آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَإِمَّا بِأَنْ يُقَامَ التَّرْكُ الْمَوْجُودُ مِنْهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ مَقَامَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمَوْلَى وَهُوَ الْأَدَاءُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ. - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ لَا وَفَاءَ سَعَى كَأَبِيهِ عَلَى نُجُومِهَا وَإِذَا أَدَّى حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَكَسْبُهُ كَكَسْبِهِ فَيَخْلُفُهُ فِي الْأَدَاءِ وَصَارَ أَدَاؤُهُ كَأَدَاءِ أَبِيهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً مَعَ الْوَلَدِ وَفِي الْكَافِي لَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَمَاتَتْ وَبَقِيَ الْوَلَدُ بَقِيَ خِيَارُهُ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا، وَإِذَا أَجَازَ يَبْقَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ وَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَالِدِ فِي الْكِتَابَةِ إذَا كَانَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ وَأُمُّهُ لَمْ تَصِرْ مُكَاتَبَةً بَعْدُ وَلَهُمَا أَنَّ فِي إبْقَاءِ الْعَقْدِ فَائِدَةً بِأَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى وَيَقُومُ الْوَلَدُ مَقَامَهَا وَيَنْفُذُ الْعَقْدُ فِي حَقِّ الْأُمِّ بِنَفَاذِهِ فِي حَقِّ الْوَلَدِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الِانْعِقَادِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى عَجَّلَ الْبَدَلَ حَالًّا أَوْ رُدَّ رَقِيقًا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يُؤَدِّيهِ عَلَى نُجُومِهِ؛ لِأَنَّهُ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ فَيَسْعَى عَلَى نُجُومِهِ كَالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَتِهِ حَتَّى جَازَ لِلْمَوْلَى إعْتَاقُهُ كَمَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَكْسَابِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَجَلَ يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ الْعَقْدِ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ إلَيْهِ الْعَقْدَ وَلَمْ يَسْرِ حُكْمُهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَقْتَ الْكِتَابَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِفَوَاتِ الْمَتْبُوعِ، وَلَكِنْ إذَا عَجَّلَ وَأَعْطَى مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاؤُهُ بَعْدَ الْمُكَاتَبَةِ فَيَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ وَيَسْعَى عَلَى نُجُومِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ الْمَوْلُودَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ مِنْ امْرَأَةٍ لَهُ أَمَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَائِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فَمَاتَ وَتَرَك وَفَاءً وَرِثَهُ ابْنُهُ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ حُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونَانِ حُرَّيْنِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا عَنْ ابْنٍ حُرٍّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ وَابْنُهُ مُكَاتَبَيْنِ كِتَابَةً وَاحِدَةً) يَعْنِي يَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِذَا حُكِمَ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ حُكِمَ بِعِتْقِ الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ضَرُورَةَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَيَصِيرُ حُرًّا مَاتَ عَنْ ابْنٍ حُرٍّ وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ حُرًّا وَمَوْلُودًا فِي الْكِتَابَةِ وَمُكَاتَبًا مَعَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَوَصِيًّا يَرِثُهُ أَوْلَادُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْعُرُوضِ دُونَ الْعَقَارِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعُرُوضِ مِنْ الْحِفْظِ دُونَ الْعَقَارِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ مَاتَ الْحُرُّ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ لَا يَرِثَانِهِ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ كِتَابَةِ أَبِيهِ فَلَا يَظْهَرُ الْإِسْنَادُ فِي حَقِّهِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مِنْ حُرَّةٍ وَدَيْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِمُكَاتَبَتِهِ فَجَنَى الْوَلَدُ فَقُضِيَ بِهِ عَلَى
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ مَقَامَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمَوْلَى) فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فِي حَيَاتِهِ يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَوْ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ، قُلْنَا: ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ لِضَرُورَةِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ لَا يُعَدُّ وَمَوْضِعُهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ إحْصَانِهِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ مَعَ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَالْحُرِّيَّةُ هُنَا تَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَمَا ثَبَتَ بِالِاسْتِنَادِ ثَبَتَ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْكَافِي لَوْ كَاتِبْ أَمَتَهُ إلَخْ) وُضِعَ فِي خِيَارِ الْمَوْلَى إذْ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ مَوْتُهَا بِمَنْزِلَةِ قَبُولِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يُورَثُ مِنْ الْحُرِّ فَكَيْفَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ لَكِنَّهَا كَمَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ وَعَجَزَتْ عَنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ سَقَطَ خِيَارُهَا مِنْ الْحَقَائِقِ اهـ ابْنُ فِرِشْتَا.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ) أَيْ تَبَعًا اهـ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي كِتَابَتِهِ) أَيْ عَلَى حُكْمِ أَبِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ حُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْإِعْتَاقِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كِتَابَةٌ وَاحِدَةٌ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُكَاتَبَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يَرِثُهُ ابْنُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَقْصُودًا بِالْكِتَابَةِ فَإِنَّمَا يَعْتِقُ مِنْ وَقْتِ أَدَاءِ الْبَدَلِ مَقْصُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّهِ هَاهُنَا فَكَانَ عَبْدًا عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَلَا يَرِثُهُ اهـ كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مِنْ حُرَّةٍ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَتَرَكَ وَلَدًا حُرًّا فَهُوَ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ مَا لَمْ يَخْرُجْ الدَّيْنُ فَتُؤَدِّي الْمُكَاتَبَةُ، فَإِذَا أَدَّيْت رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِمَا عَقَلُوا عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّيْنِ فَاخْتَصَمَ مَوَالِي الْأَبِ وَمَوَالِي الْأُمِّ فِي مِيرَاثِهِ فَقَضَى بِهِ لِمَوَالِي الْأُمِّ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ فَإِنْ خَرَجَ الدَّيْنُ كَانَ مِيرَاثًا لِلْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْحَاكِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَرَّرَ الْقَاضِي حُكْمَ الْكِتَابَةِ حَيْثُ قَضَى بِالْعَقْلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ مِنْ مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ وَالْقَضَاءُ بِتَقْرِيرِ حُكْمِ الْكِتَابَةِ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِفَسْخِهَا وَلَكِنْ إلْحَاقُ الْوَلَاءِ بِمَوَالِي الْأُمِّ لَا بِسَبِيلِ الِاسْتِقْرَارِ بَلْ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَعْتِقَ الْأَبُ فَيَجُرَّ الْوَلَاءَ إلَى مَوَالِيهِ.
فَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ وَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ انْتَقِلْ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ وَلَمْ يَرْجِعْ مَوَالِي الْأُمِّ بِمَا عَقَلُوا عَلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَأَمَّا إذَا مَاتَ الِابْنُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ فَاخْتَصَمَ مَوَالِي الْأَبِ وَمَوَالِي الْأُمِّ فِي مِيرَاثِهِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ خُصُومَتَهُمْ وَقَعَتْ فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَانْتِقَاضِهَا وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوَلَاءُ لِأَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ إلَّا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إنْ بَقِيَتْ وَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ وَعَتَقَ الْأَبُ كَانَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِيهِ وَإِنْ انْتَقَضَتْ كَانَ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَمَوَالِي الْأُمِّ يَقُولُونَ انْتَقَضَتْ حَيْثُ