للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْسَلَ بَازِيَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَوَقَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ اتَّبَعَ الصَّيْدَ، فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ يُؤْكَلُ إذْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَانًا طَوِيلًا لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَإِنَّمَا مَكَثَ سَاعَةً لِلْكَمِينِ وَلَوْ أَنَّ بَازِيًا مُعَلَّمًا أَخَذَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَلَا يُدْرَى أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ أَوْ لَا لَا يُؤْكَلُ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْإِرْسَالِ وَلَا تَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ بِدُونِهِ وَلَئِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَالُ الْغَيْرِ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَجَرَحَهُ ثُمَّ جَرَحَهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَيْنِ فَجَرَحَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجُرْحِ بَعْدَ الْجُرْحِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّعْلِيمِ فَجُعِلَ عَفْوًا مَا لَمْ يَكُنْ إرْسَالُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلْبًا فَجَرَحَهُ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ إذَا كَانَ إرْسَالُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ الْأَوَّلُ لِمَا بَيَّنَّا وَالْمِلْكُ لِصَاحِبِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ أَثْخَنَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ حَدِّ الصَّيْدِيَّةِ فَمَلَكَهُ بِهِ وَلَا يَحْرُمُ بِجُرْحِ الثَّانِي بَعْدَ مَا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ الثَّانِيَ حَصَلَ إلَى الصَّيْدِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ حَالَةُ الْإِرْسَالِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَلَا تُعْتَبَرُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ رَمَى وَسَمَّى وَجَرَحَ أُكِلَ) أَيْ رَمَى إلَى الصَّيْدِ فَأَصَابَهُ يُؤْكَلُ إذَا جَرَحَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ «إذَا رَمَيْت سَهْمَك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدْته قَدْ قَتَلَ فَكُلْ إلَّا أَنْ تَجِدَهُ قَدْ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَإِنَّك لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَمْ سَهْمُك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَشَرَطَ الْجُرْحَ لِمَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَمَيْت فَسَمَّيْت فَخَزَقْت فَكُلْ وَإِنْ لَمْ تَخْزِقْ فَلَا تَأْكُلْ وَلَا تَأْكُلْ مِنْ الْمِعْرَاضِ إلَّا مَا ذَكَّيْت وَلَا تَأْكُلْ مِنْ الْبُنْدُقَةِ إلَّا مَا ذَكَّيْت» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُصِيبَ الرَّمِيَّ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّيْدِ كَمَا فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَفِي إطْلَاقِ قَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ رَمَى وَسَمَّى وَجَرَحَ أَكَلَ إشَارَةٌ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَرْمِيَّ وَلَا الْمُصَابَ حَتَّى يَدْخُلَ تَحْتَهُ مَا إذَا سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ صَيْدًا فَرَمَاهُ فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ يَحِلُّ أَكْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّيْدُ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْمُصَابُ مَأْكُولًا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ اصْطِيَادًا مَعَ قَصْدِهِ ذَلِكَ

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ الْخِنْزِيرَ لِتَغَلُّظِ حُرْمَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي جِلْدِهِ وَزُفَرُ خَصَّ مِنْهَا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ؛ لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ لَا يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ فِيهِ، وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ اسْمَ الِاصْطِيَادِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَأْكُولِ فَيَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] فَكَانَ اصْطِيَادُهُ مُبَاحًا وَإِبَاحَةُ التَّنَاوُلِ تَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَيَثْبُتُ بِقَدْرِ مَا يَقْبَلُهَا لَحْمًا أَوْ جِلْدًا وَقَدْ لَا