للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَفْسُدُ بِسَبَبِهِ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ أَوْ يَعْتِقُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْعِتْقِ فَيُمْتَنَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْمُرَادُ مِنْ ظُهُورِ الرِّبْحِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي جُمْلَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ الْعَيْنِ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ أَقَلَّ لَا يَظْهَرُ مِلْكُ الْمُضَارِبِ فِيهِ بَلْ يُجْعَلُ مَشْغُولًا بِرَأْسِ الْمَالِ حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا وَصَارَ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، أَوْ أَقَلُّ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ، أَوْ أَكْثَرُ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ، أَوْ أَقَلُّ فَاشْتَرَاهُمْ لَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى تَزِيدَ قِيمَةُ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ غَيْرِ ضَمِّهِ إلَى آخَرَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَضَمِنَ إنْ فَعَلَ) أَيْ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ إنْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا الْعَبْدَ لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ بِالنَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ صَحَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى زِيَادَةٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذْ لَا مِلْكَ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَشْغُولًا بِرَأْسِ الْمَالِ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِلْمُضَارَبَةِ فَيَجُوزُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ ظَهَرَ عَتَقَ حَظُّهُ) أَيْ إنْ ظَهَرَ الرِّبْحُ فِي الْمُشْتَرَى بَعْدَ الشِّرَاءِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ، ثُمَّ زَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ بَعْضَ قَرِيبِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّ الْمَالِ)؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ بِسَبَبِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ فَصَارَ كَمَا إذَا وَرِثَهُ مَعَ غَيْرِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَسَعَى الْمُعْتَقُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ)؛ لِأَنَّهُ اُحْتُبِسَتْ مَالِيَّتُهُ عِنْدَهُ فَيَضْمَنُهَا كَالْعَبْدِ الْمَوْرُوثِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَبُوهُ وَفِي الْكَافِي لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ وَنِصْفُهُ بِمَالِهِ صَحَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا النِّصْفَ لَا رِبْحَ فِيهِ فَلَمْ يَثْبُتْ الْعِتْقُ فِيهِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ الْعِتْقُ فِيهِ حُكْمًا لِمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَصِرْ مُخَالِفًا، وَالشَّرِيكُ فِي هَذَا وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ كَالْمُضَارِبِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَبْدًا هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ نَفَذَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ لِلصَّغِيرِ عَبْدًا هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ، أَوْ الْمَعْتُوهِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّمَا يَنْفُذُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِيهِ لِلصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَوْلَى يَصِحُّ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ عَتَقَ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى أَمْ لَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (مَعَهُ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ)

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ ظُهُورِ الرِّبْحِ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي الْحَوَاشِي الْآتِيَةِ وَفِي الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَضَمِنَ إنْ فَعَلَ) أَيْ ضَمِنَ الْمُضَارِبُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَوْ عَلَيْهِ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ الْحُكْمَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَلْ أَخَّرَهُ إلَى هُنَا اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ فَصَارَ كَمَا إذَا وَرِثَهُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَتْ ابْنَ زَوْجِهَا فَمَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَخًا لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ لِلْأَخِ لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ فَكَذَا هُنَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَسَعَى الْمُعْتَقُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ) أَيْ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْعَبْدِ وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَنَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَعَهُ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ) صُورَتُهَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا فَوَطِئَهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ زَادَ الْغُلَامُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْس مِائَةٍ وَالرَّجُلُ الْمُدَّعِي مُوسِرٌ قَالَ إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ اسْتَسْعَى الْغُلَامَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ الْغُلَامَ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا ضَمِنَ الْمُدَّعِي نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ وَالْمُدَّعِي مُوسِرٌ أَيْ الْمُدَّعِي لِلْوَلَدِ وَهُوَ الْمُضَارِبُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِيَسَارِهِ نَفْيًا لِشُبْهَةٍ تَرِدُ بِأَنْ يُقَالَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمُضَارِبُ نَصِيبَ رَبِّ الْمَالِ إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعِتْقِ يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَلَكِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ نُفُوذَ الْعِتْقِ بِمَعْنًى حُكْمِيٍّ لَا صُنْعَ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ

اعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى أَلْفٍ فَدَعْوَةُ الْمُضَارِبِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْوَالِدِ وَالْأُمِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ وَانْتَفَى الْحَدُّ لِاحْتِمَالِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الثَّانِي وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَصْلًا وَيَضْمَنُ الْعُقْرَ فَيَكُونُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنَافِعِ فَصَارَ كَالْكَسْبِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ وَالْوَلَدَ؛ لِأَنَّهُمَا مَالُ الْمُضَارَبَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ فَيُعْتَبَرُ رَأْسُ الْمَالِ فِي كُلِّ عَبْدٍ فَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجُوزُ قِسْمَةُ الرَّقِيقِ فَتُجْعَلُ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ كَعَبْدٍ وَاحِدٍ فَيَظْهَرُ الرِّبْحُ فَمَلَكَ الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى زَادَ الْغُلَامُ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ نَفَذَتْ الدَّعْوَةُ السَّابِقَةُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي الظَّاهِرِ حَمْلًا لَهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَهُوَ فِرَاشُ النِّكَاحِ لَكِنَّهَا لَمْ تَنْفُذْ لِعَدَمِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُمَا مَشْغُولَانِ بِرَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَهْلَكَ أَحَدُهُمَا فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ

فَإِذَا وُجِدَ الْمِلْكُ بِظُهُورِ الرِّبْحِ نَفَذَتْ الدَّعْوَةُ وَعَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى الْمُضَارِبِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَيْسَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَضْلٌ فَالرِّبْحُ لَا يَظْهَرُ فِيهِمَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنْ صَارَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>