للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِتْلَافِ مُتَعَدِّيًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَذْلِ الْمَنْفَعَةِ بَلْ هُوَ جُزْءُ الْأُمِّ فَيَضْمَنُهُ عِنْدَ التَّعَدِّي كَالْأُمِّ، وَلِهَذَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْغَاصِبُ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ، وَلَوْ آجَرَ الْعَبْدَ كَانَ الْأَجْرُ لَهُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ وَجَدَهُ رَبُّهُ أَخَذَهُ) أَيْ لَوْ وَجَدَ مَوْلَى الْعَبْدِ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْأُجْرَةِ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ التَّقَوُّمِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْمَسْرُوقِ بَعْدَ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ يَبْقَ مُتَقَوِّمًا حَتَّى لَا يُضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ وَيَبْقَى الْمِلْكُ فِيهِ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمَالِكُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ قَبْضُ الْعَبْدِ أَجْرَهُ) أَيْ وَلَوْ قَبَضَ الْعَبْدُ أُجْرَتَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ قَبْضُهُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَتَصَرُّفُهُ نَفْعٌ مَحْضٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي عَبْدٍ غَيْرِ مَغْصُوبٍ فَصَحَّ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ النَّافِعِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ آجَرَ عَبْدَهُ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ شَهْرًا بِأَرْبَعَةٍ وَشَهْرًا بِخَمْسَةٍ صَحَّ وَالْأَوَّلُ بِأَرْبَعَةٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا شَهْرًا بِأَرْبَعَةٍ انْصَرَفَ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ تَحَرِّيًا لِلصِّحَّةِ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ فِي حَقِّ الْإِجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ الْيَمِينِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا لِأَنَّ تَنْكِيرَهَا مُفْسِدٌ فَيَتَعَيَّنُ عَقِيبَهَا، فَإِذَا انْصَرَفَ الْأَوَّلُ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ انْصَرَفَ الثَّانِي إلَى مَا يَلِي الشَّهْرَ الْأَوَّلَ وَتَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْأَوْقَاتِ إلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي إبَاقِ الْعَبْدِ وَمَرَضِهِ حُكِّمَ الْحَالُ) مَعْنَاهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا شَهْرًا مَثَلًا، ثُمَّ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ أَبَقَ أَوْ مَرِضَ فِي الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى ذَلِكَ أَوْ أَنْكَرَ إسْنَادَهُ إلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَقَالَ أَصَابَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنِي بِسَاعَةٍ يُحَكَّمُ الْحَالُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْحَالُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، وَوُجُودُهُ فِي الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ فِي الْمَاضِي فَيَصْلُحُ الظَّاهِرُ مُرَجِّحًا، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ حُجَّةً كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ مَاءِ الطَّاحُونَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَظَاهِرٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا دَفْعُ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِلْمُؤَجِّرِ فَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ وَهُوَ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ يَشْهَدُ عَلَى بَقَائِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا بِمُجَرَّدِ الظَّاهِرِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ أَقَرَّ بِالْوُجُوبِ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْإِنْكَارُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَعَرَّضًا لِنَفْيِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَلَهَا وَلَدٌ فَقَالَتْ أَعْتَقَنِي قَبْلَ وِلَادَتِهِ فَيَكُونُ حُرًّا تَبَعًا لِي، وَقَالَ الْمَوْلَى أَعْتَقْتُك بَعْدَهَا فَلَا يَعْتِقُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ وَاخْتَلَفَا فِي بَيْعِ الثَّمَرِ مَعَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ فِي يَدِهِ الثَّمَرُ، وَهَذَا كُلُّهُ تَحْكِيمٌ لِلْحَالِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ فِي الْقَمِيصِ وَالْقَبَاءِ وَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَالْأَجْرِ وَعَدَمِهِ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَالصَّانِعِ فِي الْمَخِيطِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ أَمَرْتُك أَنْ تَعْمَلَهُ قَبَاءً، وَقَالَ الْخَيَّاطُ قَمِيصًا أَوْ فِي لَوْنِ الصَّبْغِ بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَمَرْتُك أَنْ تَصْبُغَهُ أَحْمَرَ فَصَبَغْته أَصْفَرَ، وَقَالَ الصَّبَّاغُ بَلْ أَمَرْتنِي بِصَبْغِهِ أَصْفَرَ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ عَمِلْته لِي بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَقَالَ الصَّبَّاغُ بِأَجْرٍ كَانَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَوْ آجَرَ) أَيْ الْغَاصِبُ. اهـ. (قَوْلَهُ كَانَ الْأَجْرُ لَهُ) أَيْ لَا لِلْمَالِكِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَكْلِ بِالِاتِّفَاقِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ آجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ اهـ كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَصَحَّ قَبْضُ الْعَبْدِ أَجْرَهُ) وَفَائِدَةُ هَذَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ خُرُوجِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَجْرِ فَإِنَّ الْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَتِهِ يَحْصُلُ بِأَدَائِهِ إلَى الْعَبْدِ فِيمَا إذَا آجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَأَمَّا إذَا آجَرَهُ الْمَوْلَى فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وِلَايَةُ قَبْضِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا بِوَكِيلٍ عَنْ الْعَاقِدِ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ اهـ مِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ

(قَوْلُهُ تَحَرِّيًا) أَيْ طَلَبًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَانْصَرَفَ الثَّانِي إلَى مَا يَلِي الشَّهْرَ الْأَوَّلَ) أَيْ لَوْ عَمِلَ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اسْتَحَقَّ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَلَوْ عَمِلَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ شَهْرَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ وَشَهْرًا بِخَمْسَةٍ فَالْأَوَّلَانِ بِدِرْهَمَيْنِ. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي إبَاقِ الْعَبْدِ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا لَهُ شَهْرًا بِدِرْهَمَيْنِ فَقَبَضَهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ جَاءَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَهُوَ آبِقٌ أَوْ مَرِيضٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَبَقَ حِينَ أَخَذْتُهُ، وَقَالَ الْمُؤَاجِرُ مَا كَانَ ذَلِكَ إلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِسَاعَةٍ قَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ جَاءَ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَبَقَ حِينَ أَخَذْته أَوْ مَرِضَ حِينَ أَخَذْته وَكَذَّبَهُ الْمُؤَاجِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَاجِرِ. إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُبَيْلَ بَابِ الِاخْتِلَافِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَنَخْتِمُ الْبَابَ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ إجَارَةِ الرَّقِيقِ مِنْ شَرْحِ الْكَافِي قَالَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ عَبْدًا لِيَخْدُمَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ الْمُعْتَادَةَ مَعْلُومَةٌ وَوَقْتَهَا مَعْلُومٌ فَصَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ مِنْ السَّحَرِ إلَى أَنْ يَنَامَ النَّاسُ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنَّمَا يَخْدُمُهُ كَمَا يَخْدُمُ النَّاسَ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ فِيهِ إلَى الْخِدْمَةِ هَذَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَنَامُونَ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَيَنْتَبِهُونَ قَرِيبًا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَحْتَاجُ الْأَجِيرُ إلَى أَنْ يَقُومَ قَبْلَهُ لِيُهَيِّئَ لَهُ أَسْبَابَ الْوُضُوءِ وَيُوقِدَ النَّارَ وَالسِّرَاجَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَيَّدْنَاهُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ) أَيْ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت الْأَشْجَارَ دُونَ الثِّمَارِ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ اشْتَرَيْتهَا مَعَ الثِّمَارِ قَالُوا يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الثِّمَارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّبَّاغُ بَلْ أَمَرْتنِي بِصَبْغِهِ أَصْفَرَ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>