بِالتَّسْبِيحِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ بِأَحَدِهِمَا كِفَايَةً وَقِيلَ يَدْفَعُهُ بِيَدِهِ مَرَّةً إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ بِالتَّسْبِيحِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ عِلَاجٌ عَلَى مَا مَرَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(وَكُرِهَ عَبَثُهُ بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ) أَيْ عَبَثُ الْمُصَلِّي بِثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَالْهَاءُ فِيهِمَا وَفِيمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْكَلِمَاتِ رَاجِعَةٌ إلَى الْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ الْعَبَثُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّفَثَ فِي الصِّيَامِ وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا» «وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَعْبَثُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَلْبُ الْحَصَى إلَّا لِلسُّجُودِ مَرَّةً) أَيْ كُرِهَ قَلْبُ الْحَصَى إلَّا لِعَدَمِ إمْكَانِ السُّجُودِ فَيُسَوِّيهِ مَرَّةً «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ فَذَرْ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحُ الْحَصَى فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» «وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ إنْ كُنْت فَاعِلًا فَوَاحِدَةً مَعْنَاهُ لَا تَمْسَحُ وَإِنْ مَسَحْت فَلَا تَزِدْ عَلَى وَاحِدَةٍ» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك»، وَكَذَا يُكْرَهُ تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ «وَرَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَفَرَّجَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ أَصَابِعِهِ» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالتَّخَصُّرُ) لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّرًا وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْوَضْعِ الْمُسِنُّونَ. وَالتَّخَصُّرُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ» مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ فِعْلُ الْيَهُودِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ لَا أَنَّ لَهُمْ رَاحَةً فِيهَا وَقِيلَ هُوَ التَّوَكُّؤُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ بِالتَّسْبِيحِ لِمَا رَوَيْنَا) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا) وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ». اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَدْفَعُهُ بِيَدِهِ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْمُفِيدِ يَدْرَأُ بِالتَّسْبِيحِ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ دَفَعَهُ بِيَدِهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْأَخْذِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ مَشْيٌ وَلَا عِلَاجٌ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَكُرِهَ عَبَثُهُ بِثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ الْعَبَثُ الْفِعْلُ لِغَرَضٍ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَوْ كَانَ لِنَفْعٍ كَسَلْتِ الْعَرَقِ عَنْ وَجْهِهِ وَالتُّرَابِ فَلَيْسَ بِهِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَتُكْرَهُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَفِي الْغَايَةِ قَالَ فِي الْحَاوِي وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَصَالِحِهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ وَيَتَعَمَّمَ، وَكَذَا عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلْيَسْتَقْبِلْ بِهَا الْقِبْلَةَ وَفِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا اللِّبْسُ فِي الصَّلَاةِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ مُسْتَحَبٌّ وَجَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ فَالْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَعِمَامَةٌ هَكَذَا حَكَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ الْمُسْتَحَبُّ ثَوْبَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَالْجَائِزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ أَوْ قَمِيصٍ ضَيِّقٍ لِوُجُودِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَصْلِ الزِّينَةِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ أَوْ إزَارٍ لَا غَيْرُ وَفِي حَقِّ الْمَرْأَةِ الْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَهِيَ إزَارٌ وَدِرْعٌ وَخِمَارٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّرَاوِيلِ وَحْدَهَا وَعِنْدَهُ قَمِيصٌ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبْسَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي لِحَافٍ لَا يَتَوَشَّحُ بِهِ وَالْأُخْرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ» أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُد. اهـ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا») الْحَدِيثَ، قَالَ الْكَمَالُ رَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بَكْرٍ مُرْسَلًا قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ هَذَا مِنْ مُنْكَرَاتِ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ) ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ فَذَرْ) هَكَذَا هُوَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ بِغَيْرِ فَاءٍ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فَذَرْ أَيْضًا مَا نَصُّهُ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ «سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَا فَقَالَ وَاحِدَةً أَوْ دَعْ»، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ أَصَحُّ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ «فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ. اهـ. غَايَةٌ وَمَعْنَاهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الرَّحْمَةِ وَتَرْكُ الِاشْتِغَالِ عَنْهَا بِالْحَصَى وَغَيْرِهِ. اهـ. وَقَدْ أُخْرِجَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَمْسَحْ الْحَصَى وَأَنْتَ تُصَلِّي فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةٌ». اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَالْفَرْقَعَةُ وَالتَّشْبِيكُ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَتَكُونُ فِيهِ إجْمَاعًا وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَا يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الْوَضْعُ أَوْ الْأَخْذُ الْمَسْنُونُ اهـ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَرِهَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الْفَرْقَعَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَلْقِينُ الشَّيْطَانِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. اهـ. غَايَةٌ وَقَالَ الْكَمَالُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ» وَهُوَ مَعْلُولٌ بِالْحَارِثِ اهـ. وَرُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَالَ لِعَلِيٍّ إنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ تُصَلِّي». اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ «وَرَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ» إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالتَّخَصُّرِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا فَإِنَّ إبْلِيسَ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ مُتَخَصِّرًا. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَحَدِيثُ التَّخَصُّرِ أَخْرَجُوهُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّرًا» وَفِي لَفْظٍ «نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ» اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute