للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي عَوْدِهِ إلَى الْقِيَامِ رِوَايَتَانِ، وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْقُنُوتِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَةِ الْعِيدِ وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ فَإِذَا تَرَكَهَا أَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً مِنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ تَبَعًا لِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُلْحَقَةً بِهَا وَمِنْهَا الْبَسْمَلَةُ فَإِذَا تَرَكَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ، وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ يَجِبُ، وَإِنْ تَرَكَهَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ لَا يَجِبُ، وَمِنْهَا الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ حَتَّى لَوْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ بِهِ السَّهْوُ مِنْهُمَا فَقِيلَ إنْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ يَنْظُرُ فَإِنْ خَافَتَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ أَكْثَرِهَا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَإِنْ خَافَتَ فِي أَقَلِّهَا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجَهْرِ فِيمَا يُخَافِتُ أَقْبَحُ مِنْ الْمُخَافَتَةِ فِيمَا يَجْهَرُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالْمَنْسُوخِ فَغُلِّظَ حُكْمُهُ، وَلِأَنَّ لِصَلَاةِ الْجَهْرِ حَظًّا مِنْ الْمُخَافَتَةِ كَالْفَاتِحَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. وَكَذَا الْمُنْفَرِد يَتَخَيَّرُ فِيمَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ وَلَا حَظَّ لِصَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ مِنْ الْجَهْرِ فَأَوْجَبْنَا السُّجُودَ فِي الْجَهْرِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَشَرَطْنَا الْكَثْرَةَ فِي الْمُخَافَتَةِ وَفِي الْفَاتِحَةِ أَكْثَرَهَا؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ كُلَّهَا ثَنَاءٌ وَدُعَاءٌ؛ وَلِهَذَا شُرِعَتْ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ فَأُعْطِيَ لَهَا حُكْمُ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ مِنْ وَجْهٍ، وَإِنْ كَانَتْ تِلَاوَةً حَقِيقَةً وَالْجَهْرُ بِالثَّنَاءِ لَا يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ وَبِالتِّلَاوَةِ يُوجِبُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْفَصْلَيْنِ قَدْرُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَعَنْ الْكَثِيرِ يُمْكِنُ، وَمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ كَثِيرٌ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ آيَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ فَفِي عَوْدِهِ إلَى الْقُنُوتِ رِوَايَتَانِ إلَى آخِرِهِ) أَحَدُهُمَا يَعُودُ وَيَقْنُتُ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ الرُّكُوعَ وَالْأَوَّلُ الْأَوْجَهُ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقُنُوتِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ، ثُمَّ رَجَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى رِوَايَةَ عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى الْقُنُوتِ وَجَعَلَهَا ظَاهِرَ الرَّاوِيَةِ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي بَابِ الْقُنُوتِ، وَأَمَّا حُكْمُ الْقُنُوتِ إذَا فَاتَ عَنْ مَحَلِّهِ فَيَقُولُ إذَا نَسِيَ الْقُنُوتَ حَتَّى رَكَعَ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَعُودُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقُنُوتُ وَإِنْ كَانَ فِي الرُّكُوعِ فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقُنُوتِ؛ لِأَنَّ لَهُ شَبَهًا بِالْقُرْآنِ فَيَعُودُ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ، وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ يَعُودُ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ كَذَا هَذَا وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ أَنَّ الرُّكُوعَ يَتَكَامَلُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يُعْتَبَرُ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا فَيَتَكَامَلُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ عَلَى التَّعْيِينِ وَاجِبَةٌ فَيُنْتَقَضُ الرُّكُوعُ بِتَرْكِهَا فَكَانَ نَقْضُ الرُّكُوعِ لِلْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَالْأَحْسَنِ وَكَانَ مَشْرُوعًا.

وَأَمَّا الْقُنُوتُ فَلَيْسَ مِمَّا يَتَكَامَلُ بِهِ الرُّكُوعُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا قُنُوتَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالرُّكُوعُ يُعْتَبَرُ بِدُونِهِ فَلَمْ يَكُنْ النَّقْضُ لِلتَّكْمِيلِ لِكَمَالِهِ فِي نَفْسِهِ فَلَوْ نَقَضَ كَانَ النَّقْضُ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْفَرْضِ لِتَحْصِيلِ الْوَاجِبِ فَهُوَ الْفَرْقُ وَلَا يَقْنُتُ فِي الرُّجُوعِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ إذَا تَذَكَّرَهَا فِي حَالِ الرُّكُوعِ حَيْثُ يُكَبِّرُ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْقِيَامِ الْمَحْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ يُؤْتَى بِهَا فِي حَالَةِ الِانْحِطَاطِ وَهِيَ مَحْسُوبَةٌ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَإِذَا جَازَ أَدَاءُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحْضِ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَ أَدَاءُ الْبَاقِي مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَأَمَّا الْقُنُوتُ فَلَمْ يُشْرَعْ إلَّا فِي مَحَلِّ الثَّنَاءِ غَيْرِ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ قِيَامٌ مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْ أَنَّهُ عَادَ إلَى الْقِيَامِ وَقَنَتَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْتَقَضَ رُكُوعُهُ عَلَى قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ حَيْثُ يُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ فَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ قَضَاهَا فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ إذَا تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ حَيْثُ يَسْقُطُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ)، وَكَذَا إذَا سَهَا عَنْهَا أَوْ أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ تَغْيِيرُ فَرْضٍ أَوْ وَاجِبٍ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْبَسْمَلَةُ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ وَلَا يَتَعَلَّقُ السَّهْوُ بِتَرْكِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ وَتَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَكُلُّ ذِكْرٍ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَامَةً لِغَيْرِهِ فَتَرْكُهُ لَا يُلْزِمُ السَّهْوَ وَمَا هُوَ مَقْصُودٌ وَهُوَ أَنْ لَا يُجْعَلَ عَلَامَةً لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ) وَفِي الْمُفِيدِ لَا يَجِبُ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّأْمِينِ شَيْءٌ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ لَا يَجِبُ) وَأَوْجَبَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ السَّهْوَ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ إلَى آخِرِهِ) فِي الْمُنْتَقَى وَغَرِيبِ الرَّاوِيَةِ فِي النَّفْلِ يَجْهَرُ فَإِنْ خَافَتْ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْفَصْلَيْنِ إلَخْ)، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ الْقَاضِي التَّمِيمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ كَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُهُ مُخَيَّرًا فِي الْجَهْرِيَّةِ مُسَلَّمٌ أَمَّا فِي السَّرِيَّةِ قُلْنَا أَنْ نَمْنَعَ تَجْوِيزَ الْجَهْرِيَّةِ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي يُخَافِتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ لَا يُخَيِّرُ الْمُنْفَرِدُ بَيْنَ الْجَهْرِيَّةِ وَالْمُخَافَتَةِ بَلْ يُخَافِتُ اهـ. وَقَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُخْفِي فِيمَا يُخْفِي الْإِمَامُ وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهَا اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>