للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحِمِ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا لِخَفَاءِ الشَّغْلِ فَيُعْتَبَرُ تَحَقُّقُ السَّبَبِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الشَّغْلِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَثْنَائِهَا، وَلَا بِالْحَيْضَةِ الَّتِي حَاضَتْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا بِالْوِلَادَةِ الَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَ الْأَسْبَابِ قَبْلَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ السَّبَبَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَقَبْلَ وُجُودِ الِاثْنَيْنِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ إذَا الْحُكْمُ لَا يَسْبِقُ سَبَبَهُ، وَكَذَا لَا يَعْتَدُّ بِالْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَا بِالْحَاصِلِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا صَحِيحًا لِمَا بَيَّنَّا، وَيَجِبُ إذَا اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَمَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى تَمَامِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ آخِرُ الْأَوْصَافِ، وَيُجْتَزَأُ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي حَاضَتْهَا، وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ بِأَنْ كَاتَبَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ أَوْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ لِوُجُودِهَا بَعْدَ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْحِلِّ وَالْحُرْمَةُ لِمَانِعٍ، وَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا رَجَعَتْ الْآبِقَةُ وَرُدَّتْ الْمَغْصُوبَةُ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ فُكَّتْ الْمَرْهُونَةُ لِانْعِدَامِ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَهُوَ سَبَبٌ مُتَعَيِّنٌ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا. وَلَوْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوَّلًا يَقُولُ عَلَى الْبَائِعِ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهَا زَالَتْ عَنْ مِلْكِهِ وَالْآنَ مَلَكَهَا ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ لَا يَجِبُ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ بَعْدَمَا حَاضَتْ عِنْدَ الْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يَجْتَزِأُ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى وُجُودِ مِلْكِ الْمَوْلَى وَعَدَمِهِ، وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ، وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَبْطَلَ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ لِعَدَمِ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَطَأْهَا، وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَلَوْ زَوَّجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ

وَلَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ، وَإِذَا حَرُمَ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَرُمَ الدَّوَاعِي أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْوَطْءِ أَوْ يَحْتَمِلُ وُقُوعَهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الِاسْتِبْرَاءِ اسْتِحْدَاثُ مِلْكِ الْيَمِينِ وَالْيَدِ وَالْحِكْمَةُ تَعَرُّفُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْ فِي الْمُشْتَرَاةِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ، وَفِي الْمُشْتَرَاةِ الْبِكْرِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ مَعَهَا أَيْضًا، وَهُوَ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْحِكْمَةُ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَاءَ لَهُ وَالْمَرْأَةُ لَا تُوطَأُ وَالْبِكْرُ لَيْسَتْ بِمَوْطُوءَةٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ، وَلَا يَدُورُ مَعَ الْحِكْمَةِ فَاعْتُبِرَ تَحَقُّقُ السَّبَبِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الشَّغْلِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الشَّغْلِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَوَهُّمُ الشَّغْلِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ جَارِيَةُ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَرْأَةُ مَوْطُوءَةً بِشُبْهَةٍ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْوَاطِئِ فَيَثْبُتُ تَوَهُّمُ الشَّغْلِ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُجَامِعُهَا فَيَسْبِقُ الْمَاءُ فَتَحْبَلُ مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ فَيَثْبُتُ تَوَهُّمُ الشَّغْلِ أَيْضًا بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ. اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بِالْوِلَادَةِ الَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَ الْأَسْبَابِ إلَخْ) قَالَ قَاضِيخَانْ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ قَبَضَهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ نِفَاسِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ يُجْتَزَأُ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ

١ -

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْأَصْلِ عِلَّةُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ اسْتِحْدَاثُ حِلِّ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي فَرْجٍ فَارِغٍ مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ، وَشَرْطُهُ تَوَهُّمُ شَغْلِ الرَّحِمِ وَالْحِكْمَةُ صِيَانَةُ الْوَلَدِ. رَجُلٌ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً هِيَ بِكْرٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْجَارِيَةِ أَوْ يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ بِالْإِرْثِ أَوْ الْخُلْعِ أَوْ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ. اهـ. فَقَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ مُكَمِّلًا لِلْمِلْكِ فِي جَمِيعِ الْأَمَةِ أَمَّا لَوْ مَلَكَ ابْتِدَاءً جُزْءًا مِنْ أَمَةٍ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ قَلِيلًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَتِمَّ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يَعْتَدُّ بِالْحَاصِلِ) أَيْ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْحَاصِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) أَيْ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ) أَيْ بَعْدَمَا اسْتَبْرَأَهَا وَحَاضَتْ فِي حَالِ مَجُوسِيَّتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا رَجَعَتْ الْآبِقَةُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَفِي الْآبِقِ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَوْ أَبْقَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَتْ إلَى صَاحِبِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا، وَلَوْ أَخَذُوهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ آبِقَةٌ، وَأَحْرَزُوهَا فِي دَارِهِمْ مَلَكُوهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا فَإِذَا عَادَتْ إلَى مَوْلَاهَا فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْآبِقَةِ فِي الْمَتْنِ هِيَ الَّتِي أَبْقَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُحْرِزْهَا الْعَدُوُّ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى مَوْلَاهَا. اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا حَرُمَ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَرُمَ الدَّوَاعِي أَيْضًا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ وَحَرُمَ الْوَطْءُ حَرُمَ دَوَاعِي الْوَطْءِ أَيْضًا مِنْ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالْقُبْلَةِ وَالْمُلَامَسَةِ بَأْسًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَانَ إنَّمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، وَلَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُلَامَسَةِ هَذَا الْمَعْنَى. اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الدَّاعِيَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُحْتَمَلُ وُقُوعُهُ) أَيْ وُقُوعُ الدَّاعِي. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>