَرَ وَسَلَّمْته إلَيْك) أَيْ وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ) أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هِيَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ أَوْ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْ فِي يَدِ الثَّالِثِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَإِنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِيمَا أَقَرَّ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِتَصَادُقِهِمَا كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً وَلَوْ عَايَنَا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَكَذَلِكَ هَذَا، فَأَمَّا إذَا قَالَ الطَّالِبُ الْعَبْدُ عَبْدِي وَإِنَّمَا بِعْتُك عَبْدًا غَيْرَهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَدَلًا عَنْ هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الْعَبْدَ لَا يُسَلِّمُ الْمُقِرُّ لَهُ بَدَلَهُ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْعَبْدُ عَبْدُك وَإِنَّمَا بِعْتُك عَبْدًا غَيْرَهُ وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي وَجَبَ الْأَلْفُ وَاتَّفَقَا عَلَى الْوُجُوبِ

أَمَّا الطَّالِبُ فَلِأَنَّهُ ادَّعَى وُجُوبَ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِسَبَبِ بَيْعِ عَبْدٍ آخَرَ اُشْتُرِيَ مِنْهُ وَقَبَضَهُ وَهُوَ قَدْ أَقَرَّ بِالْوُجُوبِ بَدَلًا عَنْ هَذَا الْعَبْدِ وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ الْعَبْدَ فَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى الْوُجُوبِ وَاخْتَلَفَا فِي جِهَةِ الْوُجُوبِ وَفِي مِثْلِ هَذَا يُقْضَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ فَقَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِفُلَانٍ مِنْ غَصْبٍ وَقَالَ الْآخَرُ لَا مِنْ قَرْضٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ هَذَا الْعَبْدِ ثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا فَصَارَ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً وَلَوْ عَايَنَا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي اُنْقُدْ الثَّمَنَ وَخُذْ الْعَبْدَ صَحَّ فَكَذَلِكَ هَذَا، فَأَمَّا إذَا قَالَ الْعَبْدُ عَبْدُك وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ آخَرَ قَبَضْتَهُ مِنِّي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الْوُجُوبِ وَاخْتَلَفَا فِي جِهَةِ الْوُجُوبِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الْجِهَةِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ مَتَى تَصَادَقَا عَلَى الْوُجُوبِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاخْتِلَافِ الطَّرِيقِ إذَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْحُكْمِ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَبِعْك هَذَا الْعَبْدَ وَالْعَبْدُ عَبْدِي وَإِنَّمَا بِعْتُك عَبْدًا آخَرَ وَقَبَضْتَهُ مِنِّي لَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ الْأَلْفِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَقَرَّ بَدَلًا عَنْ الْعَبْدِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ الْعَبْدُ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْوُجُوبِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَيُسَلَّمُ الْعَبْدُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَبْطُلُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ بِبَيْعِ غَيْرِ هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْمُقِرُّ يَدَّعِي تَسْلِيمَ هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَتَحَالَفَانِ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ ثَالِثٍ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَمْكَنَهُ تَسْلِيمُهُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(قَوْلُهُ وَهُوَ يُوجِبُ التَّحَالُفَ) أَيْ فَإِذَا تَحَالَفَا بَطَلَ الْمَالُ عَنْ الْمُقِرِّ وَالْعَبْدُ سَالِمٌ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ. اهـ. كِي (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَزِمَهُ الْأَلْفُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ فِي تَعْلِيلِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ إقْرَارَهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِضَافَتُهُ إلَى مَبِيعٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ يَقْتَضِي إسْقَاطَهُ فَلَمْ يُصَدَّقْ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ حَالَةَ الْعَقْدِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك ثَمَنَهُ أَوْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا ثُمَّ جُهِلَ، وَهَذَا يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ وَسُقُوطَ الثَّمَنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَمَنْ اعْتَرَفَ بِدَيْنٍ ثُمَّ ادَّعَى سُقُوطَهُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ؛ لِأَنَّ ثَمَنَهُ يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَهُ فَقَدْ أَضَافَ الدَّيْنَ إلَى جِهَةٍ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ بَيَانُهُ أَنَّ الثَّمَنَ إلَخْ) أَيْ بَيَانُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الثَّمَنِ أَبَدًا اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>