للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْعَصَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْمِخْصَرَةِ وَهِيَ السَّوْطُ وَالْعَصَا وَنَحْوُهُمَا وَمِنْهُ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِابْنِ أُنَيْسٌ وَقَدْ أَعْطَاهُ عَصًا تَخَصَّرَ بِهَا فَإِنَّ الْمُتَخَصِّرِينَ فِي الْجَنَّةِ وَقِيلَ أَنْ يَخْتَصِرَ السُّورَةَ فَيَقْرَأَ آخِرَهَا وَقِيلَ هُوَ أَنْ لَا يُتِمَّ صَلَاتَهُ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَحُدُودِهَا» قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالِالْتِفَاتُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ» ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ»، ثُمَّ الِالْتِفَاتُ ثَلَاثَةٌ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ وَمُبَاحٌ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ بِمَوْقِ عَيْنَيْهِ وَمُبْطِلٌ وَهُوَ أَنْ يُحَوِّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَيَنْتَهُنَّ أَوْ لَتُخْطَفُنَّ أَبْصَارَهُمْ». قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْإِقْعَاءُ) لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ «نَهَانِي خَلِيلِي عَنْ ثَلَاثٍ أَنْ أَنْقُرَ نَقْرَ الدِّيكِ وَأَنْ أُقْعِيَ إقْعَاءَ الْكَلْبِ وَأَنْ أَفْتَرِشَ افْتِرَاشَ الثَّعْلَبِ» وَالْإِقْعَاءُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخِذَيْهِ وَيَضُمَّ رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ هُوَ أَنْ يَنْصِبَ قَدَمَيْهِ وَيَقْعُدَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ) لِمَا رَوَيْنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَرِدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا الْمُصَافَحَةُ فَمُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ وَقَدْ بَيَّنَّاهَا مِنْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالِالْتِفَاتِ إلَى آخِرِهِ) هُوَ مَكْرُوهٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ «فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ») فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرَائِضِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ «وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ بِمُؤْقِ عَيْنَيْهِ») رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ بِمُؤْقِ عَيْنَيْهِ) الْمُؤْقُ مَهْمُوزُ الْعَيْنِ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ وَالْمَأَقُ مُقَدِّمُهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَكْتَحِلُ مِنْ قِبَلِ مُؤْقِهِ مَرَّةً وَمِنْ قِبَلِ مَأْقِهِ أُخْرَى» قَالَ الزُّهْرِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْفَنِّ أَنَّهُمَا بِمَعْنَى الْمُؤَخَّرِ، وَكَذَا الْمَأَقِي اهـ غَايَةٌ قَوْلُهُ مَهْمُوزُ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةُ وَاوًا. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يُحَوَّلَ صَدْرُهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَرْعٌ: الْمُصَلِّي إذَا حَوَّلَ صَدْرَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ حَوَّلَ وَجْهَهُ دُونَ صَدْرِهِ لَا تَفْسُدُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَفِي الْمَرْغِينَانِيُّ إنْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ تَحْوِيلِ صَدْرِهِ قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ أَلْيَقُ بِقَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ فِي الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى قَصْدِ الْإِصْلَاحِ يُفْسِدُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِقَصْدِ تَرْكِ الصَّلَاةِ لَا تَفْسُدُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ أَصْلُهُ انْصَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَتِمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَبْنِي مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْنِي. اهـ (قَوْلُهُ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ» إلَى آخِرِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ ابْنُ شَدَّادٍ فِي أَحْكَامِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ «نَهَانِي خَلِيلِي» إلَى آخِرِهِ) قَدْ عَابَ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلَهُ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلِيلِي بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَّخِذْهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخَلْقِ خَلِيلًا وَهَذَا إنَّمَا وَقَعَ فِيهِ قَائِلُهُ لِظَنِّهِ أَنَّ خَلِيلًا بِمَعْنَى مُخَالِلٍ مِنْ الْمُخَالَلَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ خَلِيلًا مِثْلُ حَبِيبٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ شَيْءٌ إذْ قَدْ يَجِبُ الْكَارِهُ. اهـ. شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ فِي بَابِ الضُّحَى. اهـ. وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ السُّرُوجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْغَايَةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ الْكَمَالُ وَحَدِيثُ الْإِقْعَاءِ وَالِافْتِرَاشِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ» وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ تَعْنِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَعُقْبَةُ الشَّيْطَانِ الْإِقْعَاءُ» اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُصَافَحَةُ فَمُفْسِدَةٌ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ شَارِحُ الْكَنْزِ إنَّهُ بِالْإِشَارَةِ مَكْرُوهٌ وَبِالْمُصَافَحَةِ مُفْسِدٌ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْآخَرُ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْكِتَابِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَذْكُورَ هُنَا قُلْت أَجَازَ الْبَاقُونَ رَدَّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ وَلَنَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَشَارَ فِي الصَّلَاةِ إشَارَةً تُفْهِمُ أَوْ تُفَقِّهُ فَقَدْ قَطَعَ الصَّلَاةَ» وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِابْنِ إِسْحَاقَ وَأَبُو غَطَفَانَ مَجْهُولٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنْ أَبَا غَطَفَانَ هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ وَيُقَالُ ابْنُ مَالِكٍ الْمُرِّيِّ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَمَا عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد وَأَبُو غَطَفَانَ مَجْهُولٌ لَا يُقْبَلُ وَابْنُ إِسْحَاقَ ثِقَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَقَدَّمْنَاهُ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ أَخْرَجَ لِلْخَصْمِ حَدِيثَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ «مَرَرْت بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ إشَارَةً وَقَالَ لَا أَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ رَدَّ عَلَيَّ إشَارَةً بِأُصْبُعِهِ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعِدَّةُ أَحَادِيثَ تُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى وَالْجَوَابُ أَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِشَارَةِ، وَلَنَا أَنْ لَا نَقُولَ بِهِ فَإِنَّ مَا فِي الْغَايَةِ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ الْمُصَلِّي وَيُجِيبُ هُوَ بِرَأْسِهِ يُفِيدُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>