للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ عَيْنِهِ وَأُذُنِهِ.

أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ وَلَوْ وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ أَوْ النِّصْفُ وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ كَانَ مَعَهُ الرَّأْسُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ عُرِفَ بِالنَّصِّ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْبَدَنِ وَلَكِنْ أَعْطَيْنَا لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ وَالْأَقَلُّ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ، وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لَاجْتَمَعَتْ الدِّيَاتُ وَالْقَسَامَاتُ بِمُقَابَلَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ بِأَنْ تُوجَدَ أَطْرَافُهُ فِي الْقُرَى مُتَفَرِّقَةً وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَنْتَفِي مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ فَيَجْرِيَانِ فِي الْأَكْثَرِ أَوْ النِّصْفِ مَعَ الرَّأْسِ لَا غَيْرُ احْتِرَازًا عَنْ التَّكْرَارِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ كَالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ.

وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ أَوْ سِقْطٌ لَيْسَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوقُ الْكَبِيرَ حَالًا وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ وَهُوَ تَامُّ الْخَلْقِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مَيِّتًا ظَاهِرًا، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ فِي تَامِّ الْخَلْقِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي عَيْنِ الصَّبِيِّ وَذَكَرَهُ بِالظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ أَقَلُّ خَطَرًا وَلِهَذَا يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فَلَا تَجِبُ فِيمَا لَمْ تُعْلَمْ سَلَامَتُهُ يَقِينًا بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّ خَطَرَهَا عَظِيمٌ فَيَجِبُ بَدَلُهَا بِالظَّاهِرِ وَلِهَذَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ الْقَتْلِ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ، وَلِأَنَّ الْجَنِينَ نَفْسٌ فَاعْتَبَرْنَا جِهَةَ النَّفْسِ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا فَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِتَمَامِ الْخَلْقِ وَعُضْوٍ مِنْ وَجْهٍ فَاعْتَبَرْنَا جِهَةَ الْعُضْوِ إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْخَلْقِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَتِيلٌ عَلَى دَابَّةٍ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ أَوْ رَاكِبٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ)؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَ فِيهَا السَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لِلدَّابَّةِ بِخِلَافِ الدَّارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَدْبِيرَ الدَّابَّةِ إلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لَهَا وَتَدْبِيرُ الدَّارِ إلَى مَالِكِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهَا وَقِيلَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى مَالِك الدَّابَّةِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدَّارِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا مُخْتَفِيًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَنْقُلُ قَرِيبَهُ الْمَيِّتِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لِلدَّفْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الدَّابَّةِ أَحَدٌ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ فِيهِمْ الْقَتِيلُ عَلَى الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ عَلَى الدَّابَّةِ كَوُجُودِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الدَّابَّةُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ بِأَنْ يُذْرَعَ فَوُجِدَ إلَى أَحَدِهِمَا أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ، وَكَذَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ وَادِعَةَ وَأَرْحَبَ فَوُجِدَ إلَى وَادِعَةَ أَقْرَبَ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْقَسَامَةِ وَقِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ. وَأَمَّا إذَا كَانُوا بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ يُمْكِنُهُمْ الْغَوْثُ فَيُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ وَإِذَا كَانُوا بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ لَا يُمْكِنُهُمْ الْغَوْثُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ)؛ لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ وَيَنْتَصِرُ بِعَاقِلَتِهِ وَلَا تَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) أَيْ تَكْرَارُ الدِّيَةِ وَالْقَسَامَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَيَجْرِيَانِ) أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ) أَيْ لَوْ وُجِدَ فِي الْمَحَلَّةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ بِلَفْظِ الْعُقَلَاءِ بِتَأْوِيلِ إرَادَةِ الْقَوْمِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا) فَيَكُونُ قَتِيلًا ظَاهِرًا لِوُجُودِ دَلِيلِ الْقَتْلِ وَهُوَ الْأَثَرُ وَلَا يُقَالُ الظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ فِي عَيْنِ الصَّبِيِّ وَلِسَانِهِ وَذَكَرِهِ إذَا لَمْ تَعْلَمْ صِحَّتَهُ سِوَى حُكُومَةِ الْعَدْلِ وَلَمْ يَجِبْ مَا وَجَبَ فِي التَّسْلِيمِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ سَلَامَتَهَا لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَطْرَافِ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ الصِّحَّةَ مَا يَجِبُ فِي السَّلِيمِ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ وَلَيْسَ لَهَا تَعْظِيمُ النُّفُوسِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ شَيْءٌ مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ بِخِلَافِ الْجَنِينِ فَإِنَّهُ نَفْسٌ مِنْ وَجْهٍ وَعُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِذَا انْفَصَلَ تَامَّ الْخَلْقِ وَبِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ وَجَبَ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ تَعْظِيمًا لِلنُّفُوسِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَتِيلٌ لِوُجُودِ دَلَالَةِ الْقَتْلِ وَهُوَ الْأَثَرُ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ تَامِّ الْخَلْقِ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا وَأَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ لَا يَفُوقُ حَالَ الْكَبِيرِ فَإِذَا وُجِدَ الْكَبِيرُ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ فَكَذَا هُنَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ حَيًّا اهـ (قَوْلُهُ فَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْخَلْقِ) فَكَانَ الظَّاهِرُ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَحَلَّةِ وَبِهِ أَثَرُ الْجِرَاحَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا بِسَبَبِ الْجِرَاحَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَنْقُلُ قَرِيبَهُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ وَقَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ فَفَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّائِقُ يَسُوقُهَا مُخْتَفِيًا يَجِبُ عَلَيْهِ وَعِلَّتُهُ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ إلَخْ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَادِعَةَ وَأَرْحَبَ) هُمَا حَيَّانِ مِنْ هَمْدَانَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ هَذَا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ) فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى أَحَدٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>