للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَانَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لِلْغَانِمِينَ قُلْنَا لِلْوَاجِدِ يَدٌ حَقِيقَةً لِثُبُوتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَيَدُ الْغَانِمِينَ حُكْمِيَّةٌ لِثُبُوتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْلَى بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ وَاعْتُبِرَتْ الْحُكْمِيَّةُ فِي حَقِّ الْخُمُسِ وَاعْتِبَارُهُ بِالزَّرْعِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَجِبُ فِيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَ صَاحِبِهِ سِنِينَ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ تَجِبُ فِيهِمَا كُلَّمَا حَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ فَافْتَرَقَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا دَارِهِ وَأَرْضِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ فِيمَا وَجَدَهُ فِي دَارِهِ وَأَرْضِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجِبُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَهُ أَنَّ الدَّارَ مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ وَالْمَعْدِنُ جُزْءٌ مِنْهَا فَلَا يُخَالِفُ الْكُلَّ بِخِلَافِ الْكَنْزِ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ وَفِيمَا إذَا وَجَدَهُ فِي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا يَجِبُ كَمَا ذُكِرَ هُنَا لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ مِنْهَا خُمُسٌ فَكَذَا فِي هَذَا الْجُزْءِ وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَجِبُ لِأَنَّ الْأَرْضَ مَا مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِيهَا الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ نَخْلَةٌ تَطْرَحُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَكْرَارًا مِنْ الثِّمَارِ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكَنْزٌ) أَيْ وَخُمِسَ كَنْزٌ فَيَكُونُ الْخُمُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ خُمِسَ مَعْدِنُ نَقْدٍ قَالَ (وَبَاقِيَةٌ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ مِنْ الْكَنْزِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ وَهُوَ الَّذِي مَلَّكَهُ الْإِمَامُ هَذِهِ الْبُقْعَةَ أَوَّلَ الْفَتْحِ هَذَا إذَا وُجِدَ فِي بُقْعَةٍ مَمْلُوكَةٍ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَإِنْ وُجِدَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ لِلْوَاجِدِ فِي الْمَمْلُوكَةِ أَيْضًا أَمَّا وُجُوبُ الْخُمُسِ فَلِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَهُوَ يَشْمَلُ الْمَعْدِنَ وَالْكَنْزَ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّكْزِ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ وَإِنْ كَانَ الْمُثْبَتُ مُخْتَلِفًا وَأَمَّا الْبَاقِي فَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّهُ مِنْ دَفِينِ الْكُفَّارِ وَقَدْ وَقَعَ أَصْلُهُ فِي يَدِ الْغَانِمِينَ إلَّا أَنَّهُمْ هَلَكُوا قَبْلَ تَمَامِ الْإِحْرَازِ مِنْهُمْ فَصَارَ الْمُسْتَخْرِجُ أَوَّلَ مُحْرِزٍ لَهُ فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ كَمَا إذَا وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ حَيْثُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَلَهُمَا أَنَّ يَدَ الْمُخْتَطِّ لَهُ سَبَقَتْ إلَيْهِ وَهُوَ مَالٌ مُبَاحٌ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا مَلَّكَهُ صَارَتْ فِي يَدِهِ بِمَا فِي بَاطِنِهَا وَهِيَ يَدُ الْخُصُوصِ فَيَمْلِكُ بِهَا مَا فِي بَاطِنِهَا ثُمَّ بِالْبَيْعِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِيهِ لَفْظَ الرِّكَازِ بَلْ السُّيُوبِ فَإِذَا كَانَتْ السُّيُوبُ تَخُصُّ النَّقْدَيْنِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إفْرَادُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ وَالِاتِّفَاقُ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَصِّصٍ لِلْعَامِّ. اهـ. (قَوْلُهُ قُلْنَا لِلْوَاجِدِ يَدٌ حَقِيقَةً إلَى آخِرِهِ) لِأَنَّهُمْ لَمَّا ثَبَتَتْ أَيْدِيهِمْ عَلَى ظَاهِرِ الْأَرْضِ حَقِيقَةً ثَبَتَتْ عَلَى بَاطِنِهَا حُكْمًا فَصَارَ مَا فِي بَاطِنِهَا غَنِيمَةً حُكْمًا لَا حَقِيقَةً اهـ.

