فِيهَا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِأَنْ كَانَ نَقْشُهُ صَنَمًا أَوْ اسْمَ مُلُوكِهِمْ الْمَعْرُوفِينَ وَإِنْ كَانَ ضَرْبُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَالْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَحُكْمُهَا مَعْرُوفٌ وَإِنْ اشْتَبَهَ الضَّرْبُ عَلَيْهِمْ فَهُوَ جَاهِلِيٌّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ يُجْعَلُ إسْلَامِيًّا فِي زَمَانِنَا لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ وَالْمَتَاعُ مِنْ السِّلَاحِ وَالْآلَاتِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَالْفُصُوصِ وَالْقُمَاشِ فِي هَذَا كَالْكَنْزِ حَتَّى يُخْمَسَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِلْكُفَّارِ فَحَوَتْهُ أَيْدِينَا قَهْرًا فَصَارَتْ غَنِيمَةً
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَزِئْبَقٌ) أَيْ وَخُمِسَ زِئْبَقٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ فِيهِ الْخُمُسُ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَكُنْت أَقُولُ فِيهِ الْخُمُسُ فَلَمْ أَزَلْ أُنَاظِرُهُ حَتَّى قَالَ فِيهِ الْخُمُسُ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنْبُعُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَائِعٌ يَنْبُعُ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْقِيرَ وَالنِّفْطَ وَلَهُمَا أَنَّهُ يَنْطَبِعُ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ حَجَرٌ يُطْبَخُ فَيَسِيلُ الزِّئْبَقُ مِنْهُ فَأَشْبَهَ الرَّصَاصَ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا رِكَازَ دَارِ حَرْبٍ) أَيْ لَا يُخْمَسُ رِكَازٌ وَجَدَهُ مُسْتَأْمِنٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ هُوَ الْمَأْخُوذُ جَهْرًا وَقَهْرًا وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مُتَلَصِّصٍ غَيْرِ مُجَاهِرٍ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ بَعْضِهِمْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ تَحَرُّزًا عَنْ الْغَدْرِ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ فَهُوَ لَهُ لِعَدَمِ الْغَدْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ عَلَى الْخُصُوصِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالْكَنْزِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الرِّكَازِ لِيَدْخُلَ النَّوْعَانِ فِيهِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفَيْرُوزَجُ) أَيْ لَا يُخْمَسُ فَيْرُوزَجُ وَهُوَ حَجَرٌ مُضِيءٌ يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا خُمُسَ فِي الْحَجَرِ» وَكَذَا لَا يَجِبُ فِي الْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَجَمِيعِ الْجَوَاهِرِ وَالْفُصُوصِ مِنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ السُّرُوجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَرْضَ بِدَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِيهَا مَعْدِنَ فِضَّةٍ أَضْعَافَ الثَّمَنِ فَهَذَا رِبًا مُحَقَّقٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَحُكْمُهَا مَعْرُوفٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَعَلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا أَبَدًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَيْ الْجَاهِلِيُّ أَصْلٌ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الشَّرْعِ أَوْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَكْنِزَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] الْآيَةَ وَكَانَ الْكَنْزُ مَخْصُوصًا بِالْجَاهِلِيَّةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ) فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيَجِبُ الْبَقَاءُ مَعَ الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافُهُ وَالْحَقُّ مَنْعُ هَذَا الظَّاهِرِ بَلْ دَفِينُهُمْ إلَى الْيَوْمِ يُوجَدُ بِدِيَارِنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ وَزَئْبِقٌ) وَهُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ بَعْدَ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ بِالْهَمْزَةِ. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالزَّئْبِقُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقَدْ عُرِّبَ بِالْهَمْزَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إلَى آخِرِهِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الزِّئْبَقِ الَّذِي أُصِيبَ فِي مَعْدِنِهِ لِأَنَّ الزِّئْبَقَ الْمَوْجُودُ فِي خَزَائِنِ الْكُفَّارِ يُخْمَسُ اتِّفَاقًا. