للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يُسَلِّمُوا وَلَوْ قَهْقَهُوا بَعْدَمَا سَلَّمَ يَبْطُلُ وُضُوءُهُمْ وَلَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ قَهْقَهَ لَمْ يُسَلِّمُوا وَلَمْ يَبْطُلْ وُضُوءُهُمْ بِالْقَهْقَهَةِ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَكَلَامِهِ وَبِحَدَثِهِ عَمْدًا أَوْ قَهْقَهَتِهِ يَخْرُجُونَ، وَكَذَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠] وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ قَهْقَهَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ انْفِرَادُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِالسَّجْدَةِ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَكَّدْ انْفِرَادِهِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْمُتَابَعَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَأَعَادَهُمَا) أَمَّا الْوُضُوءُ وَالْبِنَاءُ فَلِمَا بَيَّنَّاهُ، وَأَمَّا إعَادَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلِأَنَّ إتْمَامَ الرُّكْنِ بِالِانْتِقَالِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَتَحَقَّقُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ تَمَّ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لَكِنَّ الْجِلْسَةَ وَالْقَوْمَةَ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَلَا تَتَحَقَّقُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُعِدْهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ إمَامًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ دَامَ الْمُقَدَّمُ عَلَى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْمَامُ بِالِاسْتِدَامَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ لِلْمُدَاوَمَةِ فِيمَا لَهُ امْتِدَادُ حُكْمِ الِابْتِدَاءِ وَلِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ امْتِدَادٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَكَعَ وَسَجَدَ ابْتِدَاءً وَلِهَذَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ لَابِسُهُ أَوْ رَاكِبُهَا بِالِاسْتِدَامَةِ عَلَى اللُّبْسِ أَوْ عَلَى الرُّكُوبِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ ذَكَرَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا سَجْدَةً فَسَجَدَهَا لَمْ يُعِدْهُمَا) يَعْنِي لَوْ ذَكَرَ فِي رُكُوعِهِ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَانْحَطَّ مِنْ رُكُوعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ أَوْ ذَكَرَهَا وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَفَعَ رَأْسه مِنْ السُّجُودِ فَسَجَدَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَاجِبَاتِ وَقَدْ حَصَلَ الِانْتِقَالُ مَعَ الطَّهَارَةِ وَالْأَوْلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ فَأَظْهَرْنَا شُبْهَةَ الْإِنْهَاءِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ لِمَكَانِ الِافْتِقَارِ إلَى الْبِنَاءِ وَأَظْهَرْنَا شُبْهَةَ الْقَطْعِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْبِنَاءِ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ يُوَضِّحُهُ) أَيْ الْفَرْقُ. اهـ. (وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ قَهْقَهَ لَمْ يُسَلِّمُوا) أَيْ بَلْ يَقُومُونَ وَيَذْهَبُونَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ وُضُوءُهُمْ بِالْقَهْقَهَةِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ قَهْقَهَ اهـ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّلَامِ وَلَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا لَا يُتِمُّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ) أَيْ وَاجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ اهـ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ إلَى آخِرِهِ) بِأَنْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ وَهُوَ أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ. اهـ. فَتْحٌ وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ الْإِمَامُ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِرَكْعَةٍ أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ فَإِنَّ قِيَامَهُ وَقِرَاءَتَهُ إلَى أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَغْوٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قِيَامٌ وَقِرَاءَةٌ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَالْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْهُمَا فَرْضٌ وَفِي رَكْعَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ بَعْدَمَا تَشَهَّدَ الْإِمَامُ قِيَامٌ وَإِنْ قَلَّ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ اهـ. وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ قِيَامٌ بَعْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ اهـ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَضَاهُ أَجُزْأَهُ وَهُوَ مُسِيءٌ أَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّ قِيَامَهُ حَصَلَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْإِسَاءَةُ فَلِتَرْكِهِ انْتِظَارَ سَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ أَوَانَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الْقِيَامَ عَنْ السَّلَامِ وَلَوْ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سُجُودَ سَهْوٍ فَسَجَدَ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ وَيَبْطُلُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ لَا يَعُودُ لِاسْتِحْكَامِ الِانْفِرَادِ وَلَوْ عَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِاقْتِدَائِهِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ فَسَجَدَهَا إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ عَادَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ مَعَهُ أَيْضًا، ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَوْدُ الْإِمَامِ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِرَفْضِ الْقَعْدَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَتَرْتَفِضُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا وَإِنْ قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ فَإِنْ تَابَعَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَرِوَايَتَانِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ الْفَسَادُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَدَمُهُ وَلَوْ ذَكَرَ الْإِمَامُ سَجْدَةً صَلَاتِيَّةً تَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَسَدَتْ وَإِنْ سَجَدَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ تَابَعَ الْإِمَامَ أَوْ لَمْ يُتَابِعْهُ اهـ. قَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قِيَامٌ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَامُ بَعْدَ تَشَهُّدِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلِهَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا إذَا قَامَ بَعْدَمَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَضَى أَجْزَأَهُ وَهُوَ مُسِيءٌ اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ) أَيْ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بَعْدَ سُجُودِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ لَاحِقٌ إنْ فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَامَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ، وَإِلَّا تَفْسُدُ عِنْدَهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ) أَيْ وَلَوْ تَابَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. اهـ. دِرَايَةٌ بِمَعْنَاهَا.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَسُجُودِهِ بِالْوَاوِ وَكَتَبَ حَاشِيَةً بِخَطِّهِ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ وَنَصُّهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَسُجُودِهِ بِمَعْنَى أَوْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] أَيْ أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ. اهـ. (قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَكَعَ وَسَجَدَ ابْتِدَاءً) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ الرُّكُوعِ. اهـ. عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً) أَيْ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ اهـ اك وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَى آخِرِهِ) بَقِيَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>