للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا وَمَا لَا مُجِيزَ لَهُ يَبْطُلُ كَمَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَزَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ أَمَةً أَوْ أُخْتَ امْرَأَتِهِ أَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَزَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ خَامِسَةً فَإِنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بَاطِلًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ أَحَدٍ حَتَّى لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بِأَنْ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ وَأَجَازَ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ خَمْسًا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ فِي بَعْضِهِنَّ وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الصَّبِيَّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ زَوَّجَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ كَانَ بَاطِلًا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ أَحَدٍ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُكَاتِبِ إذَا تَكَفَّلَ بِمَالٍ، ثُمَّ عَتَقَ حَيْثُ تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهَا حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ

وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا بِعِتْقِ عَبْدِهِ، ثُمَّ أَجَازَ هَذِهِ الْوَكَالَةَ بَعْدَ الْعِتْقِ نَفَذَتْ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهَا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ عَتَقَ فَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ جَائِزَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ نَافِذَةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ وَذِمَّتُهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ قَابِلَةٌ لِلِالْتِزَامِ وَإِنَّمَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَالِ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ بِالْعِتْقِ ظَهَرَ مُوجَبُهُ، وَأَمَّا التَّوْكِيلُ وَالْوَصِيَّةُ فَالْإِجَازَةُ فِيهِمَا إنْشَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْعَقِدَانِ بِلَفْظِ الْإِجَازَةِ، وَالْإِنْشَاءُ لَا يَسْتَدْعِي عَقْدًا سَابِقًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَجَزْت أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتِي أَوْ تُعْتِقَ عَبْدِي أَوْ أَجَزْت أَنْ تَكُونَ وَكِيلِي فِي ذَلِكَ كَانَ تَوْكِيلًا صَحِيحًا

وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَجَزْت أَنْ يَكُونَ مَالِي وَصِيَّةً لِفُلَانٍ كَانَتْ وَصِيَّةً صَحِيحَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَجَزْت عِتْقَ عَبْدِي أَوْ أَجَزْت أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِي لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ أَجَزْت أَنْ تَكُونَ فُلَانَةُ امْرَأَتِي لَا يَصِحُّ فَإِذَا تَعَذَّرَ جَعْلُهَا إنْشَاءً وَلَا يُمْكِنُ انْعِقَادُهَا لِعَدَمِ الْمُجِيزِ حَالَ صُدُورِهَا لَغَتْ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يُتَوَقَّفُ شَطْرُ الْعَقْدِ عَلَى قَبُولِ نَاكِحٍ غَائِبٍ) وَصُورَتُهُ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ اشْهَدُوا أَنِّي تَزَوَّجْت فُلَانًا وَهُوَ غَائِبٌ، أَوْ يَقُولَ الرَّجُلُ اشْهَدُوا أَنِّي تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَهِيَ غَائِبَةٌ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ آخَرُ: اشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتهَا مِنْهُ حِينَ قَالَ الرَّجُلُ ذَلِكَ أَوْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْته مِنْهَا حِينَ قَالَتْ ذَلِكَ جَازَ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فُضُولِيٌّ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ وَهُمَا غَائِبَانِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بَلَغَهُمَا فَأَجَازَا لَا يَنْفُذُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَتَوَقَّفُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاحِدَ يَصْلُحُ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ وَلِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ وَلِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَوْ وَكِيلًا مِنْ جَانِبٍ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ أَوْ وَلِيًّا مِنْ جَانِبٍ وَكِيلًا مِنْ جَانِبٍ بِاتِّفَاقِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ كَانَ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَوَقَّفْ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ يَتَوَقَّفُ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِعِبَارَةِ الْوَاحِدِ أَصْلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ ضَرُورَةٌ مِثْلُ الْجَدِّ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ ابْنَ ابْنِهِ مِنْ بِنْتِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَحَدٌ فِي دَرَجَتِهِ حَتَّى يُزَوِّجَهُمَا بِخِلَافِ ابْنِ الْعَمِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُزَوِّجَهَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: