فِي الْبَيْتِ مَثَلًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِكْمَالِ وَلَوْ كَانَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ فَأُقِيمَ أَوْ خَطَبَ قِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي النَّوَافِلِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) أَيْ لَوْ صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أُقِيمَتْ يُتِمُّ الظُّهْرَ مُنْفَرِدًا عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ إحْرَازًا لِلْفَضْلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُتِمُّهَا قَاعِدًا لِتَنْقَلِبَ صَلَاتُهُ نَفْلًا، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَةِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ ثَوَابِ النَّفْلِ وَثَوَابِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرْضِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْصُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ بُعْدٌ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَقْطَعُهَا وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ إلَى الْقُعُودِ لِيُسَلِّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَام وَلَا يُسَلِّمُ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَقِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَوْدَ حَتْمٌ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ صَلَاةِ مُعْتَدٍ بِهَا لَمْ يُشْرَعْ إلَّا قَاعِدًا، ثُمَّ إذَا قَعَدَ قِيلَ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ قُعُودَ خَتْمٍ وَقِيلَ يَكْفِيه التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَعَدَ ارْتَفَضَ الْقِيَامُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَقِيلَ تَسْلِيمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَرْضِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحُكْمُ الْعِشَاءِ كَالظُّهْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَا الْعَصْرُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَتَمَّهَا وَحْدَهُ لَا يَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي) لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ لِإِتْيَانِهِ بِالْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرُ، وَكَذَا يَقْطَعُ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَإِذَا قَيَّدَهَا بِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا أَتَمَّهَا لَمْ يَشْرَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهِيَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَوْ مُخَالَفَةِ إمَامِهِ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْمَغْرِبِ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
لَا يَسْلُبُ قُدْرَةَ صَوْنِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إتْمَامِ رَكْعَتَيْنِ مَعَ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ بِجَمَاعَةٍ، وَإِنْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ الْإِبْطَالُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَتَيْنِ نَعَمْ غَايَةُ الْأَكْمَلِيَّةِ فِي أَنْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مَعَ الْإِمَامِ وَيُعَارِضُهُ حُرْمَةُ الْإِبْطَالِ بِخِلَافِ إتْمَامِ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْطَالٍ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِوَصْفِهَا إلَى وَصْفٍ أَكْمَلَ فَصَارَ كَالنَّفْلِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَعَ فِي النَّفْلِ فَحَضَرَتْ جِنَازَةٌ خَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا تَفُوتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمَصْلَحَتَيْنِ مَعًا وَقَطْعُ النَّفْلِ مُعْقِبٌ لِلْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ لَوْ اخْتَارَ تَفْوِيتَهَا كَانَ لَا إلَى خَلَفٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إحْرَازُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُخَالَفَةُ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ) أَيْ بَلْ يُتِمُّ شَفْعًا، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ. اهـ. (قَوْلُهُ قِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ) أَيْ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ والإسبيجابي وَالْبَقَّالِيُّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا) قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ اخْتِيَارُ حُسَامِ الدِّينِ الشَّهِيدِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ لَفْظُ مُحَمَّدٍ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ الْفَرَاغِ عَلَى الْقَطْعِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْإِتْمَامِ. اهـ. غَايَةٌ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِي قَضَائِهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَفُوتُ فَرْضُ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَرَوَى الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أُسْتَاذِهِ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ قَالَ كُنْت أُفْتِي زَمَانًا أَنَّهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ اهـ قَالَ السُّرُوجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْغَايَةِ فَإِذَا أَتَمَّهَا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ يَكُونُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةً وَيَنْوِي النَّفَلَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُعَادُ الصَّلَوَاتُ بِالْجَمَاعَةِ إلَّا الْمَغْرِبَ؛ لِأَنَّهَا وِتْرٌ وَلَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد وَهَلْ يُعِيدُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ أَوْ إكْمَالِ الْفَضِيلَةِ أَوْ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ اهـ قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ أَيْ وَهُوَ الْقَطْعُ. اهـ. (قَوْلُهُ حَيْثُ يَقْطَعُهَا إلَى آخِرِهِ) هَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ اخْتِيَارِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ عَدَمَ قَطْعِ الْأُولَى قَبْلَ السُّجُودِ وَضَمِّ ثَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ ضَمَّهَا هُنَا مُفَوِّتٌ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ الْفَرْضِ بِجَمَاعَةٍ فَيَفُوتُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُصْلَحَتَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ) أَيْ بِقَلْبِهِ فَإِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ تَبْطُلُ صَلَاةُ نَفْسِهِ ضِمْنًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْفَعْ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ إلَى الْقُعُودِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِلتَّحَلُّلِ، وَهَذَا قَطْعٌ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَسْلِيمَتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَحَلُّلٌ مِنْ الْقُرْبَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ فَإِنْ قِيلَ التَّنَفُّلُ بِالْجَمَاعَةِ خَارِجَ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ قُلْنَا ذَاكَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ، وَالْقَوْمُ يُؤَدُّونَ النَّفَلَ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ يُؤَدِّي الْفَرْضَ، وَالْقَوْمُ النَّفَلَ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَا رَوَيْنَا. اهـ. .
(قَوْلُهُ أَوْ الْأَكْثَرُ) وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِتَأْخِيرِ فَرْضِ الْمَغْرِبِ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ) أَيْ وَهُوَ مُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ إذْ التَّنَفُّلُ بِالثَّلَاثِ حَرَامٌ قَالَهُ قَاضِي خَانْ قُلْت الْوِتْرُ ثَلَاثٌ وَهُوَ نَفْلٌ عِنْدَهُمَا وَذَلِكَ مَشْرُوعٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلُهُ حَرَامًا. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا وَهِيَ حَرَامٌ أَيْضًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ إلَخْ) لِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَيَصِيرُ كَالْمُقِيمِ إذَا اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ يَصِحُّ وَكَالْمَسْبُوقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجَامِعِ قَاضِي خَانْ وَالْفَرْقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى عَرْضِيَّةِ أَنْ تَصِيرَ أَرْبَعًا فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَا تَكُونُ مُخَالَفَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute