للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ بِوَطْءٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ وَطْئًا عِنْدَ ثُبُوتِ حُكْمِهِ وَهُوَ حِلُّ الْوَطْءِ وَوُجُودُ الْوَلَدِ وَحُكْمُ الشَّيْءِ يَعْقُبُهُ، وَحَالُ صُدُورِهِ خَالٍ عَنْهُ فَيَصِحُّ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ ثُمَّ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِنْدَنَا، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِنِكَاحِ أُخْتِهَا، وَالْأُخْرَى مَنْكُوحَةٌ فَيَحِلُّ وَطْؤُهَا وَنَحْنُ نَقُولُ: لَوْ جَامَعَ الْمَنْكُوحَةَ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا، وَلَوْ جَامَعَ الْمَمْلُوكَةَ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَإِذَا حَرَّمَ الْمَمْلُوكَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ كَالْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْهِبَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ حَلَّ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ لَا تَحِلُّ بِالْكِتَابَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْأَمَةَ مِنْ إنْسَانٍ لَا تَحِلُّ الْمَنْكُوحَةُ حَتَّى تَحِيضَ الْمَمْلُوكَةُ حَيْضَةً لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهَا تَحْرُمُ بِالْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَإِعْتَاقُ الْبَعْضِ كَإِعْتَاقِ الْكُلِّ، وَكَذَا تَمْلِيكُ الْبَعْضِ كَتَمْلِيكِ الْكُلِّ لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، وَأَرَادَ بِالتَّزَوُّجِ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِهَا فَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ لِوُجُودِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ فَصَارَ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَكَذَا بِالتَّزْوِيجِ الصَّحِيحِ هُوَ الْمُرَادُ بِهِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَتَحْرُمُ بِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا يُؤَثِّرُ الْإِحْرَامُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصَّوْمُ، وَيَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ الْمَمْلُوكَةَ؛ لِأَنَّ الْمَرْقُوقَةَ لَيْسَتْ بِمَوْطُوءَةٍ حُكْمًا فَلَا يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَعَلَى هَذَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى وَإِنْ وَطِئَهُمَا حُرِّمَتَا جَمِيعًا حَتَّى تَخْرُجَ إحْدَاهُمَا مِنْ مِلْكِهِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ وَلَمْ يَدْرِ الْأُولَى فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا)؛ لِأَنَّ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا بَطَلَ بِيَقِينٍ وَلَا وَجْهَ إلَى التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَا إلَى التَّنْفِيذِ مَعَ الْجَهَالَةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لِلضَّرَرِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا بِإِلْزَامِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ حَاجَةٍ، وَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ كَالْمُعَلَّقَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ قَدْ أَعْرَضَ عَنْهَا، وَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ فَتَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ، وَقَوْلُهُ فِي عَقْدَيْنِ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمَا بِيَقِينٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَدْرِي الْأُولَى احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا دَرَى مَنْ هِيَ الْأُولَى فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ عَقْدُ الْأُولَى، وَيَحِلُّ وَطْؤُهَا إلَّا إذَا وَطِئَ الثَّانِيَةَ فَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ الْأُولَى مَا دَامَتْ الثَّانِيَةُ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَحِلُّ وَطْءُ الثَّانِيَةِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُمَا، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْمُعْتَدَّةِ دُونَ الْأُخْرَى كَيْ لَا يَكُونَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا

وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا دُونَ الْأُخْرَى مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتَهَا؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا تَمْنَعُ التَّزَوُّجَ بِأُخْتِهَا وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ لِعَدَمِ الْمَانِعِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ)؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلْأُولَى مِنْهُمَا فَيُصْرَفُ إلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ: مَعْنَى مَسْأَلَةِ أَنْ تَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا هِيَ الْأُولَى، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَيَقْضِي لَهُمَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَمَّا إذَا قَالَتَا: لَا نَدْرِي أَيُّ النِّكَاحَيْنِ أَوَّلُ لَا يَقْضِي لَهُمَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ مَجْهُولٌ، وَجَهَالَةُ الْمَقْضِيِّ لَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَضَاءِ كَمَنْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: لِأَحَدِكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَكَذَا هَذَا إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَخْذِ نِصْفِ الْمَهْرِ مِنْهُ فَيَقْضِي لَهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُمَا شَيْءٌ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَلِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَجِبُ الْمَهْرُ كَامِلًا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الشَّيْءِ يَعْقُبُهُ) هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلَ الْعِلَّةَ غَيْرَ مُقَارِنَةٍ لِلْمَعْلُولِ أَمَّا مَنْ يَجْعَلَ الْعِلَّةَ مُقَارِنَةً لِلْمَعْلُولِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا) فَعَلَى هَذَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّمْلِيكِ حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ بِمُجَرَّدِ التَّمْلِيكِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِالتَّزْوِيجِ) أَيْ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ أَرَادَ بِهِ التَّزْوِيجَ الصَّحِيحَ لَا الْفَاسِدَ إلَّا إذَا دَخَلَ بِهَا فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَرْقُوقَةَ لَيْسَتْ بِمَوْطُوءَةٍ حُكْمًا) أَيْ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَمْ يُوضَعْ لِلْوَطْءِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا بِدَعْوَةٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى) أَيْ حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِسَبَبٍ، وَلَوْ وَطِئَهَا أَثِمَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَ إحْدَاهُمَا عَنْ مِلْكِهِ) وَلَوْ بَاعَ إحْدَاهُمَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ زَوَّجَهَا ثُمَّ رُدَّتْ الْمَبِيعَةُ أَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ أَوْ طَلُقَتْ الْمَنْكُوحَةُ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَحِلَّ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى بِسَبَبٍ كَمَا كَانَ أَوَّلًا. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ إلَى التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ) طُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا وَنَسِيَهَا حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ، وَلَا يُفَارِقُ الْكُلَّ، وَأُجِيبَ بِإِمْكَانِهِ هُنَاكَ لَا هُنَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُنَّ كَانَ مُتَيَقَّنَ الثُّبُوتِ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ نِكَاحَ مَنْ شَاءَ بِعَيْنِهِ مِنْهُنَّ تَمَسُّكًا بِمَا كَانَ مُتَيَقَّنًا، وَلَمْ يَثْبُتْ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا فَدَعْوَاهُ حِينَئِذٍ تَمَسُّكٌ بِمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ثُبُوتُهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَلَا إلَى التَّنْفِيذِ) أَيْ تَنْفِيذِ نِكَاحِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهَالَةِ) أَيْ مَعَ جَهْلِ الْمُحَلَّلَةِ مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ حَتَّى يَنْقُصُ مِنْ طَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةً لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَدْرِ الْأُولَى) وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَلَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ لَا تَدْرِي الْأُولَى. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَا: نِصْفُ الْمَهْرِ لَنَا عَلَيْهِ لَا يَعْدُونَا فَنَصْطَلِحُ عَلَى أَخْذِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجِبُ الْمَهْرُ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرًا كَامِلًا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ بِجَوَازِ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا فَيَجِبُ مَهْرٌ كَامِلٌ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ كَمَالِهِ حُكْمُ الْمَوْتِ أَوْ الدُّخُولِ اهـ وَالْحَالُ أَنَّهُ إيجَابُ الْقَضَاءِ بِمَا تَحَقَّقَ عَدَمُ لُزُومِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>