للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي يُوسُفَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ

وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، قِيلَ هَذَا فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَحَدُهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْآخَرِ إلَخْ، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي حَيَاتِهِمَا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ مَاتَا وَلَوْ فِي الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ إنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي مِقْدَارِ الْمُسَمَّى فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ وَلَا يُسْتَثْنَى الْمُسْتَنْكِرُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَالِاخْتِلَافِ فِي حَيَاتِهِمَا وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ حُكْمٌ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهُ عِنْدَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ، وَإِنْ مَاتَا، وَقَدْ كَانَ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

وَقَالَا لِوَرَثَتِهَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا إلَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إيفَاءِ الْمَهْرِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهَا بِهِ أَوْ إقْرَارِ وَرَثَتِهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْمُسَمَّى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَوْتَهُمَا يَدُلُّ عَلَى انْقِرَاضِ أَقْرَانِهِمَا ظَاهِرًا فَبِمَهْرِ مَنْ يُقَدِّرُ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يُقَدَّرُ بِحَالِهَا وَبِحَالِ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا، وَمَوْتُهُمَا يَدُلُّ عَلَى مَوْتِ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا وَمَوْتُ نِسَاءِ زَمَانِهَا فَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ مَهْرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ سَمِعَ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ لَسَمِعَ مِنْ وَارِثِ وَارِثِ وَارِثِ مَنْ مَاتَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ نِكَاحُهُمَا ظَاهِرًا مَشْهُورًا فِي زَمَانِنَا وَبِهَذَا احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْت لَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةُ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَهْرَ الْمِثْلِ عَلَى وَرَثَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكُنْت أَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِهِ يُؤَدِّي إلَى اسْتِيفَاءِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِرَارًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالشُّهْرَةِ فَيُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ آخَرُونَ فَيَدَّعُونَ ذَلِكَ فَيُقْضَى لَهُمْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، ثُمَّ وَثُمَّ فَيَتَسَلْسَلُ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ؛ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِهِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَكَانَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى سُقُوطِهِ بِمَوْتِهِمَا؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ الِاسْتِيفَاءُ وَالْإِبْرَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَثْبُتُ، وَقِيلَ إذَا لَمْ يَتَقَادَمْ الْعَهْدُ بِمَوْتِهِمَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: فَبِمَهْرِ مَنْ يُقَدِّرُ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ يُشِيرُ إلَيْهِ

وَفِي الْمَبْسُوطِ الْمُسْتَحَقُّ بِالنِّكَاحِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى وَهُوَ أَقْوَاهَا وَالنَّفَقَةُ وَهِيَ أَضْعَفُهَا وَمَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَالْأَقْوَى لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، وَالْأَضْعَفُ يَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَالْمُتَوَسِّطُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِمَا لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا فَإِنْ سَلَّمَتْ، ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَلْ يُقَالُ لَهَا لَا بُدَّ أَنْ تُقِرِّي بِمَا تَعَجَّلْت وَإِلَّا حَكَمْنَا عَلَيْك بِالْمُتَعَارَفِ فِي الْمُعَجَّلِ، ثُمَّ يُعْمَلُ فِي الْبَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عَادَةً.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَقَالَتْ: هُوَ هَدِيَّةٌ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي غَيْرِ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ)؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ فَكَانَ أَعْرَفَ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ كَمَا إذَا قَالَ: أَوْدَعْتُك هَذَا الشَّيْءَ، فَقَالَتْ: بَلْ وَهَبْته لِي، وَكَذَا الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي إسْقَاطِ مَا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا فِي الطَّعَامِ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ كَالشِّوَاءِ وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْفَوَاكِهِ الَّتِي لَا تَبْقَى فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِهْدَائِهَا فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ، وَقِيلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَالْخُفِّ وَالْمُلَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الْخُرُوجِ بَلْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا، ثُمَّ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ تَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَتَرْجِعُ بِمَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِالْمَهْرِ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ، وَلَوْ قَالَتْ: هِيَ مِنْ الْمَهْرِ

وَقَالَ: هُوَ وَدِيعَةٌ فَإِنْ كَانَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: بِأَنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَاهُ الْآخَرُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَجِبُ الْمُتْعَةُ بِالِاتِّفَاقِ اهـ. كَمَالٌ

(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ) أَيْ وَلَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُقِرُّوا بِشَيْءٍ لَا يُقْضَى لَهُمْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَإِذَا أَقَرُّوا بِشَيْءٍ قُضِيَ بِهِ اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَيْ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِيمَا أَقَرُّوا بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ قَلِيلٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي الْفَضْلِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي الْأَصْلِ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ. رَازِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: كَالِاخْتِلَافِ فِي حَيَاتِهِمَا) أَيْ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْضَى بِمَا تَدَّعِيهِ وَرَثَةُ الزَّوْجِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهُ) أَيْ الْمُسَمَّى وَالْمُنْكِرُ وَرَثَةُ الزَّوْجِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِوَرَثَتِهَا) أَيْ مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَا لِوَرَثَتِهَا إلَخْ) وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا اهـ. قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَثْبُتُ) أَيْ الْبَقَاءُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ إقْرَارِ وَرَثَتِهِ كَذَا عَلَّلَ فِي الْبَدَائِعِ اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ مُشْكِلٌ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَسِّطُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِمَا) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَقَالَتْ هُوَ هَدِيَّةٌ) أَيْ الْمَبْعُوثُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الطَّعَامِ الْمُهَيَّأِ) أَيْ الْمُعَدِّ لِلْأَكْلِ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ) أَيْ وَالدَّجَاجِ الْمَطْبُوخِ اهـ. وَالْحَلْوَى وَالْخَبِيصَةِ وَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَسَائِرِ الْأَطْعِمَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ) أَيْ وَالدَّقِيقِ وَالسُّكَّرِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ بِالْمَهْرِ بَلْ بِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ يَبْقَى بَعْدَ قِيمَتِهِ شَيْءٌ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>