للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ فَيَكُونُ سُنَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعًا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مِنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلِيُصَلِّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ صَلَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا عَنْ السُّنَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ وَرَوَى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا وَقَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ، ثُمَّ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَدَعْهُمَا فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ، ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ فَإِنَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَقِيلَ هِيَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ أَنَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ أَدَاؤُهَا فِي الْمَنْزِلِ إلَّا التَّرَاوِيحَ وَقِيلَ: إنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَخْتَصُّ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ كُلَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ وَأَجْمَعَ لِلْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ فَهُوَ أَفْضَلُ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَنُدِبَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَلَا يَعْتَدُّونَهَا مِنْ السُّنَّةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْعِشَاءُ وَبَعْدَهُ) أَيْ نَدَبَ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْعِشَاءَ كَالظُّهْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَقِيلَ هُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى أَرْبَعًا وَقِيلَ الْأَرْبَعُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالرَّكْعَتَانِ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالسِّتُّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ كُتِبَ مِنْ الْأَوَّابِينَ وَتَلَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: ٢٥]».

قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكُرِهَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ فِي نَفْلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا) أَيْ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَلَوْلَا الْكَرَاهَةُ لَزَادَ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ وَقَدْ جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ إلَى ثَمَانٍ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يُصَلِّي خَمْسًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ» وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي خَمْسًا رَكْعَتَانِ مِنْهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي السَّبْعِ أَرْبَعٌ قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي التِّسْعِ سِتٌّ قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي إحْدَى عَشْرَةَ ثَمَانٍ قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قِيلَ تَأْوِيلُهُ ثَمَانٍ مِنْهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَرَكْعَتَانِ سُنَّةُ الْفَجْرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُكْرَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ وَصْلِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ) أَيْ الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَفِي النَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا مَثْنَى مَثْنَى لِحَدِيثِ الْبَارِقِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» وَلَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا لَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ. وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ» وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَدْوَمُ تَحْرِيمَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةٍ وَأَزْيَدَ فَضِيلَةً وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَعَلَى الْعَكْسِ يَخْرُجُ وَحَدِيثُ الْبَارِقِيِّ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَمَعْنَاهُ شَفْعٌ لَا وِتْرٌ؛ وَلِأَنَّ رَاوِيَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالرَّاوِي إذَا فَعَلَ بِخِلَافِ مَا رُوِيَ لَا تَلْزَمُ رِوَايَتُهُ حُجَّةً، وَلَا يُمْكِنُ الِاعْتِبَارُ بِالتَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ فَيُرَاعَى فِيهِ جِهَةُ التَّخْفِيفِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوهُمَا وَلَوْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ» وَقَالَ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». اهـ. زَاهِدِيٌّ قَوْلُهُ وَلَوْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ وَالْمُرَادُ بِالْخَيْلِ جَيْشُ الْعَدُوِّ. اهـ. كَاكِيٌّ فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ) حَتَّى لَوْ أَنْكَرَهَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ. اهـ. مُسْتَصْفَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ) ثُمَّ التَّطَوُّعُ قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ التَّطَوُّعُ قَبْلَ الْعِشَاءِ. اهـ. قُنْيَةٌ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ) هَكَذَا هُوَ بِخَطِّ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَالنَّوَافِلِ اهـ كَمَا فِي وَعَزَى فِي الْغَايَةِ لِلْحَلْوَانِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا التَّرَاوِيحَ)؛ لِأَنَّ فِي التَّرَاوِيحِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَنَدَبَ الْأَرْبَعَ) أَيْ اسْتَحَبَّ اهـ ع.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ) قَوْلُهُ بِتَسْلِيمَةٍ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ) أَيْ أَرْبَعَةٌ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْوَصْفِ وَالْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَرْبَعَةٍ كَثَلَاثٍ مَعْدُولٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثْنَى مَثْنَى مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ عَلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَسَمَّاهُ مَثْنَى لِوُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ مَعْنَاهُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالتَّشَهُّدِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>