للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ فِعْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ أَوْ لِأَجْلِ الْعُذْرِ فَلَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ وَإِنَّمَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَا يُعَرَّى عَنْ شُبْهَةٍ وَهُوَ يُؤَدَّى فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فَيَكْتَفِي بِآذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهِ لِقُصُورِ دَلِيلِهِ فَتُرَاعَى جِهَةُ النَّفْلِيَّةِ فِيهِ احْتِيَاطًا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهُوَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ بِثَلَاثٍ وَإِنْ شَاءَ بِخَمْسٍ إلَى إحْدَى عَشْرَةَ أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ» الْحَدِيثَ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُوتِرُ بِسَبْعٍ أَوْ بِخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ» وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ بِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الثَّالِثَةِ بِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ» الْحَدِيثَ، وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ» وَعَنْهَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا» فَلَوْ كَانَ يَفْصِلُ لَقَالَتْ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ وَاحِدَةً وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ الْبُتَيْرَاءِ» وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ الْوِتْرُ ثَلَاثٌ كَوِتْرِ النَّهَارِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَعَنْهُ مَا أَجْزَأَتْ رَكْعَةٌ قَطُّ وَحَكَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ ثَلَاثٌ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْوِتْرِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَا تُوَتِّرُوا بِثَلَاثٍ أَوْتَرُوا بِسَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ» الْحَدِيثَ. وَالْإِيتَارُ بِالثَّلَاثِ جَائِزٌ إجْمَاعًا، وَكَذَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي آخِرِهَا» وَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ أَمْرِ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمُسْتَقِرَّةَ لَا يُخَيَّرُ فِي أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَنَتَ فِي ثَالِثَتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ) لِمَا رَوَيْنَا وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ حُجَّةً عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَكَذَا «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْحَسَنِ حِينَ عَلَّمَهُ الْقُنُوتَ اجْعَلْ هَذَا فِي وِتْرِك مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ» فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ يَعْنِي غَيْرَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ اللَّهُمَّ أَهْدِنَا إلَى آخِرِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً) لِمَا رَوَيْنَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَلَا يَقْنُتُ لِغَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا»، وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَلَنَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ» أَخْرَجَاهُ فَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ يَجْعَلُ أَوَّلًا فِعْلَهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ الْخَصَائِصِ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ هُنَا دَلِيلًا لِلْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمَّةِ وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إلَى آخِرِهِ) النَّسَائِيّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى آخِرِهِ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» وَحَدِيثُ النَّسَائِيّ أَصَحُّ إسْنَادًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِثَلَاثِ يَقْرَأُ فِيهِنَّ بِتِسْعِ سُوَرٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ سُوَرٍ آخِرُهُنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ». اهـ. عَبْدُ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَقَنَتَ فِي ثَالِثَتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ) أَيْ رَافِعًا يَدَيْهِ اهـ ع وَهَذِهِ التَّكْبِيرَةُ وَاجِبَةٌ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ فِي الْوِتْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا يَكُونُ جَاهِلًا فَيَأْتِي بِدُعَاءٍ يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَيُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الدُّعَاءِ يُذْهِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ مَحْمُولٌ عَلَى أَدْعِيَةِ الْمَنَاسِكِ دُونَ الصَّلَاةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُذْهِبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ) أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَكَذَا فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ إلَى آخِرِهِ) وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً مُعَيَّنَةً عَلَى الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُوَ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ بِقَوْلِهِ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] وَالتَّعْيِينُ عَلَى الدَّوَامِ يُفْضِي إلَى أَنْ يَعْتَقِدَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَوْ قَرَأَ بِمَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ أَحْيَانًا يَكُونُ حَسَنًا وَلَكِنْ لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ. اهـ. نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَقْنُتُ لِغَيْرِهِ إلَى آخِرِهِ) (فَرْعٌ) إنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ إنَّمَا لَا يَقْنُتُ عِنْدَنَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ بَلِيَّةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ أَوْ بَلِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ صَاحِبُ النَّافِعِ فِي مَجْمُوعِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ سُنَّةٌ فِي الْفَجْرِ وَيَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا عِنْدَ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَى الدُّعَاءِ قَالَ لَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَزَلْ مُحَارِبًا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَقْنُتْ فِي الصَّلَوَاتِ قُلْت رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَنَتَ فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ وَرَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>