للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيه وَلَا يَسْتَخْلِفُ بِالْكَلَامِ بَلْ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ حَتَّى جَاوَزَ هَذَا الْحَدَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ صُفُوفٌ مُتَّصِلَةٌ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ لِمَوَاضِعِ الصُّفُوفِ حُكْمَ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الصَّحْرَاءِ وَلَهُمَا أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُمْ بِنَفْسِ الِانْحِرَافِ لَكِنْ فِي الْمَسْجِدِ ضَرُورَةٌ وَلَا ضَرُورَةَ خَارِجَهُ. وَلِهَذَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ وَكَبَّرَ الْقَوْمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ الصُّفُوفِ الَّتِي خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَجُوزُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (كَمَا لَوْ حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ اسْتَخْلَفَ فِي الْحَدَثِ كَمَا يَسْتَخْلِفُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيمَا إذَا حَضَرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بَلْ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَجَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ لِلضَّرُورَةِ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ فِيمَا يَغْلِبُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ نِسْيَانَ جَمِيعِ مَا يَحْفَظُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ بَعِيدٌ فَصَارَ كَالْجَنَابَةِ وَلَهُ أَنَّ الْعَجْزَ هُنَا أَلْزَمُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدَثِ لَوْ وُجِدَ مَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَبْنِي فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِخْلَافِ، وَلِهَذَا لَوْ تَعَلَّمَ مِنْ مُصْحَفٍ أَوْ عَلَّمَهُ إنْسَانٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى زِيَادَةِ أُمُورٍ غَالِبًا مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَاعْتَرَاهُ خَجَلٌ أَوْ خَوْفٌ فَحُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ. أَمَّا إذَا قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ بَلْ يَرْكَعُ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ، وَكَذَا إذَا نَسِيَ الْقُرْآنَ وَصَارَ أُمِّيًّا فَاسْتِخْلَافُهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ إتْمَامَ الْقَارِئِ صَلَاةَ الْأُمِّيِّ لَا تَجُوزُ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ يَظُنُّ الْحَدَثَ أَوْ جُنَّ أَوْ احْتَلَمَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَ) وَقَوْلُهُ يَظُنُّ الْحَدَثَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيه) أَيْ لِقُرْبِهِ وَلِهَذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى»؛ لِأَنَّهُ إذَا نَابَهُ نَائِبَةٌ اسْتَخْلَفَ مِنْهُمْ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إلَى آخِرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ كَانَ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ لِيَصِيرَ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ كَغَيْرِهِ فَيَتْرُكَ الِاسْتِخْلَافِ لِمَا أَنْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ فَلَأَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ كَانَ أَوْلَى وَقَالَ أَبُو عِصْمَةَ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمَا) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ آخَرِ الصُّفُوفِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ مُتَقَدِّمَهُ دُونَ صَلَاتِهِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَمَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فِي صِفَةٍ وَمَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامًا إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْخَلِيفَةُ إلَى مَكَانِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ الصُّفُوفِ الَّتِي خَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَفِي الْمَسْجِدِ يَسْتَخْلِفُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ سَوَاءٌ إلَّا إذَا كَانَ مِثْلَ جَامِعِ الْمَنْصُورِ وَجَامِعِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. اهـ. غَايَةٌ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ يَنْتَظِرُونَ وَرَجَعَ إلَى مَكَانِهِ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ أَجُزْأَهُمْ. اهـ. غَايَةٌ وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ لَوْ سَبَقَ الْحَدَثُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَفِي الِاسْتِخْلَافِ خِلَافٌ كَذَا فِي الْغَايَةِ قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ) الْحَصَرُ بِفَتْحَتَيْنِ الْعِيُّ وَضِيقُ الصَّدْرِ وَالْفِعْلُ مِنْهُ حَصِرَ مِثْل لَبِسَ فَهُوَ حَصَرٌ وَمِنْهُ إمَامُ حَصَرٍ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَأَ وَضَمُّ الْحَاءِ فِيهِ خَطَأٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَذَكَرَ فِي الصِّحَاحِ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حَصِرَ عَنْهُ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَصِرَ عَلَى فَعِلَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ حَصَرَهُ إذَا حَبَسَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمَعْنَاهُ مَنَعَ وَحَبَسَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِسَبَبِ خَجَلٍ وَبِالْوَجْهَيْنِ حَصَلَ لِي السَّمَاعُ مِنْ شَيْخِنَا الْمُحَقِّقِ بُرْهَانِ الدِّينِ الخريفغني - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهِمَا صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ وَرَدَتْ اللُّغَتَانِ أَيْضًا فِي كُتِبَ اللُّغَةِ كَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْكَارُ الْمُطَرِّزِيُّ ضَمَّ الْحَاءِ فَهُوَ فِي مَكْسُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجِيءُ لَهُ مَفْعُولٌ مَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلَهُ لَا فِي مَفْتُوحِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ يَجُوزُ بِنَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ فَافْهَمْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْعَجْزَ هُنَا أَلْزَمُ) أَيْ أَثْبَتُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَجْزِ فِي الْحَدَثِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى زِيَادَةِ أُمُورٍ غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا عَنْ فَاقِدِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يُوجَدُ مِنْهُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَصَارَ أُمِّيًّا فَاسْتِخْلَافُهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ وَفِي النِّهَايَةِ إنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ إذَا لَحِقَهُ خَجَلٌ أَوْ خَوْفٌ فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ أَمَّا إذَا نَسِيَ فَصَارَ أُمِّيًّا لَمْ يَجْرِ وَتَقَدَّمَ فِي دَلِيلِهِمَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ فِي النِّسْيَانِ وَهُوَ فِي النِّهَايَةِ أَيْضًا فَلَا يَخْلُو مِنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ النِّسْيَانُ هُنَاكَ بِمَا يُشْبِهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْقِرَاءَةِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ يَظُنُّ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ جُنَّ) يُقَالُ جُنَّ الرَّجُلُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَا يُقَالُ جَنَّهُ اللَّهُ بَلْ أَجَنَّهُ اللَّهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيَاسُهُ مُجَنٌّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ هَذَا إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَأَمَّا لَوْ وُجِدَتْ بَعْدَهُ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ خَارِجًا عَنْهَا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنْ قِيلَ الْخُرُوجُ بِفِعْلِهِ فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُوجَدْ قُلْنَا وُجِدَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا صَارَ مُحْدِثًا بِهَا لَا بُدَّ مِنْ اضْطِرَابٍ أَوْ مُكْثٍ بَعْدَ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُكْثَ إذًا جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ وَهُوَ صُنِعَ كَيْفَمَا كَانَ فَحِينَئِذٍ وُجِدَ الصُّنْعُ إمَّا مِنْ حَيْثُ الِاضْطِرَابُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>