انْعَقَدَ مَوْقُوفًا) أَيْ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِذَا أَجَازَ مَنْ لَهُ الْإِجَازَةُ ثَبَتَ حُكْمُهُ مُسْتَنِدًا إلَى الْعَقْدِ فُسِّرَ الْمُجِيزُ فِي النِّهَايَةِ بِقَابِلٍ يَقْبَلُ الْإِيجَابَ، سَوَاءٌ كَانَ فُضُولِيًّا أَوْ وَكِيلًا، وَقَالَ فِي فَصْلِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ النِّهَايَةِ الْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعُقُودَ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ لَهَا مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبْطُلُ وَالشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ بَيَانُهُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَاعَ مَالَهُ وَاشْتَرَى أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَنَحْوَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ فَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَهُ الْوَلِيُّ فَأَجَازَ بِنَفْسِهِ نَفَذَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَوَقِّفَةً وَلَا يَنْفُذُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ وَلَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ أَوْ خَلَعَهَا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ دُونَهُ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَوْ بَاعَ مَالَهُ بِمُحَابَاةٍ فَاحِشَةٍ أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ لَا يَنْفُذُ كَانَتْ هَذِهِ الصُّوَرُ بَاطِلَةً غَيْرَ مُتَوَقِّفَةٍ وَلَوْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ لِعَدَمِ الْمُجِيزِ وَقْتَ الْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ الْإِجَازَةِ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ، كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْقَعْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ اهـ. وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُجِيزُ هُنَا بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ لَا بِالْقَابِلِ مُطْلَقًا وَلَا بِالْوَلِيِّ إذْ لَا تَوَقُّفَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ قَبِلَ فُضُولِيٌّ آخَرُ أَوْ وَلِيٌّ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْوَلِيِّ عَلَى إمْضَائِهَا وَلَوْ أَرَادَ بِالْمُجِيزِ هُنَا الْمُخَاطَبَ مُطْلَقًا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَلَهُ مُجِيزٌ، وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إنْفَاذِهِ لِيَصِحَّ جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فُضُولِيٌّ وَلَوْ قَبِلَ عَقْدَهُ آخَرُ لَا يَتَوَقَّفُ لِعَدَمِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إنْفَاذِهِ وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْعَقْدُ شَامِلًا لِلْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُخَاطَبٍ بَلْ عَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةُ إمْضَائِهِ فَقَطْ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ أَجْنَبِيٌّ لِامْرَأَةِ رَجُلٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ فَإِنْ أَجَازَ تَعَلَّقَ فَتَطْلُقُ بِالدُّخُولِ وَلَوْ دَخَلَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَإِنْ عَادَتْ وَدَخَلَتْ بَعْدَهَا طَلُقَتْ، كَذَا فِي الْجَامِعِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا دَخَلَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت الطَّلَاقَ عَلَيَّ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ أَجَزْت هَذَا الْيَمِينَ عَلَيَّ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى تَدْخُلَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَعُرِفَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا تَزَوَّجَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ غَيْرَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى رَأْيِ الْوَلِيِّ فَالصَّوَابُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُجِيزُ عَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةُ الْإِمْضَاءِ يَنْدَرِجُ الْمُخَاطَبُ فِي ذِكْرِ الْعَقْدِ مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ عَقْدٍ يَعْقِدُهُ الْفُضُولِيُّ فَإِنَّ اسْمَ الْعَقْدِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالشَّطْرَيْنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَمَا لَا مُجِيزَ لَهُ أَيْ مَا لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ يَبْطُلُ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا يَنْعَقِدَانِ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ يُعْقَدَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ تَزَوَّجْت فُلَانًا وَهُوَ غَائِبٌ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ سَابِقٍ لَهَا مِنْهُ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولَ الرَّجُلُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ سَابِقٍ مِنْهَا لَهُ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَجُوزُ) أَيْ عِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>