للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَرَرٌ فَوْقَ ضَرَرِ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِذْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْإِذْنُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَخَفَّ ضَرَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ عَطِبَتْ بِالْإِرْدَافِ ضَمِنَ النِّصْفَ) وَلَا مُعْتَبَرَ بِالثِّقَلِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ قَدْ يَعْقِرُهَا الرَّاكِبُ الْخَفِيفُ وَيَخِفُّ عَلَيْهَا رُكُوبُ الثَّقِيلِ لِعِلْمِهِ بِالْفُرُوسِيَّةِ وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ فَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالْوَزْنِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْعَدَدِ كَالْجُنَاةِ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ بِحَيْثُ تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الرَّدِيفُ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِقَدْرِ ثِقْلِهِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَقَوْلُهُ عَطِبَتْ بِالْإِرْدَافِ تَقْيِيدُهُ بِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا حَمَلَهُ الرَّاكِبُ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ ثِقْلَ الرَّاكِبِ مَعَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ يَجْتَمِعَانِ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَالَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ إذَا هَلَكَتْ بَعْدَ مَا بَلَغَتْ مَقْصِدَهُ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ، ثُمَّ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ وَإِنْ شَاءَ الرَّاكِبَ فَالرَّاكِبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَالرَّدِيفُ يَرْجِعُ إنْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا وَإِلَّا فَلَا

. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى الْحِمْلِ الْمُسَمَّى مَا زَادَ) أَيْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ عَطِبَتْ بِالْإِرْدَافِ ضَمِنَ النِّصْفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَفَّ أَوْ أَثْقَلَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كُلَّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ وَفِي مِثْلِهِ لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ وَهَا هُنَا وُجِدَ إرْكَابُ الْغَيْرِ مَعَ رُكُوبِ نَفْسِهِ فَرُكُوبُهُ بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ زِيَادَةَ ضَمَانٍ عَلَى ضَمَانِ الْإِرْكَابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجِبَ نُقْصَانَ ضَمَانٍ مِنْهُ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَهَا هُنَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ قُلْنَا إنَّمَا يَنْتَفِي الْأَجْرُ عِنْدَ وُجُودِ الضَّمَانِ إذَا مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَجْرَ فِي مِلْكِهِ وَهَا هُنَا لَمْ يَمْلِكْ بِهَذَا الضَّمَانِ شَيْئًا مِمَّا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ نَفْسِهِ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا شَغَلَهُ غَيْرُهُ وَلَا أَجْرَ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الضَّرَرَ فِي الدَّابَّةِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ ثِقْلِ الرَّاكِبِ وَخِفَّتِهِ فَلِهَذَا تَوَزَّعَ الضَّمَانُ نِصْفَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَمَّا سَأَلَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ مَلَكَ نِصْفَ الدَّابَّةِ مِنْ حِينِ ضَمِنَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ، وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَفِي مِثْلِهِ لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ يَجِبُ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ أَنَّهُ إذَا أَرْكَبَ غَيْرَهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي الْكُلِّ، وَإِذَا رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ فِيمَا شَغَلَهُ بِنَفْسِهِ مُخَالِفٌ فِيمَا شَغَلَهُ بِغَيْرِهِ. اهـ. دِرَايَةٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَتْلَفُ بِالثِّقَلِ) بَلْ بِالْجَهْلِ بِالرُّكُوبِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْعَدَدِ) أَيْ عَدَدُ الرَّاكِبِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ إلَّا أَنَّ رُكُوبَ أَحَدِهِمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَرُكُوبُ الْآخَرِ لَيْسَ بِمَأْذُونِ فِيهِ فَيَضْمَنُ النِّصْفَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا حَمَلَ مَعَ نَفْسِهِ مَتَاعًا فَهَلَكَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ مِنْ الثِّقَلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْأَمْتِعَةِ الثِّقَلُ فَيَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ مِنْ الثِّقَلِ وَلَيْسَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُوزَنُ الرَّجُلُ وَالْمَحْمُولُ حَتَّى يُعْرَفَ قَدْرُ مَا زَادَ عَلَى رُكُوبِهِ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا تُعْرَفُ بِالْقَبَّانِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فَيُسْأَلُونَ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ بِأَيِّ قَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى رُكُوبِهِ فِي الثِّقَلِ لَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ يَرْكَبْ عَلَى الْحَمْلِ فَأَمَّا إذَا رَكِبَ عَلَى الْحِمْلَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ ثِقْلُ الْحَمْلِ وَالرَّاكِبِ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَصِيرُ أَدَقَّ لِلدَّابَّةِ اهـ