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا (قَوْلُهُ فَلَمْ أَزَلْ أُنَاظِرُهُ) وَأَقُولُ هُوَ كَالرَّصَاصِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ الْقِيرَ وَالنِّفْطَ) فَيَصِيرُ مِنْ جُمْلَةِ الْمِيَاهِ وَلَا خُمُسَ فِي الْهَارِبَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ يَنْطَبِعُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ فَكَانَ كَالْفِضَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْطَبِعُ مَا لَمْ يُخَالِطُهَا شَيْءٌ. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مُتَلَصِّصٍ) وَلَوْ دَخَلَ الْمُتَلَصِّصُ دَارَهُمْ فَأَخَذَ شَيْئًا لَا يُخْمَسُ لِانْتِفَاءِ مُسَمَّى الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهَا مَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ غَلَبَةً وَقَهْرًا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ غَايَةُ مَا تَقْتَضِيهِ الْآيَةُ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْخُمُسِ فِي مُسَمَّى الْغَنِيمَةِ فَانْتِفَاءُ مُسَمَّى الْغَنِيمَةِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْ ذَلِكَ الْكَنْزِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْخُمُسِ إلَّا بِالْإِسْنَادِ إلَى الْأَصْلِ وَقَدْ وُجِدَ دَلِيلٌ يَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ وَهُوَ عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» بِخِلَافِ الْمُتَلَصِّصِ فَإِنَّ مَا أَصَابَهُ لَيْسَ غَنِيمَةً وَلَا رِكَازًا وَلَا دَلِيلَ يُوجِبُهُ فِيهِ فَبَقِيَ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ. اهـ. فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ بَعْضِهِمْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعْدِنًا أَوْ كَنْزًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ تَحَرُّزًا عَنْ الْغَدْرِ) وَمَعَ هَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا مَلَكَهُ وَلَمْ يُطْلَبْ بِهِ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَفِي هَذَا الْمَحَلِّ فُرُوعٌ جَمَّةٌ يُنْظَرُ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ) أَيْ أَرْضٍ لَا مَالِك لَهَا كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَتَعْلِيلُ الْكِتَابِ يُفِيدُهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ لِعَدَمِ الْغَدْرِ) يَعْنِي أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ دَارُ إبَاحَةٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّحَرُّزُ مِنْ الْغَدْرِ فَقَطْ وَبِأَخْذِ غَيْرِ مَمْلُوكٍ مِنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لَمْ يَغْدِرْ بِأَحَدٍ بِخِلَافِهِ مِنْ الْمَمْلُوكَةِ نَعَمْ لَهُمْ يَدٌ حُكْمِيَّةٌ عَلَى مَا فِي صَحْرَاءِ دَارِهِمْ وَدَارُ الْحَرْبِ لَيْسَتْ دَارَ أَحْكَامٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إلَّا الْحَقِيقَةُ بِخِلَافِ دَارِنَا فَلِذَا لَا يُعْطَى الْمُسْتَأْمِنُ مِنْهُمْ مَا وَجَدَهُ فِي صَحْرَائِنَا. اهـ. فَتْحٌ.
١ -
(فُرُوعٌ) وَمَنْ يَحْفِرُ مَعْدِنًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ يُخْرِجُ الْخُمُسَ وَبَاقِيهِ لَهُ وَإِنْ حَفَرَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَجَاءَ آخَرُ فَحَفَرَ وَوَصَلَ إلَى الْمَعْدِنِ فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ الْوَاجِدُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحَفْرِ فَوَجَدَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَمَنْ تَقَبَّلَ مِنْ السُّلْطَانِ مَعْدِنًا فَاسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ وَاسْتَخْرَجُوا الْمَعْدِنَ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي لِلْمُتَقَبِّلِ وَإِنْ عَمِلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَقَبِّلِ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَهُمْ دُونَ الْمُتَقَبِّلِ وَلَوْ بَاعَ الرِّكَازَ فَالْخُمُسُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَاجِدِ الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ. اهـ. غَايَةٌ وَدِرَايَةٌ
١ -
وَفِي الدِّرَايَةِ مَصْرِفُ خُمُسِ الْمَعْدِنِ مَصْرِفُ الْغَنِيمَةِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَالْمُزَنِيِّ وَابْنُ الْوَكِيلِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُصْرَفُ إلَى حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَذَوِي الْمَرَضِ وَكَتَبَةِ الْأُمَرَاءِ وَدَوَابِّ الْبُرُدِ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُصْرَفُ مَصَارِفَ الزَّكَاةِ وَقَاسَهُ عَلَى الزَّرْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا خُمُسَ فِي الْحَجَرِ») هُوَ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ» مِنْ طَرِيقَيْنِ ضَعِيفَيْنِ الْأَوَّلُ بِعُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ الْكَلَاعِيِّ وَالثَّانِي بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ لَيْسَ فِي حَجَرِ اللُّؤْلُؤِ