للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا صَلَاةُ الْإِمَامِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اسْتَطْعَمَك الْإِمَامُ فَأَطْعِمْهُ» مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَيَنْوِي الْفَتْحَ عَلَى إمَامِهِ دُونَ الْقِرَاءَةِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْفَتْحَ مُرَخَّصٌ فِيهِ وَالْقِرَاءَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَدِي أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَذَكَّرُ الْإِمَامُ فَيَكُونُ التَّلْقِينُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ بَلْ يَرْكَعُ إذَا قَرَأَ قَدْرَ الْفَرْضِ، وَإِلَّا انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَكَذَا إذَا قِيلَ لَهُ أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بَيْنَ يَدَيْهِ بِصِفَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ تَعَالَى، فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ الرَّدَّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَفْسُدُ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ لَهُ أَنَّهُ ثَنَاءٌ بِصِيغَتِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِعْلَامَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّ مَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَأَرَادَ بِهِ خِطَابَهُ يَكُونُ كَلَامًا مُفْسِدًا لَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يَحْيَى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] وَأَرَادَ بِهِ الْخِطَابَ، وَلِهَذَا لَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ الْفَاتِحَةَ عَلَى نِيَّةِ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى نِيَّةِ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تُشْرَعْ فِيهَا الْقِرَاءَةُ لِمَا قُلْنَا وَلِأَنَّ الْجَوَابَ يَنْتَظِمُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قُدُومِهِ فَتَفْسُدُ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ فِيمَا إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِعْلَامَ أَيْضًا لَكِنَّا تَرَكْنَاهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالِاسْتِرْجَاعُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالسَّلَامُ وَرَدُّهُ) لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَلَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ السَّلَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مَعْنًى وَلَا يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَرُدَّ بِالْإِشَارَةِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا عَلَى جَابِرٍ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ صُهَيْبٍ «سَلَّمْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فَرَدَّ عَلَيَّ بِالْإِشَارَةِ» يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ نَهْيًا لَهُ عَنْ السَّلَامِ أَوْ كَانَ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ يُشِيرُ فَظَنَّهُ رَدًّا، وَلَوْ أَشَارَ يُرِيدُ بِهِ رَدَّ السَّلَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْمُصَلِّي شَيْءٌ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ فِي فَصْلِ مَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ وَالْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ أَوْ لِلْبَحْثِ فِي الْفِقْهِ أَوْ لِلتَّخَلِّي وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ. وَلَوْ سَمِعَ الْأَذَانَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

هَذَا الْقِيلُ اعْتَمَدَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) أَيْ وَوُجُودِ التَّعْلِيمِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا اسْتَطْعَمَك إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي سُنَنِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَنْوِي الْقِرَاءَةَ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ سَهْوٌ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمَأْمُومِ خَلْفَ إمَامِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَإِنَّمَا هَذَا إذَا أَرَادَ الْفَتْحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ التِّلَاوَةَ دُونَ التَّعْلِيمِ، قَالَ السُّرُوجِيُّ نَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ التِّلَاوَةُ فِي ضِمْنِهَا الْفَتْحُ مَمْنُوعَةً بَلْ الْمَمْنُوعَةُ التِّلَاوَةُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الْفَتْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ) وَتَفْسِيرُ الْإِلْجَاءِ أَنْ يُرَدِّدَ الْآيَةَ أَوْ يَقِفَ سَاكِتًا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ أَمَعَ اللَّهِ إلَهٌ آخَرُ فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ ثَنَاءٌ بِصِيغَتِهِ) أَيْ بِأَصْلِهِ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ) أَيْ بِإِرَادَتِهِ غَيْرَ الثَّنَاءِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِرْجَاعُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ إلَخْ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُفِيدِ أَنَّ فِي الِاسْتِرْجَاعِ وَفِي {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: ١٢] تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِرْجَاعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشَارَ إلَى آخِرِهِ) بِرَأْسِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ بِأُصْبُعِهِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْحَلْوَانِيِّ وَبُرْهَانِ الدِّينِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ الْمُصَلِّي وَيُجِيبُ هُوَ بِرَأْسِهِ اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا بَأْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُجِيبَ الْمُتَكَلِّمُ بِرَأْسِهِ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ عَائِشَةَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ مَعَ الْمُصَلِّي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: ٣٩]. اهـ. زَاهِدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ) أَيْ وَالذَّاكِرِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ) أَيْ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْمَعْ اسْمَهُ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ نَعَمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ تَفْسُدُ، وَإِلَّا لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَرَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ دَعَا أَوْ سَبَّحَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تَفْسُدُ ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ سَمِعَ الْمُصَلِّي قَوْلَهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ قِيلَ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ وَقِيلَ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ الشَّيْطَانِ فَقَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَفْسُدُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ الرَّحْمَةِ أَوْ الْعَذَابِ فَقَالَ الْمُقْتَدِي صَدَقَ اللَّهُ لَا تَفْسُدُ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَوْ وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ إنْ كَانَ فِي الْآخِرَةِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا تَفْسُدُ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْمَرِيضُ يَقُولُ عِنْدَ الْقِيَامِ وَالِانْحِطَاطِ بِاسْمِ اللَّهِ تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ عَوَّدَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْحُمَّى وَنَحْوِهَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ: رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، تَفْسُدُ. ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا تَفْسُدُ الْإِمَامُ إذَا قَرَأَ آيَةَ الرَّحْمَةِ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّحْمَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ وَالتَّثْقِيلِ عَلَى الْقَوْمِ وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِالتَّخْفِيفِ، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالِاسْتِمَاعِ وَلَا بَأْسَ لِلْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «افْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَمَا مَرَّ بِآيَةِ الرَّحْمَةِ إلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا وَسَأَلَ أَوْ آيَةِ عَذَابٍ إلَّا اسْتَعَاذَ» وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ أَمَّنَ بِدُعَاءِ رَجُلٍ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ تَفْسُدُ. اهـ. غَايَةٌ وَفِي الْفَتْحِ وَلَوْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ تَفْسُدُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَوْ قَرَأَ ذِكْرَ الشَّيْطَانِ فَلَعَنَهُ لَا تَفْسُدُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>