يَثْبُتُ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَحَلُّ، وَإِذَا وَقَعَ اصْطِيَادًا صَارَ كَأَنَّهُ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ جَرَادٍ أَوْ سَمَكٍ، ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُغْنِي أَنَّ الْمُصَابَ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَقَعُ عَلَيْهِمَا فَلَا يَكُونُ الْفِعْلُ ذَكَاةً وَأَوْرَدَهُ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ حَلَّ الْمُصَابُ فَقَالَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُقَالَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ يَحْتَاجُ فِي حِلِّ أَكْلِهِ إلَى الذَّبْحِ أَوْ الْجُرْحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي آخِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ رَمَى إلَى سَمَكَةٍ أَوْ جَرَادَةٍ فَأَصَابَ صَيْدًا يَحِلُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَكَاةَ فِيهِمَا فَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَرَّجَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْحِلِّ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَدْته قَدْ قَتَلَ) أَيْ جَرَحَ اهـ. (قَوْلُهُ إذَا رَمَيْت فَسَمَّيْت فَخَزَقْت فَكُلْ) وَفِي حَدِيثِ عَدِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَرْمِ بِالْمِعْرَاضِ فَيَخْزِقُ قَالَ إنْ خَزَقَ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «مَا خَزَقْتُمْ فَكُلُوهُ إذَا ذَكَرْتُمْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» وَالسِّينُ لُغَةٌ وَالرَّاءُ تَصْحِيفٌ قَالَهُ فِي الْمُغْرِبِ فِي الْخَاءِ مَعَ الزَّايِ الْمُعْجَمَتَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّيْدُ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ إلَخْ) يَعْنِي رَمَى الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ سَهْمُهُ صَيْدًا غَيْرَ الْمَسْمُوعِ حِسُّهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ كَانَ صَيْدًا لَا آدَمِيًّا وَلَا شَاةً وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ حَلَّ مَا أَصَابَهُ سَهْمُهُ إذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الِاصْطِيَادَ بِالرَّمْيِ وَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَجُمْلَةُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ مَنْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّهُ صَيْدًا فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا وَبَانَ أَنَّ الْحِسَّ الَّذِي سَمِعَهُ لَمْ يَكُنْ حِسَّ صَيْدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ آدَمِيًّا لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ الَّذِي أَصَابَهُ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى غَيْرِ صَيْدٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ وَصَارَ كَأَنَّهُ رَمَى إلَى آدَمِيٍّ يَعْلَمُ بِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحِسُّ حِسَّ صَيْدٍ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولٍ فَإِنْ أَصَابَ صَيْدًا مَأْكُولًا أَكَلَ وَقَالَ زُفَرُ إنْ كَانَ حِسَّ صَيْدٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَالسِّبَاعِ وَمَا أَشْبَهَهَا لَمْ يُؤْكَلْ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ حِسَّ سَبُعٍ أُكِلَ الصَّيْدُ، وَإِنْ كَانَ حِسَّ خِنْزِيرٍ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَزُفَرُ خَصَّ مِنْهَا) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْمُوعِ حِسُّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ) أَيْ يَثْبُتُ التَّنَاوُلُ بِقَدْرِ مَا يَقْبَلُ الْمَحَلُّ يَعْنِي إنْ كَانَ يَقْبَلُ الْمَحَلُّ التَّنَاوُلَ مِنْ حَيْثُ اللَّحْمُ يَثْبُتُ تَنَاوُلُ اللَّحْمِ، وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُ تَنَاوُلَ الْجِلْدِ لَا اللَّحْمِ يَثْبُتُ ذَلِكَ فَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ تَنَاوُلَهُمَا جَمِيعًا كَمَا فِي الْخِنْزِيرِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِاصْطِيَادُ لِدَفْعِ أَذِيَّتِهِ فَإِذَا كَانَ الِاصْطِيَادُ مُبَاحًا حَلَّ الْمُصَابُ إذَا كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَقْبَلُهَا لَحْمًا أَوْ جِلْدًا) أَيْ أَوْ شَعْرًا أَوْ رِيشًا أَوْ دَفْعَ أَذِيَّتِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ صَارَ كَأَنَّهُ رَمَى إلَى صَيْدٍ) أَيْ مَأْكُولٍ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَا ذَكَاةَ لَهُ. اهـ. غَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>