للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الْجَدُّ أَبًا لِأَبٍ لَا يُشْتَرَطُ

وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا يُشْتَرَطُ وَسُوِّيَ بَيْنَ الِاسْتِئْذَانِ وَبَيْنَ بُلُوغِ الْخَبَرِ بِالتَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فِي السُّكُوتِ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: إذَا بَلَغَهَا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَسَكَتَتْ لَا يَكُونُ إجَازَةً مِنْهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ لَا يَكُونُ إجَازَةً وَالْحَاجَةُ هُنَا إلَى الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ سُكُوتِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ نَصًّا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ سُكُوتَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ يَكُونُ رَدًّا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَقَالَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِحَضْرَتِهَا فَسَكَتَتْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ رِضًا، وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مُسْتَوِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ رَجُلٍ فَأَجَازَتْهُمَا مَعًا بَطَلَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِنْ سَكَتَتْ بَقِيَا مَوْقُوفَيْنِ حَتَّى تُجِيزَ أَحَدَهُمَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا بَطَلَا؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ إجَازَةٌ لَهُمَا

وَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَسَكَتَتْ لَمْ يَكُنْ رِضًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ يُوَافِقُ قَوْلَهُمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ لِلنِّكَاحِ صِحَّةً بِدُونِهِ، وَإِنْ سَمَّاهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَافِرًا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ حَتَّى لَا يَكُونَ السُّكُوتُ رِضًا بِدُونِهِ، ثُمَّ الْمُخْبِرُ إنْ كَانَ هُوَ الْوَلِيُّ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا وَرَسُولُ الْوَلِيِّ كَالْوَلِيِّ وَلَوْ كَانَ الْمُبَلِّغُ فُضُولِيًّا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافًا لَهُمَا، وَلَهَا نَظَائِرُ وَهِيَ الشَّفِيعُ إذَا أَخْبَرَ بِبَيْعِ الْمَشْفُوعِ وَالْوَكِيلُ إذَا أَخْبَرَ بِالْعَزْلِ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ إذَا أَخْبَرَ بِالْحَجْرِ وَالْمَوْلَى إذَا أَخْبَرَ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخَبَرِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا مَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْكَنَ تَلَقِّيهُ مِنْ جِهَةِ الْعُدُولِ كَإِخْبَارِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِمَّا لَيْسَ فِيهِ عُقُوبَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْبُلُوغُ لَا الْعَدَدُ وَشَهْرُ رَمَضَانَ مِنْهُ.

ثَانِيهَا مَا هُوَ حَقُّهُ وَهُوَ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ قِيلَ هُوَ كَالْأَوَّلِ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّوَاتُرُ. ثَالِثُهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ وَفِيهِ إلْزَامٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَدَعْوَى الْحُقُوقِ عِنْدَ الْحُكَّامِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَالْعَدَالَةُ. رَابِعُهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ وَفِيهِ إلْزَامٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَإِخْبَارِ الْبِكْرِ بِتَزْوِيجِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهَا يَلْزَمُهَا الْعَقْدُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَسْكُتَ وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ، وَكَذَا الشَّفِيعُ يَلْزَمُهُ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ عَلَى تَقْدِيرِ السُّكُوتِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَلَى تَقْدِيرِ الطَّلَبِ، وَكَذَا الْمَوْلَى إذَا أَخْبَرَ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ التَّصَرُّفِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ إنْ تَصَرَّفَ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ قَلَّمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.

وَخَامِسُهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلْزَامٌ أَصْلًا وَهِيَ الْمُعَامَلَاتُ فَيُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ كُلِّ مُمَيِّزٍ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ عَدَدٍ وَلَا عَدَالَةٍ وَلَا بُلُوغٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ كَالثَّيِّبِ)؛ لِأَنَّ سُكُوتَهَا لِقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ سُكُوتَهَا عِنْدَ اسْتِئْمَارِهَا الْأَجْنَبِيَّ يَكُونُ رِضًا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَكْثَرَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ جَعْلَ السُّكُوتِ رِضًا ضَرُورِيٌّ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ عِنْدَ اسْتِئْمَارِهَا الْأَجْنَبِيَّ، وَقَوْلُهُ كَالثَّيِّبِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، هَكَذَا ذَكَرُوا وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ»، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اشْتِرَاطِ النُّطْقِ فَإِنَّ الْبِكْرَ أَيْضًا تُشَاوَرُ

