فَأَجَابَ وَأَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَفْسُدُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَا تَفْسُدُ، وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ تَفْسُدُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَافْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعِ) أَيْ يَفْسُدُ افْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعِ وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَافْتَتَحَ الْعَصْرَ أَوْ التَّطَوُّعَ تَكْبِيرَةً جَدِيدَةً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ التَّطَوُّعُ فِيمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ نَوَى الْعَصْرَ وَكَانَ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ أَوْ فِي الْعَصْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ التَّرْتِيبِ بِأَنْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ أَوْ بِضِيقِ الْوَقْتِ فَيَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ ضَرُورَةً. وَكَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فَافْتَتَحَ الْفَرْضَ أَوْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ أَوْ بِالْعَكْسِ يَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا الظُّهْرُ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ) يَعْنِي لَا يَفْسُدُ افْتِتَاحُ الظُّهْرِ بَعْدَمَا صَلَّى مِنْهُ رَكْعَةً بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُجْتَزَأَ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الشُّرُوعَ فِي عَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَغَتْ نِيَّتُهُ إلَّا إذَا كَبَّرَ يَنْوِي إمَامَةَ النِّسَاءِ أَوْ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ أَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا فَكَبَّرَ يَنْوِي الِانْفِرَادَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ شَارِعًا فِيمَا كَبَّرَ لَهُ وَيَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ لِلتَّغَايُرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا كَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِئْنَافَ يَتَطَرَّفَانِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ الَّتِي نَوَى الشُّرُوعَ فِيهَا هِيَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَمْ تُخَالِفْهَا فِي شَيْءٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيُجْتَزَأُ بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنْ خَالَفْتهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيُسْتَأْنَفُ نَظِيرُهُ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ، ثُمَّ جَدَّدَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ يَبْطُلُ بِهِ وَيَنْعَقِدُ ثَانِيًا وَإِنْ جَدَّدَاهُ بِأَلْفٍ بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ لِعَدَمِ الْمُغَايِرَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ فَجِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَكَبَّرَ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ بَطَلَ مَا مَضَى وَيَصِيرُ شَارِعًا فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ وَيُجْتَزَأُ بِمَا مَضَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقِرَاءَتُهُ مِنْ مُصْحَفٍ) يَعْنِي تَفْسُدُ الصَّلَاةُ. وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تُكْرَهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عِبَادَةٌ انْضَافَتْ إلَى عِبَادَةٍ أُخْرَى وَهُوَ النَّظَرُ إلَى الْمُصْحَفِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ أَفْضَلَ مِنْ الْقِرَاءَةِ غَائِبًا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِفِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَوَضْعَهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرَفْعَهُ عِنْدَ الْقِيَامِ وَتَقْلِيبَ أَوْرَاقِهِ وَالنَّظَرَ إلَيْهِ وَفَهْمَهُ عَمَلُ كَثِيرٍ وَيَقْطَعُ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَ التَّلَقُّنَ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ يُفْسِدُ افْتِتَاحُ الْعَصْرِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ فَهِيَ هِيَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَحْصِيلَ مَا هُوَ بِحَاصِلٍ فَإِنْ قِيلَ الْإِمَامُ إذَا تَحَرَّمَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، ثُمَّ جِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَيُحْرِمُ بَقِيَ فِي الْأُولَى وَإِنْ نَوَى تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمَبْسُوطِ قِيلَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ نَوَى الْإِعْرَاضَ عَنْ الْأُولَى وَالْإِقْبَالَ عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِارْتِفَاضِ الْأُولَى وَانْتِقَاضِهَا أَمَّا هَاهُنَا فَلَمْ يَنْوِ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْأُولَى فَبَقِيَ فِيهَا كَمَا كَانَ إذْ لَا تَصِحُّ الثَّانِيَةُ مَعَ بَقَاءِ الْأُولَى فَافْتَرَقَا. اهـ. فَوَائِدُ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ بِتَكْبِيرَةٍ جَدِيدَةٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ) أَيْ صَلَاةُ الظُّهْرِ تَفْسُدُ اهـ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَلَمَّا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ نَوَى أَنَّهَا الْعَصْرُ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً نَوَى أَنَّهَا الْعِشَاءُ فَصَلَاتُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ. اهـ. خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ نَوَى الْعَصْرَ) لِأَنَّ صَاحِبَ التَّرْتِيبِ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ لَا يَصِيرُ مُنْتَقِلًا إلَى الْعَصْرِ بَلْ إلَى النَّفْلِ؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ لَا يَنْعَقِدُ عَصْرًا قَبْلَ أَدَاءِ الظُّهْرِ فِي حَقِّهِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بِضِيقِ الْوَقْتِ) أَوْ بِالنِّسْيَانِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُهُ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ ظَرْفٌ لِشَيْئَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ افْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعُ وَقَوْلُهُ لَا الظُّهْرِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَافْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعُ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ لَا افْتِتَاحُ الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ فَافْهَمْ اهـ. (قَوْلُهُ يَعْنِي لَا يُفْسِدُ) أَيْ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الرَّكْعَةِ فَمَا دُونَهَا وَمَا فَوْقَهَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ حَتَّى يُجْتَزَأَ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ، أَمَّا إذَا نَوَى بِلِسَانِهِ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ وَلَا يُجْتَزَأُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. اهـ. خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَوَى الشُّرُوعَ فِي عَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ إلَى آخِرِهِ) وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْأُولَى انْتَقَضَتْ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّالِثَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَدَّدَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إلَى آخِرِهِ) أَوْ جَدَّدَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ. اهـ. فَوَائِدُ الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّانِي بِمِائَةِ دِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَبْطُلُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُغَايِرَةِ) وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ الثَّانِي إذَا سَلَّمَ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ اهـ بَاكِيرٌ وَغَايَةٌ وَكَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ شَارِعًا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ) لِأَنَّهُ نَوَى اتِّحَادَ الْمَوْجُودِ وَهُوَ لَغْوٌ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَتُهُ) أَيْ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ التَّكَلُّمُ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) أَيْ وَالشَّافِعِيُّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ النَّظَرُ إلَى الْمُصْحَفِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَعْطُوا أَعْيُنَكُمْ حَظَّهَا مِنْ الْعِبَادَةِ قِيلَ وَمَا حَظُّهَا قَالَ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ». اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ إلَى آخِرِهِ) وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مَكْرُوهَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ تَرْضَى بِالْمَكْرُوهِ وَتُصَلِّي خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةً مَكْرُوهَةً. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ إلَى آخِرِهِ) مَأْخَذَانِ لِلْأَصْحَابِ فِي الْبُطْلَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْحَابُ أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ التَّلَقُّنَ مِنْ غَيْرِهِ إلَى آخِرِهِ) وَجَعَلَ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ هَذَا التَّعْلِيلَ أَصَحَّ. اهـ. كَاكِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute