للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ مَاءً) أَيْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَتِهِ الْمَاءَ وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى لَوْ رَآهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ قَدَرَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ بَطَلَتْ فَدَارَ الْحُكْمُ عَلَى الْقُدْرَةِ لَا غَيْرُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُتَيَمِّمِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَوَضِّئٌ يُصَلِّي خَلْفَ مُتَيَمِّمٍ فَرَأَى الْمُؤْتَمُّ الْمُتَوَضِّئُ الْمَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعِلْمِهِ أَنَّ إمَامَهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَاءِ بِإِخْبَارِهِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ فَلَوْ قَالَ وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ أَوْ مُقْتَدٍ بِهِ مَاءً لَشَمِلَ الْكُلَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ) هَذَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ الرِّجْلَيْنِ لَا حَظَّ لَهُمَا مِنْ التَّيَمُّمِ وَقِيلَ تَبْطُلُ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ يَسْرِي إلَى الْقَدَمِ فَيَتَيَمَّمُ إذَا بَقِيَ لَمْعَةٌ مِنْ عُضْوِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَوْ أَحْدَثَ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَتَمَّتْ الْمُدَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَوَضَّأُ. وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَيَبْنِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ لِحَدَثٍ حَلَّ بِهِمَا لِلْحَالِ فَصَارَ كَحَدَثٍ سَبَقَهُ لِلْحَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ لِأَنَّ انْقِضَاءَ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْحَدَثُ السَّابِقُ عَلَى الشُّرُوعِ عِنْدَهُ فَكَأَنَّهُ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ فَصَارَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا أَحْدَثَ فَذَهَبَ لِلْوُضُوءِ فَوَجَدَ مَاءً فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا أَحْدَثَتْ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ ذَهَبَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ تَتَوَضَّأَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ) بِأَنْ كَانُوا وَاسِعَيْنِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى الْمُعَالَجَةِ فِي النَّزْعِ وَإِنْ كَانَ النَّزْعُ بِفِعْلٍ عَنِيفٍ تَمَّتْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِفِعْلِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً) أَيْ تَذَكَّرَ أَوْ حَفِظَهَا بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ يَقْرَأُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ بِالتَّعَلُّمِ، أَمَّا لَوْ تَعَلَّمَ حَقِيقَةً تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ صَنْعَةٍ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ فِي الصَّلَاةِ قَاطِعٌ وَقَوْلُهُ سُورَةٌ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ هُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالْآيَةُ تَكْفِي وَهَذَا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا بِحَيْثُ تَجُوزُ إمَامَتُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ قَارِئٍ فَقَدْ قِيلَ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُ فَقَدْ تَكَامَلَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَبِنَاءُ الْكَامِلِ عَلَى الْكَامِلِ جَائِزٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَتِهِ الْمَاءِ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ اهـ ع (قَوْلُهُ أَوْ مُقْتَدٍ بِهِ مَاءٌ لَشَمِلَ الْكُلَّ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ حَكَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُلْت الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرَهُ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُقْتَدِي بِالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى مَاءً فَفِيهَا خِلَافُ زُفَرَ وَلَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ. اهـ. رَازِيٌّ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا اهـ ع (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَدْ قَالُوا إذَا انْتَقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُ وَيُصَلِّي كَمَا لَوْ بَقِيَ فِي أَعْضَائِهِ لَمْعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَكَذَا هَذَا اهـ. قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الزَّاهِدِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْضِي فِيهَا بِلَا تَيَمُّمٍ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَتَتِمَّةُ كَلَامِهِ نَقَلْته فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَانْظُرْهُ إنْ أَرَدْته اهـ، وَكَذَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ مَنِيعٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ) أَيْ أَوْ أَحَدَهُمَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً إلَى آخِرِهِ) اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِقَارِئٍ بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَةً إلَى آخِرِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ قَالَ الْأُمِّيُّ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فِي الْقِيَاسِ وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ الْتَزَمَ أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ قَامَ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي فَلَا تَكُونُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْقِرَاءَةَ ضِمْنًا لِلِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُقْتَدٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْإِمَامِ لَا فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَنَى كَانَ مُؤَدِّيًا بَعْضَ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَبَعْضَهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ كَانَ مُؤَدِّيًا كُلَّهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ. اهـ. بَدَائِعُ وَفِي الْبَدَائِعِ أُمِّيٌّ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ، ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً فَقَرَأَهَا فِيمَا بَقِيَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ مِثْلُ الْأَخْرَسِ يَزُولُ خَرَسُهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَصَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِقِرَاءَةٍ، ثُمَّ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فَصَارَ أُمِّيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ لَا تَفْسُدُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَفْسُدُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا تَفْسُدُ فِي الثَّانِي اسْتِحْسَانًا وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَجْزَأَهُ فَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَجْزُهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ تَرَكَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِذَا تَعَلَّمَ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَضُرُّ عَجْزُهُ عَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّ تَرْكُهَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا إنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ فِي الْأَوَّلِ يَحْصُلُ الْأَدَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَأَمَرَ بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا فِي الثَّانِي لَأَدَّى كُلَّ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَكَانَ الْبِنَاءُ أَوْلَى لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا الْبَعْضَ بِقِرَاءَةٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْهَا فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي بَعْضِهَا فَاتَ الشَّرْطُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَدَّى لَمْ يَقَعْ صَلَاةً؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْأُمِّيِّ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقِرَاءَةِ بَلْ انْعَقَدَتْ لِأَفْعَالِ صَلَاتِهِ، فَإِذَا قَدَرَ صَارَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا بِلَا تَحْرِيمَةٍ كَأَدَاءِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالصَّلَاةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ أَرْكَانِهَا فَفَسَدَتْ وَلِأَنَّ الْأَسَاسَ الضَّعِيفَ لَا يَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَيْهِ. وَالصَّلَاةُ بِقِرَاءَةٍ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الضَّعِيفِ كَالْعَارِي إذَا وَجَدَ ثَوْبًا وَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَقَدَ تَحْرِيمَتَهُ لِأَدَاءِ كُلِّ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. غَايَةٌ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>