(قَوْلُهُ كَالْجُنَاةِ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ) الْجُنَاةُ جَمْعُ الْجَانِي كَالْبُغَاةِ جَمْعُ الْبَاغِي وَالْقُضَاةُ جَمْعُ الْقَاضِي اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فَيُعْتَبَرُ عَدَدُ الرَّاكِبِ وَلَا يُعْتَبَرُ الثِّقْلُ وَالْخِفَّةُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْجِرَاحَةِ كَثْرَتُهَا وَقِلَّتُهَا بَلْ يُعْتَبَرُ عَدَدُ الْجُنَاةِ حَتَّى إذَا جَرَحَ أَحَدُهُمَا جِرَاحَةً وَاحِدَةً وَالْآخَرُ سَبْعَ جِرَاحَاتٍ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَنْصَافًا اهـ يَعْنِي إذَا جَرَحَ وَاحِدٌ إنْسَانًا جِرَاحَةً وَاحِدَةً خَطَأً وَالْآخَرُ جِرَاحَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ خَطَأً فَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ ذَلِكَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا أَنْصَافًا فَكَذَلِكَ هُنَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ مَنْ رَكِبَ لَا الثِّقَلُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا) لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إتْلَافَهَا اهـ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي) أَيْ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ اهـ

(قَوْلُهُ إذَا هَلَكَتْ بَعْدَ مَا بَلَغَتْ مَقْصِدَهُ) أَيْ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ وَجَبَ مُقَابَلًا بِالْمَنَافِعِ، وَقَدْ حَصَلَتْ مُسْتَوْفَاةً اهـ ق (قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إلَخْ) عَزَاهُ الْأَتْقَانِيُّ لِلذَّخِيرَةِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ مَا نَصُّهُ فِي التَّضْمِينِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَهَذَا إذَا أَرْدَفَهُ حَتَّى صَارَ الْأَجْنَبِيُّ كَالتَّابِعِ لَهُ فَأَمَّا إذَا أَقْعَدَهُ فِي السَّرْجِ صَارَ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ يَدَهُ عَنْ الدَّابَّةِ وَأَوْقَعَهَا فِي يَدٍ مُتَعَدِّيَةٍ فَصَارَ ضَامِنًا وَالْأَجْرُ لَا يُجَامِعُ الضَّمَانَ إلَى هُنَا لَفْظُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَاءِ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي شَرْحِ الْكَافِي. اهـ ق. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ الرَّاكِبُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ اهـ (قَوْلُهُ وَالرَّدِيفُ يَرْجِعُ) أَيْ عَلَى الرَّاكِبِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِالزِّيَادَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْكَافِي الَّذِي هُوَ مَبْسُوطُهُ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ حِنْطَةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَفَاوَتُ فِي حَقِّ الْحَمْلِ وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَ عَشْرَ مَخْتُومًا مِنْ حِنْطَةٍ فَبَلَغَتْ الْمَكَانَ الَّذِي سَمَّاهُ، ثُمَّ عَطِبَتْ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ كَامِلًا وَعَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِقَدْرِ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِ الْكُلِّ وَبَعْضُهُ مَأْذُونٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فَيَسْقُطُ حِصَّةُ الْحَمْلِ الْمَأْذُونِ وَيَجِبُ حِصَّةُ الْبَاقِي وَلِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>