الْفَاحِشِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ لِتَقَعَ الْقِسْمَةُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَادَلَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ يَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُتَفَاوِتَةِ فَإِذَا ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِيمَةِ فَقَدْ فَاتَ شَرْطُ جَوَازِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ الْمُعَادَلَةُ فَيَجِبُ نَقْضُهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى الْمُعَادَلَةِ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْتًا فِي يَدِ الْآخَرِ أَنَّهُ مِمَّا أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَعَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالِاعْتِبَارُ لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ خَارِجٌ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَبْضِ تَحَالَفَا وَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحُدُودِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِيهِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ شَائِعٌ مِنْ حَظِّهِ رَجَعَ بِقِسْطِهِ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ وَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ هَكَذَا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ فِي الْأَسْرَارِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الِاخْتِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الشَّائِعِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ لَا يُفْسَخُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ شَائِعٌ فِي الْكُلِّ يُفْسَخُ بِالْإِجْمَاعِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا حَكَاهُ أَبُو حَفْصٍ وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا حَكَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ ظَهَرَ شَرِيكٌ آخَرُ وَالْقِسْمَةُ بِدُونِهِ لَا تَصِحُّ فَصَارَ كَمَا إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ شَائِعٌ فِي الْكُلِّ يُحَقِّقُهُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ جُزْءٍ شَائِعٍ يَنْعَدِمُ بِهِ مَعْنَى الْقِسْمَةِ وَهُوَ الْإِفْرَازُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِحِصَّتِهِ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ شَائِعًا كَاسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ شَائِعًا بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ مَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ بَقِيَ مُفْرَزًا عَلَى حَالِهِ لَيْسَ لِلْغَيْرِ فِيهِ حَقٌّ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقِسْمَةِ التَّمْيِيزُ وَالْإِفْرَازُ وَلَا يَنْعَدِمُ بِاسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ نَصِيبِ الْوَاحِدِ وَلِهَذَا جَازَتْ الْقِسْمَةُ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ كَانَ الْبَعْضُ الْمُقَدَّمُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ وَالْبَعْضُ الْمُؤَخَّرُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَاقْتَسَمَ الِاثْنَانِ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمُقَدَّمِ وَلِلْآخَرِ الْمُؤَخَّرُ أَوْ اقْتَسَمَاهُ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمُقَدَّمِ وَبَعْضُ الْمُؤَخَّرِ مُفْرَزًا يَجُوزُ فَكَذَا هَذَا وَصَارَ كَاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الشَّائِعِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَالتَّمْيِيزِ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَعَ بَقَاءِ نَصِيبِ الْبَعْضِ فِي الْكُلِّ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ ابْتِدَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَكَذَا بَقَاءً؛ لِأَنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ لَتَضَرَّرَ الْمُسْتَحِقُّ بِتَفَرُّقِ نَصِيبِهِ فِي الْأَنْصِبَاءِ وَلَا ضَرَرَ بِالْمُسْتَحِقِّ هُنَا فَوَضَحَ الْفَرْقُ فَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ الْقِسْمَةُ يَرْجِعُ بِحِسَابِهِ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ كُلُّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشُّرَكَاءِ فَكَذَا إذَا اُسْتُحِقَّ الْبَعْضُ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ إنْ شَاءَ دَفْعًا لِعَيْبِ التَّشْقِيصِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحِسَابِهِ يَتَفَرَّقُ نَصِيبُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَوْ بَاعَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ نَصِيبِهِ شَائِعًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ مَا بَقِيَ شَائِعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحِسَابِهِ وَسَقَطَ خِيَارُ الْفَسْخِ بِبَيْعِ الْبَعْضِ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
وَالْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ زَادَ هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَلَمْ يُرَجِّحْ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي فَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَهُ الْفَسْخُ.
وَالثَّانِي لَوْ قَالَ: نَصِيبِي النِّصْفُ وَمَا وَصَلَ إلَيَّ إلَّا الثُّلُثُ وَالْبَاقِي فِي يَدِك وَأَنْكَرَ الْآخَرُ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا كَالْبَيْعِ.
وَالثَّالِثُ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا بَعْدَ الْقِسْمَةِ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَفَ الْآخَرُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحُدُودِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: هَذَا الْحَدُّ لِي قَدْ دَخَلَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ هَذَا الْحَدُّ قَدْ دَخَلَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الشَّائِعِ) أَيْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةُ شَاةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ مِيرَاثًا أَوْ شِرَاءً فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتِّينَ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي السِّتِّينَ شَاةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَيْضًا فَتَكُونُ السِّتُّونَ شَاةً بَيْنَهُمَا يَضْرِبُ فِيهَا هَذَا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَيَضْرِبُ فِيهِ الْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُنَا لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَقَدْ وَرَدَ عَلَى شَاةٍ بِعَيْنِهَا فَيُوجِبُ الرُّجُوعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِتَحَقُّقِ الْمُعَادَلَةِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ بَيْنَهُمَا أَلْفًا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَدْ وَصَلَ إلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ خَمْسُمِائَةٍ، وَإِلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَتِسْعُونَ وَبَقِيَ لَهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ فَيَضْرِبُ فِي السِّتِّينَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَشَرِيكُهُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَفِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ فِي أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ شَائِعٍ فِي النَّصِيبَيْنِ تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضٍ شَائِعٍ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ الْبَعْضُ الْمُقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مَا لَهُمَا مِنْ النِّصْفِ الْمُقَدَّمِ وَهُوَ نِصْفُ النِّصْفِ وَرُبُعُ الْمُؤَخَّرِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ مَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِنْ النِّصْفِ الْمُؤَخَّرِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّ حَقَّهُمَا بَعْدَ نَصِيبِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ جَمِيعِ الدَّارِ وَمَا لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْقِسْمَةِ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute