للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زِيَادَةَ عَشْرَةٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ عَنْ الْمَشْرُوطِ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ فِيهِ، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَيَجِبُ الْأَجْرُ لِلْمُضَارِبِ، وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْأَجِيرِ يَجِبُ بِتَسْلِيمِ الْمَنَافِعِ وَالْعَمَلِ كَمَا فِي أَجِيرِ الْوَحْدِ، وَقَدْ وُجِدَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ فِي الصَّحِيحَةِ مِنْهَا مَعَ أَنَّهَا فَوْقَهَا فِي إمْضَاءِ حُكْمِهَا وَاسْتِحْقَاقِ الْمُسَمَّى فِيهَا وَالْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَمَانَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي الصَّحِيحَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْعُقُودِ يَأْخُذُ الْحُكْمَ مِنْ الصَّحِيحِ مِنْهَا؛ وَلِأَنَّهُ عَيْنٌ فِي يَدِ أَجِيرِهِ وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَقِيلَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ إجَارَةٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهَذَا الطَّرِيقِ مَا شَاءَ مِنْ الْمَالِ وَالْفَرْقُ لَهُمَا عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ هَذِهِ مُضَارَبَةٌ لَفْظًا وَإِجَارَةٌ مَعْنًى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَلَبَ لِعَمَلِهِ أُجْرَةً فَعَمِلْنَا بِاللَّفْظِ فِي انْتِقَاءِ الضَّمَانِ وَبِالْمَعْنَى فِي حَقِّ وُجُوبِ أَجْرِ مِثْلِهِ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ كَأَجِيرِ الْوَحْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إيجَارِ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ يُفْسِدُهَا وَإِلَّا لَا وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَشَرْطِ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَدِّيًا إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ لَا يُفْسِدُهَا بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَاَلَّذِي يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَرْضَهُ لِيَزْرَعَهَا سَنَةً، أَوْ دَارِهِ لِيَسْكُنَهَا سَنَةً، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ الرِّبْحِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ وَالْبَعْضَ أُجْرَةَ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ وَلَا يَعْلَمُ حِصَّةَ الْعَمَلِ حَتَّى تَجِبَ حِصَّتُهُ وَيَسْقُطُ مَا أَصَابَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ صَحَّ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى جَهَالَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنَّ لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً زِيَادَةً مِنْ الرِّبْحِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَالَ لَا خَيْرَ فِي هَذَا وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ عَقْدٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَمَا أَدَّى إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ كَانَ فَاسِدًا لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَهَذَا الشَّرْطُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْبَحُ إلَّا هَذَا الْقَدْرَ فَلَا يَحْصُلُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرٌ مِثْلُ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ ابْتَغَى لِعَمَلِهِ عِوَضًا فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ ذَلِكَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ زِيَادَةُ عَشْرَةٍ) أَيْ عَنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ الرِّبْحِ اهـ

(قَوْلُهُ لَا يُجَاوِزُ عَنْ الْمَشْرُوطِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَمَا فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ اهـ (قَوْلُهُ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ) أَيْ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ) يَعْنِي يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُضَارِبَ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ إذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ ثُمَّ الْأَجِيرُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إمَّا بِتَسْلِيمِ الْمَنَافِعِ كَمَا فِي أَجِيرِ الْوَحْدِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ وَفِي تَسْلِيمِ نَفْسِهِ تَسْلِيمُ الْمَنَافِعِ وَإِمَّا بِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ كَمَا فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ وُجِدَ تَسْلِيمُ الْمَنَافِعِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا فَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَلَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ الْعَقْدِ فَيَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ كَمَا فِي أَجِيرِ الْوَحْدِ) فِيهِ نَظَرٌ كَذَا بِخَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ) أَيْ إذَا لَمْ يَرْبَحْ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَجِبُ مَا نَصُّهُ فِي الْفَاسِدَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَمَانَةٌ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ كَالْأَجِيرِ فِيهَا فَإِنْ ضَاعَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إلَى هُنَا لَفْظُ الطَّحَاوِيِّ وَقَدْ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ كَمَا تَرَى وَلَمْ يَذْكُرْ الِاخْتِلَافَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَجَعَلَهُ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَجُمْلَةُ الْبَيَانِ هُنَا مَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي فَقَالَ وَلَوْ قَالَ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَلِلْمُضَارِبِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ عَسَى لَا يَرْبَحُ إلَّا مِائَةً وَمَتَى فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ انْقَلَبَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً حَتَّى لَوْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَرَبِحَ مَالًا أَوْ لَمْ يَرْبَحْ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ وَهَلْ يُجَاوِزُ نِصْفَ الرِّبْحِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي شَرِكَةِ الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ أَنَّ الْمَجْمُوعَ يَكُونُ لِلْجَامِعِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ نِصْفَ الْمَجْمُوعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ بِنِصْفِ الرِّبْحِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ، وَلَوْ وُضِعَ الْمَالُ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَقِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِحُكْمِ الْمَالِ وَالْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ أَوْ فَسَدَتْ يَكُونُ أَمَانَةً، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُضَارَبَةً عِنْدَهُ فَقَدْ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا وَلَهُ وِلَايَةُ جَعْلِهِ أَمِينًا وَكَذَا كُلُّ مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ عَمِلَ بِهَا الْمُضَارِبُ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا رِبْحَ لَهُ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ إلَى هُنَا لَفْظُ شَرْحِ الْكَافِي انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مَضْمُونَةٍ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَهُمَا عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ الْمُضَارِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَنَّ هَذِهِ) أَيْ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ) أَيْ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ إجَارَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى فَيَكُونُ الْمَالُ مَضْمُونًا عِنْدَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ صَحَّ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ) قَالَ مُحَمَّدٌ فِيمَنْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>