وَكَذَا الرِّضَا بِالْقَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ أَيْضًا بَلْ رِضَاهَا يَتَحَقَّقُ تَارَةً بِالْقَوْلِ كَقَوْلِهَا رَضِيت وَقَبِلْت وَأَحْسَنْت وَأَصَبْت أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك أَوْ لَنَا وَنَحْوِهَا، وَتَارَةً بِالدَّلَالَةِ كَطَلَبِ مَهْرِهَا أَوْ نَفَقَتِهَا أَوْ تَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ وَقَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَالضَّحِكِ بِالسُّرُورِ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْزَاءٍ فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِئْذَانِ وَالرِّضَا وَأَنَّ رِضَاهُمَا قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا، وَقَدْ يَكُونُ دَلَالَةً، غَيْرَ أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ رِضًا دَلَالَةً لِحَيَائِهَا دُونَ الثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ حَيَاءَهَا قَدْ قَلَّ بِالْمُمَارَسَةِ فَلَا يَدُلُّ سُكُوتُهَا عَلَى الرِّضَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ أَوْ زِنًا فَهِيَ بِكْرٌ) حَتَّى تَكُونَ أَحْكَامُهَا كَأَحْكَامِ الْبِكْرِ فِي التَّزْوِيجِ فَأَمَّا إذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ فَلِأَنَّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مُصِيبَهَا أَوَّلُ مُصِيبٍ لَهَا، وَمِنْهُ الْبُكْرَةُ لِأَوَّلِ النَّهَارِ وَالْبَاكُورَةُ لِأَوَّلِ الثِّمَارِ وَكُلُّ مَنْ بَادَرَ إلَى شَيْءٍ فَقَدْ بَكَّرَ وَأَبْكَرَ، وَيُقَالُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ أَيْ صَلَّاهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، هُوَ يَقُولُ إنَّ الْبِكْرَ اسْمٌ لِامْرَأَةٍ عُذْرَتُهَا قَائِمَةٌ وَالثَّيِّبُ مَنْ زَالَتْ عُذْرَتُهَا وَهَذِهِ قَدْ زَالَتْ عُذْرَتُهَا فَتَكُونُ ثَيِّبًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: أَوْ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ لَا يُشْتَرَطُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُنْقِصُ مِنْ الْمَهْرِ إلَّا لِغَرَضٍ يَفُوقُ الْمَهْرَ اهـ.

غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَّى) أَيْ الْمُصَنِّفِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ رِضًا) قَالَ الْكَمَالُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَوْ عَرَفَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى تُجِيزَ أَحَدَهُمَا) أَيْ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا يَبْطُلَانِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَجَازَتْهُمَا مَعًا وَهُوَ الْقِيَاسُ اهـ.

فَتْحٌ (قَوْلُهُ:: لِأَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ إجَازَةٌ لَهُمَا) وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيَّانِ مُتَعَاقِبَيْنِ بِإِذْنِهَا فَالنِّكَاحُ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا إذَا عُلِمَ وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ الْمُتَقَدِّمُ بَطَلَا اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَوَّجَهَا) أَيْ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ)، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ رِضًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُوَافِقُ قَوْلَهُمَا فِي الصَّغِيرَةِ) أَيْ فَإِنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَكُونَ السُّكُوتُ رِضًا بِدُونِهِ) أَيْ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمَا وَلِيَّانِ فِي النِّكَاحِ عِنْدَهُ أَجْنَبِيَّانِ عِنْدَهُمَا اهـ. زَاهِدِيٌّ، وَكَذَا عَزَاهُ الْكَاكِيُّ إلَى جَامِعِ قَاضِي خَانْ الْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَرَسُولُ الْوَلِيِّ كَالْوَلِيِّ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلَا الْعَدَالَةُ اتِّفَاقًا اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ فِيهِمَا فَإِنَّهُمَا قَالَا الْوَاحِدُ كَافٍ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ وَلَا الْعَدَالَةُ كَالرَّسُولِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْلَى إذَا أَخْبَرَ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ) أَيْ لِيَكُونَ بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْوَالِي إلَخْ) بِأَنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ وَلِيًّا غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ كَالْأَخِ مَعَ الْأَبِ اهـ.

كَمَالٌ

(قَوْلُهُ: فَقَدْ بَكَّرَ وَأَبْكَرَ) أَيَّ وَقْتٍ كَانَ. غَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>