للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ إحْرَازُ الْفَضِيلَتَيْنِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ شَرَعَ مَعَهُ بِخِلَافِ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى مَا مَرَّ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَمْ تُقْضَ إلَّا تَبَعًا) أَيْ لَمْ تُقْضَ سُنَّةُ الْفَجْرِ إلَّا تَبَعًا لِلْفَرْضِ إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ وَقَضَاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ لَكِنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِقَضَائِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَضَاهَا مَعَ الْفَرْضِ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ» فَيَبْقَى مَا رَوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرْضٍ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا تُقْضَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْإِجْمَاعِ لِكَرَاهِيَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ السُّنَنِ فَلَا تُقْضَى وَحْدَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَضَى الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (قَبْلَ شَفْعِهِ) أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا يَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي الْأَرْبَعَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا فَاتَ مَحَلُّهَا صَارَتْ نَفْلًا مُبْتَدَأً فَيَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ كَيْ لَا يَفُوتَ مَحَلُّهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ سُنَّةٌ عَلَى حَالِهَا فَيَبْدَأُ بِهَا، أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهَا بَعْدَهُ» أَطْلَقْت عَلَيْهِ اسْمَ الْقَضَاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُقَامُ مَقَامَ الْفَائِتِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَيْ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ بَلْ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَجْهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَمَا عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ يُطِعْهُمَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ دَفَعَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ مَا وَجَبَ مِنْ الشُّرُوعِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا يُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَأَيْضًا شُرُوعٌ فِي الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ الْإِفْسَادِ فَإِنْ قِيلَ لِيُؤَدِّيَهَا مَرَّةً أُخْرَى قُلْنَا إبْطَالُ الْعَمَلِ قَصْدًا مَنْهِيٌّ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّفْعَ الثَّانِيَ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا نَصُّهُ قِيلَ فِيمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ التَّنْظِيرِ نَظَرٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا وَجَبَتَا عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَجَازَ أَدَاؤُهُمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّظِيرِ فَإِنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالزَّمَانِ فَيَجِبُ الْمَنْذُورُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَلَا يَتَأَدَّى بِصِفَةِ النُّقْصَانِ. اهـ (قَوْلُهُ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ قَضَائِهَا بِتَبَعِيَّةِ الْفَرْضِ قَبْلَ الزَّوَالِ قَضَاؤُهَا بِتَبَعِيَّةِ الْفَرْضِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا هُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ اخْتِصَاصَ تَبَعِيَّتِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا مَعْنَى لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَالْفَضْلِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُمَا يَقُولَانِ؛ لِأَنَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ وَقَالَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى يَكُونُ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَوْ سُنَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا) لَا يُسَاعِدُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَضَاهَا مَعَ الصُّبْحِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَلْ يَسْتَدِلُّ لَهُ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ» وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاتَتْهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ السُّنَنِ إلَى آخِرِهِ) وَفِي قَاضِي خَانْ وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا وَحْدَهَا لَا تُقْضَى وَإِنْ فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ لَا تُقْضَى عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ تُقْضَى وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَفِي الْمُحِيطِ وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا تُقْضَى وَحْدَهَا وَلَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ. اهـ. غَايَةٌ. وَفِي الْبَدَائِعِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي سَائِرِ السُّنَنِ سِوَى الْفَجْرِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا لَا تُقْضَى سَوَاءٌ فَاتَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْفَرِيضَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْضِي قِيَاسًا عَلَى الْوِتْرِ. اهـ. وَفِي الْكَافِي وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْوَقْتِ الْمُهْمَلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ فَرْضُ وَقْتٍ آخَرَ مَعَ أَنَّ وَقْتَهُ كَالْمَشْغُولِ بِهِ وَقِيلَ يَقْضِيهَا تَبَعًا أَيْضًا وَلَا يَقْضِيهَا مَقْصُودًا إجْمَاعًا. اهـ. .

(قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ فَاتَتْ عَنْ الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ فَلَا تَفُوتُ الرَّكْعَتَانِ أَيْضًا عَنْ مَوْضِعِهِمَا قَصْدًا بِلَا ضَرُورَةٍ وَفِي الْمُصَفَّى وَتَبِعَهُ شَارِحُ الْكَنْزِ جَعَلَ قَوْلَهُمَا بِتَأْخِيرِ الْأَرْبَعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقَعُ سُنَّةً بَلْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَقَعُ سُنَّةً فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَاَلَّذِي يَقَعُ عِنْدِي أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى قَضَاءِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُمَا وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهَا تُقْضَى اتِّفَاقٌ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ هَلْ تَقَعُ بَعْدَ الْفَجْرِ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا مُبْتَدَأً حَكَوْا الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا تُقْضَى أَوَّلًا فَلَوْ كَانَا يَقُولَانِ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ إنَّهَا تَكُونُ نَفْلًا مُطْلَقًا لَجَعَلُوهَا خِلَافِيَّةً فِي أَصْلِ الْقَضَاءِ فَاَلَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا وَقَضَى أَوَّلًا يَعْنِي أَنَّهَا تُفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَقَعُ سُنَّةً كَمَا هِيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ لَا تَقَعُ سُنَّةً وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ هَذَا مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ التَّرَاوِيحِ إذَا فَاتَتْ التَّرَاوِيحُ لَا تُقْضَى بِجَمَاعَةٍ وَهَلْ تُقْضَى بِلَا جَمَاعَةٍ قِيلَ نَعَمْ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ تَرَاوِيحَ أُخْرَى وَقِيلَ مَا لَمْ يَمْضِ رَمَضَانُ وَقِيلَ لَا تُقْضَى. قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا دُونَ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَتِلْكَ لَا تُقْضَى إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرِيضَةٍ فَكَذَا التَّرَاوِيحُ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَضَاهَا وَحْدَهُ كَانَ نَفْلًا مُسْتَحَبًّا وَلَا يَكُونُ تَرَاوِيحَ اهـ دَلَّ أَنَّهُ عَلَى اعْتِبَارِ جَعْلِهِ قَضَاءً يَقَعُ تَرَاوِيحَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>