وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الدُّخُولَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُذْ فَاتَهُ سِتَّةً، وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا، وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
فَرْعٌ} عَنْ أَبِي نَصْرٍ فِيمَنْ يَقْضِي صَلَوَاتِ عُمُرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَاتَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ نُقْصَانٍ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ لِكَرَاهَةٍ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَفْعَلُ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا بَعْدَهُ وَقَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ التَّرْجُمَانِيُّ: الْقَضَاءُ أَوْلَى فِي الْحَالَيْنِ. اهـ. غَايَةٌ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ قِيلَ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ الْأَوَّلَ صَارَ الظُّهْرُ الثَّانِي أَوَّلَ ظُهْرٍ مَتْرُوكٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقِيلَ يَنْوِي آخِرَ ظُهْرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَضَى الْآخِرَ صَارَ الَّذِي قَبْلَهُ آخِرًا، وَلَوْ نَوَى الْفَائِتَةَ وَلَمْ يَنْوِ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا جَازَ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ إلَى آخِرِهِ) احْتَجَّ بِأَنَّ كَثْرَةَ الشَّيْءِ هُوَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَقْصَاهُ وَأَقْصَى الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ فَشُبِّهَ بِالصَّوْمِ حَتَّى قَالُوا: إنَّ الْجُنُونَ الْكَثِيرَ مُفْسِدٌ بِاسْتِغْرَاقِ الشَّهْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ)؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ لَا تَدْخُلُ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَإِنَّمَا تَدْخُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا تَصِيرُ مُكَرَّرَةً، وَلَوْ تَرَكَ صَلَاةً، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِنَّ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَقْضِي الْمَتْرُوكَةَ وَأَرْبَعَةً بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ السَّادِسَةَ جَائِزَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِهَا حَتَّى صَلَّى السَّابِعَةَ فَالسَّابِعَةُ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ إذَا صَلَّى السَّابِعَةَ تَعُودُ الْمُؤَدَّيَاتُ الْخَمْسُ إلَى الْجَوَازِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ وَحْدَهَا اسْتِحْسَانًا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَخَمْسًا بَعْدَهَا قِيَاسًا وَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى السَّادِسَةَ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَوَائِتِ فَالسَّادِسَةُ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ صَلَّى السَّابِعَةَ تَنْقَلِبُ السَّادِسَةُ إلَى الْجَوَازِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْخَمْسِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَنْقَلِبُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ السِّتِّ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةً، ثُمَّ صَلَّى شَهْرًا، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ، وَخَمْسٌ بَعْدَهَا إلَّا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ يُعِيدُ الْفَائِتَةَ وَجَمِيعَ مَا صَلَّى بَعْدَهَا مِنْ صَلَاةِ الشَّهْرِ اهـ مِنْ الْبَدَائِعِ مُلَخَّصًا اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْخَمْسِ، وَهُوَ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَانَ فِيهِ شِيمَةُ الِاتِّحَادِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِيَّةُ فَشَرَطَ الدُّخُولَ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ لِتَثْبُتَ الْكَثْرَةُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ التَّكْرَارَ ثَمَّ لَزَادَتْ الزِّيَادَةُ الْمُؤَكَّدَةُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُؤَكَّدِ إذَا لَا يَدْخُلُ وَقْتُ وَظِيفَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَمْضِ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا اهـ. سَيِّدٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلَعَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ مُذْ فَاتَهُ سِتَّةً إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ سِتَّةً مُذْ فَاتَتْهُ الْفَائِتَةُ، وَإِنْ أَدِّي مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا، وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ مِنْ يَوْمٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ يَعْنِي بَيْنَ الْمَتْرُوكَاتِ وَعَلَى الثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا.
وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُصَفَّى فِي وَجْهِ اقْتِصَارِ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ عَلَى نَقْلِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا إذَا تَرَكَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ دُونَ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا قَالَ لِلْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ يَزِيدُ عَلَى سِتٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْفَوَائِتِ بِنَفْسِهَا سِتًّا يَعْنِي فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي الزَّائِدِ عَلَى الصَّلَاتَيْنِ اقْتَصَرَ فِي الْمَنْظُومَةِ عَلَى نَقْلِ الْخِلَافِ فِيهِمَا وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ عَلِمَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَادَةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ كَمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَى قَوْلِهِ كَوْنُ الْمُتَخَلَّلَاتِ سِتَّ فَوَائِتَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ دُخُولِ وَقْتِهَا تَثْبُتُ الصِّحَّةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فَائِتًا سِوَى الْمَتْرُوكَةِ إذْ ذَاكَ، وَالْمُسْقَطُ هُوَ سِتُّ فَوَائِتَ لَا مُجَرَّدُ أَوْقَاتٍ لَا فَوَائِتَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ السُّقُوطُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلْزَامُ الِاشْتِغَالِ بِأَدَائِهَا إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ فَمُجَرَّدُ الْأَوْقَاتِ بِلَا فَوَائِتَ لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فَإِنْ قُلْت إنَّمَا ذَكَرَ مَنْ رَأَيْت فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى السَّادِسَةَ مِنْ الْمُؤَدَّيَاتِ، وَهِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ صَارَتْ الْخَمْسُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَحْكُمُوا بِالصِّحَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مَقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِصِحَّةِ الْخَمْسِ يَقْطَعُ بِثُبُوتِ الصِّحَّةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَدَّاهَا أَوْ لَا.
وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بِالْخَطَأِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ خِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي الثَّلَاثِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُوَ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الثِّنْتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا نُحَقِّقُهُ بِذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ بِشُعَبِهَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ إذْ قَدْ صَيَّرْنَا إلَيْهَا إحْرَازًا لِفَائِدَتِهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِيهَا إلْحَاقُ نَاسِي التَّرْتِيبَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْفَائِتَتَيْنِ بِنَاسِي الْفَائِتَةِ فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِهِ وَهُوَ أَلْحَقَهُ بِنَاسِي التَّعْيِينِ وَهُوَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَا هِيَ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِجَامِعِ تَحَقُّقِ طَرِيقٍ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ سُلُوكُهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ يُصَرِّحُ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ فَيَجِبُ الطَّرِيقُ الَّتِي تَعَيَّنَهَا كَمَا قِيلَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ صُورَةُ قَضَاءِ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ، ثُمَّ الظُّهْرَ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَوَّلًا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute