فِي غَيْرِ الْمِلْكِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَبَلِ وَدَعْوَةِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ حَيْثُ لَا تَحْرُمُ الدَّوَاعِي فِيهَا؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ زَمَنُ نَفْرَةٍ فَلَا يَكُونُ دَاعِيًا إلَى الْوَطْءِ، وَكَذَا لَا يَحْتَمِلُ وُقُوعُهُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَفِي الْمُشْتَرَاةِ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ، وَيُفْضِي إلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ رَغْبَتَهُ فِيهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَكُونُ أَصْدَقُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَحْرُمُ الدَّوَاعِي فِي الْمَسْبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ وُقُوعَهُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي الْحَامِلِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِمَا رَوَيْنَا، وَفِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ بِالشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ أُقِيمَ فِي حَقِّهِنَّ مَقَامَ الْحَيْضِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ، وَإِذَا حَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ بَطَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِالشَّهْرِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ دُونَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ، وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا تَرَكَهَا حَتَّى إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَاقَعَهَا، وَلَيْسَ فِيهَا تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَعَنْهُ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا بِعِدَّةِ الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الْوَفَاةِ، وَعَنْ زُفَرَ سَنَتَانِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِيَالِ فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
وَالْوَجْهُ مَا بَيَّنَّاهُ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْمَأْخُوذُ بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا قَرَبَهَا، وَالْحِيلَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ الْمُشْتَرِي حُرَّةٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا، وَيَقْبِضَهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَهَذَا لَا يُفِيدُ إذَا كَانَ الْقَبْضُ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِالشِّرَاءِ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَيَجِبُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: عَلَى اعْتِبَارِ الْحَبَلِ وَدَعْوَةِ الْبَائِعِ) أَيْ الْوَلَدِ الْمُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَائِضِ حَيْثُ لَا تَحْرُمُ الدَّوَاعِي فِيهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ إنَّمَا حَرُمَ فِي الْحَيْضِ لِمَعْنَى الْأَذَى، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الدَّوَاعِي. اهـ، وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَيْضَةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَرَدَّهَا لَمْ يَقْرَبْهَا الْبَائِعُ حَتَّى تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً، وَكَذَا الْإِقَالَةُ. اهـ. قَالَ قَاضِيخَانْ رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ إقَالَةِ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا فِي الْمَجْلِسِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا تَقَايَلَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَا يَجِبُ. اهـ
١ -
(فَرْعٌ) وَإِذَا زَنَتْ أَمَةٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ صِيَانَةُ الْمَاءِ عَنْ الْخَلْطِ إذَا كَانَ مُحْتَرَمًا، وَلَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزَّانِي فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَرَبَهَا صَارَ سَاقِيًا مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» لَكِنْ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبَلِ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَبِّ النَّابِتِ، وَلَا نَبَاتَ قَبْلَ الْحَبَلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا) أَيْ بِإِيَاسٍ. اهـ. قَالَ قَاضِيخَانْ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً، وَقَدْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَسْتَبِينَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ، وَلَمْ يُؤَقِّتْ لِذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَقْرَبُهَا سَنَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَقْرَبُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَفِي رِوَايَةٍ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ أَوَّلًا لَا يَقْرَبُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ وَالْمَشَايِخُ أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَأْخُوذُ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَاحْتَالَ فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ وَطِئَهَا ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ لَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْتَالَ لِلْإِسْقَاطِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِرَجُلَيْنِ يُؤْمِنَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ»، وَإِنْ بَاعَهَا الْبَائِعُ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ وَطَهُرَتْ، وَلَمْ يَقْرَبْهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْتَالَ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ لِانْعِدَامِ هَذَا النَّهْيِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَ الْمُشْتَرِي إلَخْ)، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ فَالْحِيلَةُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يُزَوِّجُهَا الْبَائِعُ مِنْ رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ ثُمَّ يَبِيعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَقْبِضُهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ طَلَاقُ الزَّوْجِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا إذَا قَبَضَهَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَإِذَا قَبَضَهَا وَالْقَبْضُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ فِي نِكَاحٍ، وَلَا عِدَّةٍ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ، وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ، وَلَا يُسَلِّمُ الْجَارِيَةَ إلَيَّ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُزَوِّجُهَا الْمُشْتَرِي مِنْ عَبْدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ يَقْبِضُهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِي هَذَا النَّوْعِ شُبْهَةً فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ كَمَا اشْتَرَاهَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَأَكَّدُ عِنْدَ الْقَبْضِ فَالتَّزْوِيجُ عِنْدَ الشِّرَاءِ لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَجَبَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَحِيضَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَيْضَةً قَبْلَ الطَّلَاقِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِهِمْ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ يَتَزَوَّجُهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الشِّرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ حُرَّةٌ ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَشْتَرِي فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ
وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْجَارِيَةِ إلَيْهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَيْ لَا يُوجَدَ الْقَبْضُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ فَسَادِ النِّكَاحِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ عِنْدِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ يَفْسُدُ عِنْدَ الشِّرَاءِ سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ ضَرُورَةَ أَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يُجَامِعُ مِلْكَ الْيَمِينِ فَإِذَا كَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الشِّرَاءِ مَنْكُوحَةً، وَلَا مُعْتَدَّةً أَمَّا إذَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِذَا فَسَدَ النِّكَاحُ تَصِيرُ مُعْتَدَّةً قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا يَلْزَمُ الِاسْتِبْرَاءُ. اهـ قَاضِيخَانْ (قَوْلُهُ: هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ) لَيْسَ فِي الْهِدَايَةِ، وَيَقْبِضُهَا بَلْ قَالَ يَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا. اهـ. مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute