للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَدَّمَ لَاحِقًا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ لِلْحَالِ إلَّا بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلًا بِمَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ قَدَّمَهُ فَلَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ مُدْرِكًا فَإِنْ تَقَدَّمَ أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ لَا يُتَابِعُوهُ حَتَّى يَفْرُغَ مَا عَلَيْهِ فَيَقَعَ الْأَدَاءُ مُرَتَّبًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ، ثُمَّ تَأَخَّرَ وَقَدَّمَ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَازَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي الْمَسْبُوقُ أَوَّلًا مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ فَإِذَا قَامَ يَقْضِي فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ بِالْمُنَافِي صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ) أَيْ لَوْ أَتَمَّ الْمَسْبُوقُ الْمُسْتَخْلَفُ صَلَاةَ الْإِمَامِ فَأَتَى بِمَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ ضَحِكٍ وَكَلَامٍ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ دُونَ صَلَاةِ الْقَوْمِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ وُجِدَ فِي حَقِّهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَفِي حَقِّهِمْ بَعْدَ تَمَامِ أَرْكَانِهَا. وَكَذَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ هُوَ مِثْلُ حَالِهِ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ إنْ فَرَغَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ تَفْسُدْ وَقِيلَ: لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ قَصْدًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِفَسَادِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَنْزِلِهِ قَبْلَ فَرَاغِ هَذَا الْمُسْتَخْلَفِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ انْفِرَادَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (كَمَا تَفْسُدُ بِقَهْقَهَةِ إمَامِهِ لَدَى اخْتِتَامِهِ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ) أَيْ كَمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِقَهْقَهَةِ إمَامِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْدِثْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا لَكِنْ وُجِدَ مِنْهُ الْقَهْقَهَةُ حِينَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَسْبُوقِ تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ أَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا بِكَلَامِهِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَفْسُدُ بِقَهْقَهَتِهِ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْحَدَثُ الْعَمْدُ لَهُمَا أَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَلَمْ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَكَذَا صَلَاتُهُ كَالسَّلَامِ وَالْكَلَامِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَهُ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ وَالْحَدَثَ الْعَمْدَ مُفْسِدَانِ لِلْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيَانِهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيُفْسِدَانِ مِثْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الْمَأْمُورِ غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُدْرِكَ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى الْبِنَاءِ وَالْمَسْبُوقَ وَمَنْ حَالُهُ مِثْلُ حَالِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ بِخِلَافِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» فَصَارَ مِنْ وَاجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ لِوُجُودِ كَافِ الْخِطَابِ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ) عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي إلَى آخِرِهِ) وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجْزِيه، وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْبُدَاءَةِ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ الْمَأْمُورَ بِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا بَدَأَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُتَابِعَ فِيمَا أَدْرَكَ مَعَهُ وَلَنَا أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ إلَّا تَرْكَ التَّرْتِيبِ فِي أَفْعَالِهَا وَالتَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ ثَبَتَ افْتِرَاضُهُ لَكَانَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالْفَرَائِضِ وَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى النَّسْخِ وَلَا يَثْبُتُ نَسْخٌ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ مِثْلِهِ وَلَا دَلِيلَ لِمَنْ جَعَلَ التَّرْتِيبَ يُسَاوِي دَلِيلَ افْتِرَاضِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَى آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَرْضًا لَفَسَدَتْ، وَكَذَا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ مِنْ السُّجُودِ يُتَابِعُهُ فِيهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَتَرْكُهَا لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ خِلَافَ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّ هُنَاكَ لَيْسَ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ بَلْ لِلْعَمَلِ بِالْمَنْسُوخِ أَوْ لِلِانْفِرَادِ عِنْدَ وُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ) أَيْ فَقَدْ قَدَّمَ آخِرَهَا عَلَى أَوَّلِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ إلَى آخِرِهِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ أَيْضًا اهـ ع (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ إنْ فَرَغَ) أَيْ مِنْ صَلَاتِهِ خَلْفَ الثَّانِي مَعَ الْقَوْمِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) أَيْ كَغَيْرِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ) أَيْ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ إلَى آخِرِهِ) وَلِذَا قَالُوا: لَوْ تَذَكَّرَ الْخَلِيفَةُ فَائِتَةً فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْقَوْمِ وَلَوْ تَذَكَّرَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَمَا خَرَجَ تَذَكَّرَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خَاصَّةً أَوْ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ) أَيْ عِنْدَنَا وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا نَوَى مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ وَأَتَمَّ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فِيهِ قَوْلَانِ وَأَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ) قَالَ الرَّازِيّ يَعْنِي إذَا قَهْقَهَ الْإِمَامُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ، وَأَمَّا لَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ وَالْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَاطِعَانِ الصَّلَاةَ لَا مُفْسِدَانِ فَإِذَا صَادَفَا جُزْءًا لَمْ يُفْسِدَاهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ لَكِنَّهُ يَقْطَعُهَا فِي أَوَانِهِ وَلَا يَقْطَعُهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ إلَى آخِرِهِ) قَيَّدَ بِالْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُدْرِكِ لَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِقِ رِوَايَتَانِ قِيلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ. اهـ. قُنْيَةٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِق رِوَايَتَانِ وَقَبْلَ التَّشَهُّدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا. اهـ. (قَوْلُهُ كَالسَّلَامِ وَالْكَلَامِ وَالْخُرُوجِ إلَى آخِرِهِ)؛ لِأَنَّ مَنْ وُجِدَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِفَسَادِ صَلَاتِهِ فَإِذَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيَفْسُدَانِ إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ اللَّاحِقُ وَالْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ) أَيْ مُتَمِّمٌ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمَ) أَيْ وَهُوَ أَمْرٌ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ) أَيْ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ كَافِ الْخِطَابِ فِيهِ إلَى آخِرِهِ) حَتَّى كَانَ مُفْسِدًا أَيْ خِلَالَ الصَّلَاةِ وَيُفَارِقُهُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّلَامَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِهِ دُونَ الْكَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>