للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَقَضَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالِاقْتِدَاءِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِهَا وَعَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَام وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكُرِهَ خُرُوجُهُ مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ حَتَّى يُصَلِّيَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ إلَّا مُنَافِقٌ أَوْ رَجُلٌ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ يُرِيدُ الرُّجُوعَ» وَقَالُوا إذَا كَانَ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ جَمَاعَتِهِ بِأَنْ كَانَ مُؤَذِّنًا أَوَإِمَامًا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ تَتَفَرَّقُ الْجَمَاعَةُ بِغَيْبَتِهِ يَخْرُجُ بَعْدَ النِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ صُورَةً تَكْمِيلٌ مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى، وَفِي النِّهَايَةِ إنْ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ صَلَّى لَا) أَيْ وَإِنْ صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ لَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ النِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَابَ دَاعِيَ اللَّهِ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَانِيًا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ إنْ شُرِعَ فِي الْإِقَامَةِ) لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِمُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا وَرُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَا يَرَى جَوَازَ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا تَزْعُمُ الْخَوَارِجُ وَالشِّيعَةُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَيَخْرُجُ، وَإِنْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ خَافَ فَوَاتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ ائْتَمَّ وَتَرَكَهَا) لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ وَالْوَعِيدَ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ فَكَانَ إحْرَازُ فَضِيلَتِهَا أَوْلَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَ إحْدَاهُمَا لَا يَتْرُكُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ وَهَذَا لِأَنَّ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ كَإِدْرَاكِ الْجَمِيعِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَيُصَلِّيهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ يُصَلِّيهَا فِي الشَّتْوِيِّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّتْوِيِّ صَلَّاهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعَانِ صَلَّاهَا خَلْفَ الصُّفُوفِ عِنْدَ سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ وَيَبْعُدُ عَنْ الصُّفُوفِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ لِيَنْفِيَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَهُ فِي التَّشَهُّدِ قِيلَ هُوَ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَلَا كَذَلِكَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَقَدْ عُرِفَ جَوَازُهُ بِالْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ أَرْبَعًا سَاهِيًا بَعْدَمَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّلَاثِ وَقَدْ اقْتَدَى بِهِ الرَّجُلُ مُتَطَوِّعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقْتَدِي بِالشُّرُوعِ وَعَلَى الْإِمَامِ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا فَصَارَ كَرَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِالنَّذْرِ فَاقْتَدَى فِيهِنَّ بِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي كَذَا هَذَا. اهـ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُتَابَعَةَ عَلَى الِانْفِرَادِ فَإِذَا اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى لَوْ سَهَا الْإِمَامُ عَنْ الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ وَصَلَّى الرَّابِعَةَ وَصَلَّى الْمُقْتَدِي مَعَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ) وَوَجْهُهُ مَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا نَقْصٌ وَقَعَ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ بَعْدَمَا صَلَّاهَا وَتَرَكَ الْإِمَامُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي مَعَ خُلُوِّهِمَا عَنْ الْقِرَاءَةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَهُوَ نَقْصٌ فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي وَلَمْ يُكْرَهْ لِمَجِيئِهِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَنْعِ خُلُوِّهِمَا عَنْ الْقِرَاءَةِ حُكْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ فِي الثَّالِثَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إلَى آخِرِهِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ؛ لِأَنَّ بِالْقِيَامِ إلَى الثَّالِثَةِ صَارَ مُلْتَزِمًا لِلرَّكْعَتَيْنِ إذْ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَكُونُ صَلَاةً لِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ وَقَالَ فِيهِ نَوْعُ تَغْيِيرٍ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّغْيِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ يَسْجُدُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ الرُّكُوعِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَكَمَنْ أَدْرَكَهُ فِي الْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ فِيهَا وَهِيَ قَبْلَ الْأَرْكَانِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ. اهـ. كَاكِيٌّ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَدْخُلُ فَإِنْ دَخَلَ يَفْعَلُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ» إلَى آخِرِهِ) قَالَ سَبْط ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ النَّسَائِيّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْخُرُوجِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ إلَى حَاجَةٍ لِعَزْمِ أَنْ يَعُودَ فَيُدْرِكَ اهـ زَادُ الْفَقِيرِ (قَوْلُهُ وَالْعِشَاءُ إنْ شَرَعَ فِي الْإِقَامَةِ إلَى آخِرِهِ) أَمَّا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا إلَى آخِرِهِ) أَمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَلِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ) أَيْ مِنْ فَضِيلَةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا تَفْضُلُ الْفَرْضَ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا لَا تَبْلُغُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ضِعْفًا وَاحِدًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَضْعَافُ الْفَرْضِ كَذَا فِي الْفَتْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْفَرَائِضِ وَالسُّنَّةُ مُكَمِّلَةٌ خَارِجِيَّةٌ عَنْهَا. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ) أَيْ مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِمَامِ مِنْ قَوْلِ أَبِي مَسْعُودٍ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ هَمِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ وَمِنْ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» الْحَدِيثَ، فَارْجِعْ إلَيْهَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَيُصَلِّيهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ) التَّقْيِيدُ بِالْأَدَاءِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ»؛ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُخَالَفَةَ لِلْجَمَاعَةِ وَالِانْتِبَاذَ عَنْهُمْ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِد مَكَانٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَفَاوَتُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ فَصَلَاتُهُ إيَّاهَا فِي الشَّتْوِيِّ أَخَفُّ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَقَلْبِهِ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>