للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُمَا مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْهَا الْقَعْدَةُ الْأُولَى حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ. وَكَذَا تَأْخِير الرُّكْنِ يُوجِبُ السَّهْوَ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَكَذَا تَكْرَارُهُ كَرُكُوعَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ، وَفِي الْبَدَائِعِ اخْتَلَفُوا فِي تَرْكِ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ وَالْقَوْمَةِ وَالْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِسَهْوِ إمَامِهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِسَهْوِ إمَامِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَجَدَ وَسَجَدَ الْقَوْمُ مَعَهُ» وَلِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ؛ وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الْأَرْبَعُ بِاقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ الْمُقِيمِ أَوْ نَوَى إمَامُهُ الْإِقَامَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَقْتَ السَّهْوِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَمَا سَهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ تَبَعًا لَهُ، وَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَ مَا سَجَدَ سَجْدَةَ السَّهْوِ يُتَابِعُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقْضِي الْأُولَى، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَهُمَا لَا يَقْضِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لَا يَسْجُدْ الْمُؤْتَمُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ وَمَا الْتَزَمَ الْأَدَاءَ إلَّا تَبَعًا لَهُ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ حَيْثُ يَأْتِي بِهِ الْمُؤْتَمُّ، وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ الْإِمَامُ فِيهِ حَتْمًا وَسُجُودُ السَّهْوِ يُؤَدَّى فِي حُرْمَتِهَا؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ بَعْدَ مَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا بِسَهْوِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ بِسَهْوِ نَفْسِهِ يَعْنِي الْمُقْتَدِيَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ وَحْدَهُ كَانَ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ، وَلَوْ تَابَعَهُ الْإِمَامُ يَنْقَلِبُ التَّبَعُ أَصْلًا، وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا فَسَهَا بَعْدَ مَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِيهِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ يَنْظُرُ فَإِنْ سَلَّمَ مُقَارِنًا لِسَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ بِهِ، وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إلَيْهِ أَقْرَبُ عَادَ)؛ لِأَنَّ مَا يَقْرُبُ إلَى الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ ثُمَّ، قِيلَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِقَدْرِ مَا اشْتَغَلَ بِالْقِيَامِ أَخَّرَ وَاجِبًا وَجَبَ وَصْلُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ إلَى آخِرِهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْأَكْمَلُ وَأَمَّا كَوْنُ وُجُوبِ الْمُخَافَتَةِ مِنْ خَصَائِصِهَا فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةُ فَيَجِبُ السَّهْوُ بِتَرْكِهَا أُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَجْهُ رِوَايَةِ النَّوَادِرِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُنْفَرِدِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَنَّ عَلَيْهِ السَّهْوَ لِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُخَافَتَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِنَفْيِ الْمُغَالَطَةِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي صُورَةٍ تُؤَدَّى عَلَى الشُّهْرَةِ وَالْمُنْفَرِدُ لَمْ يُؤَدِّ كَذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ الْمُخَافَتَةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِسَهْوِ إمَامِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَيْ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهِ وَاجِبًا إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ بِتَرْكِ إمَامِهِ الْوَاجِبَ إنْ كَانَ مُقْتَدِيًا كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ يَتْرُكُهَا الْمُقْتَدِي أَيْضًا اهـ ع (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ) حَتَّى قَالُوا لَوْ تَرَكَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ التَّشَهُّدَ حَتَّى قَامُوا مَعَهُ بَعْدَ مَا تَشَهَّدَ كَانَ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَنْ يَعُودَ فَيَتَشَهَّدَ وَيَلْحَقُهُ، وَإِنْ خَافَ أَنْ يَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ الثَّالِثَةُ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ هُنَا فَرْضٌ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ فَلَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْضِي السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ هُوَ يَقْضِي هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ ضَمِنَ قَضَاءِ الرَّكْعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِإِحْرَازِ الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى إذَا خَافَ فَوْتَهَا، وَهُنَا لَا يَقْضِي التَّشَهُّدَ بَعْدَ هَذَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ ثُمَّ يَتْبَعُ كَاَلَّذِي نَامَ خَلْفَ إمَامِهِ، ثُمَّ انْتَبَهَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَقْتَ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْمُحِيطِ اللَّاحِقُ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ مَعَ إمَامِهِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ لَيْسَ بِآخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ آخِرُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَصِيرُ فِي حَقِّهِ آخِرًا تَحْقِيقًا لِلْمُتَابَعَةِ، وَلَوْ تَابَعَ الْمَسْبُوقُ إمَامَهُ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ انْفِرَادُهُ وَفِي الْفَتَاوَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَسْبُوقُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَدَتْ. اهـ. غَايَةٌ.

قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاللَّاحِقُ لَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَأْتِي بِهِمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَتَى بِهِ الْإِمَامُ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ إلَى آخِرِهِ) وَقَدْ أُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ إشْكَالٌ، وَهُوَ مَا إذَا قَامَ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَالْمُقِيمُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، عُلِمَ بِهَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا تُعَدُّ مُخَالَفَةً وَفِي النِّهَايَةِ جَوَابُهُ أَنَّ هَاهُنَا يَصِيرُ مُخَالِفًا وَهُنَاكَ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَوْ سَجَدَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْجُدَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهَا فَفِي الْأَوَّلِ مُخَالَفَةٌ صُورَةً وَمَعْنًى، وَفِي الثَّانِي مَعْنًى لَا صُورَةً؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ فِي صَلَاةٍ أَدَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ هَاهُنَا فَصَارَ كَأَنَّهُ سَجَدَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَكَانَتْ مُخَالَفَةً مَعْنًى بِخِلَافِ تَيْنِكَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَقَّقَانِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَتَعَلَّقَا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَا تَكُونُ مُخَالَفَةً صُورَةً وَلَا مَعْنًى. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا إذَا سَلَّمَ سَاهِيًا أَمَّا إذَا سَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ سَلَامَ الْعَمْدِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِي الثَّانِيَةِ اِ هـ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ الثَّلَاثِ مِنْ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُحِيطِ فِي الظُّهْرِ؛ وَلِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأُولَى فِي التَّطَوُّعِ فَرْضٌ فَكَانَتْ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهَا لَا مَحَالَةَ وَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا. اهـ. كَاكِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>