(قَوْلُهُ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْلَى بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ) أَيْ مُسْلِمًا كَانَ الْوَاجِدُ أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ هَذَا الْمَالِ لِاسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ فَكُلُّ مَنْ سَمَّيْنَاهُ لَهُ حَقٌّ فِيهَا سَهْمًا أَوْ رَضْخًا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْمِنُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ لَوْ وَجَدَ فِي دَارِنَا. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ أَمَّا الْحَرْبِيُّ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا وَطَلَبَ الْمَعْدِنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ وَجَدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكُلُّ وَلَوْ طَلَبَ بِإِذْنِهِ يُخْمَسُ أَمَّا لَوْ وَجَدَهُ الذِّمِّيُّ يُخْمَسُ فِي الْحَالَيْنِ وَالْبَاقِي لَهُ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَلَهُ رَضْخٌ فِي الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَالَا يَجِبُ لِمَا ذَكَرْنَا) قَالَ الْكَمَالُ اسْتَدَلَّ لَهُمَا بِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَقَدَّمَ أَنَّهُ أَعَمَّ مِنْ الْمَعْدِنِ وَلَهُ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا مُؤْنَةَ فِي أَرْضِ الدَّارِ فَكَذَا فِي هَذَا الْجُزْءِ مِنْهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالدَّارِ وَصِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إبْدَاءِ دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَكَوْنِ الدَّارِ خُصَّتْ مِنْ حُكْمَيْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بِالْإِجْمَاعِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً مِنْ كُلِّ حُكْمٍ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي كُلِّ حُكْمٍ عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَ الْمَعْدِنِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّهُ خُلِقَ فِيهِ مَعَ خِلْقَتِهَا لَا يُوجِبُ الْجُزْئِيَّةَ وَعَلَى حَقِيقَةِ الْجُزْئِيَّةِ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ مِنْ حُكْمِ الْأَرْضِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ هَذَا التَّأْوِيلِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْدِنُ جُزْءٌ مِنْهَا فَلَا يُخَالِفُ الْكُلَّ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَجَازَ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ قُلْنَا أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا بِخِلَافِ الْكَنْزِ لَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَنْزِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ) أَيْ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ فِيهَا عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ) أَوْ لِوَرَثَتِهِ أَوْ وَرَثَةِ وَرَثَتِهِ إنْ عُرِفُوا وَإِلَّا يُعْطَ أَقْصَى مَالِكٍ لِلْأَرْضِ أَوْ وَرَثَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُوا فَلِبَيْتِ الْمَالِ. اهـ. سَرُوجِيٌّ وَفِي الْمُجْتَبَى فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْمُخْتَطُّ لَهُ وَلَا وَرَثَتُهُ ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَذَكَرَ السُّرُوجِيُّ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْصَى مَالِكٍ يُعْرَفُ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِلْمُتَأَمِّلِ قَالَهُ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ مِنْهُ لِلْوَاجِدِ اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ) أَيْ كَالْجِبَالِ وَالْمَفَاوِزِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ. غَايَةٌ وَقَوْلُهُ لِلْوَاجِدِ أَيْ اتِّفَاقًا غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ لِلْوَاجِدِ) وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. اهـ. غَايَةٌ وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الثَّلَاثَةُ. اهـ. عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ) أَيْ فَلَا يَمْلِكُهُ مُشْتَرِي الْأَرْضِ كَاللُّؤْلُؤَةِ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ يَمْلِكُهَا الصَّائِدُ لِسَبْقِ يَدِ الْمَخْصُوصِ إلَى السَّمَكَةِ حَالَ إبَاحَتِهَا ثُمَّ لَا يَمْلِكُهَا مُشْتَرِي السَّمَكَةِ لِانْتِفَاءِ الْإِبَاحَةِ هَذَا وَمَا ذُكِرَ فِي السَّمَكَةِ مِنْ الْإِطْلَاقِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الدُّرَّةُ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْمَثْقُوبَةِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي بَطْنِهَا عَنْبَرٌ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا تَأْكُلُهُ وَكُلُّ مَا تَأْكُلُهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الدُّرَّةُ فِي صَدَفَةٍ مَلَكَهَا الْمُشْتَرِي قُلْنَا هَذَا الْكَلَامُ لَا يُفِيدُ إلَّا مَعَ دَعْوَى أَنَّهَا تَأْكُلُ الدُّرَّةَ غَيْرَ الْمَثْقُوبَةِ كَأَكْلِهَا الْعَنْبَرَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ نَعَمْ قَدْ يُتَّفَقُ أَنَّهَا تَبْتَلِعُهَا مَرَّةً بِخِلَافِ الْعَنْبَرِ لِأَنَّهُ حَشِيشٌ وَالصَّدَفُ دَسَمٌ وَمِنْ شَأْنِهَا أَكْلُ ذَلِكَ. اهـ. فَتْحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>