للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ حَلَفَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ يَجِبُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَيَّهُمَا كَانَ ثَبَتَ مَا يَدَّعِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ

وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ تَهَاتَرَتَا فِي الصَّحِيحِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ، ثُمَّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كُلُّهُ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخِلَافِ التَّحَالُفِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَنْفِي تَسْمِيَةَ صَاحِبِهِ فَخَلَا الْعَقْدُ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا كَذَلِكَ التَّحَالُفُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ قَدْرِ مَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ، وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ قَدْرُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى وَالزَّائِدُ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيَتَخَيَّرُ فِي الزَّائِدِ كَمَا فِي التَّحَالُفِ

وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا تُحَكَّمُ مُتْعَةُ مِثْلِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي تَحْكِيمِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْمُتْعَةُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ أَيْ تُحَكَّمُ الْمُتْعَةُ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا تَحْكِيمَ الْمُتْعَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي نِصْفِ الْمَهْرِ، وَكَذَا فِي الْأَصْلِ وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ، وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا لَا تَبْلُغُ نِصْفَ الْأَلْفِ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ عَادَةً فَلَا يُفِيدُ التَّحْكِيمُ بَلْ الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي الْعَشَرَةِ وَالْمِائَةِ وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا تَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْعَشَرَةِ عَادَةً فَيُفِيدُ التَّحْكِيمَ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ سَاكِتٌ عَنْ ذِكْرِ الْمِقْدَارِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ، وَكَذَا الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْكِتَابِ سَاكِتٌ عَنْ ذِكْرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَهَذَا تَخْرِيجُ الرَّازِيّ

وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يَتَحَالَفَانِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، ثُمَّ يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفَاصِيلِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ التَّحَالُفِ فَإِنَّ مَا يَدَّعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمُسَمَّى يَنْتَفِي بِيَمِينِ صَاحِبِهِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ بِلَا تَسْمِيَةٍ فَحِينَئِذٍ يُصَارُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ التَّسْمِيَةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مَا يَنْفِي التَّسْمِيَةَ فَلَا يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ مَا قَالَهُ الرَّازِيّ أَوْلَى؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَأَنْ نُوجِبَهُ بَلْ لِنُصَحِّحَ بِهِ مَا سَمَّيَاهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحَالُفِ مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَخْرِيجُ الرَّازِيّ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ وَهُوَ مَا لَا يُتَعَارَفُ مَهْرًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ عُرْفًا قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا شَرْعًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ شَرْعًا قَالَ الْوَبَرِيُّ هَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ تَدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ لَمْ يَضْمَنُوا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الشَّهَادَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمِائَةَ مُسْتَنْكَرًا فِي حَقِّهَا فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَدَّعِي زِيَادَةً وَالزَّوْجَ يُنْكِرُهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ إلَّا إذَا أَكْذَبَهُ الظَّاهِرُ؛ وَلِأَنَّ تَقَوُّمَ مَنَافِعِ الْبُضْعِ ضَرُورِيٌّ فَمَتَى أَمْكَنَ إيجَابُ شَيْءٍ لَا يُصَارُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَصَارَ كَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ وَكَالْإِجَارَةِ وَلَهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَصَارَ كَالصَّبَّاغِ مَعَ صَاحِبِ الثَّوْبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ تُحَكَّمُ قِيمَةُ الصَّبْغِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ حَالَةَ الدُّخُولِ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأَعْيَانِ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَلَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَلَا لِلْبُضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقُ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى بِأَنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَاهُ الْآخَرُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَدَّعِي التَّسْمِيَةَ وَالْآخَرَ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ بِالْمُسَمَّى بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَرًا، وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ التَّسْمِيَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْمُسَمَّى وَهُوَ مَعَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: قَدْرِ مَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ) أَيْ فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ) أَيْ وَفِي الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِهِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يَتَحَالَفَانِ فِي الْفُصُولِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ شَاهِدًا لَهَا أَوْ شَاهِدًا لَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا اهـ. اك (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ) أَيْ وَالْمُحِيطِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا يَدَّعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ السُّرُوجِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يَبْقَى نِكَاحًا بِلَا تَسْمِيَةٍ بِالتَّحَالُفِ، فَيَكُونُ مُوجِبُهُ مَهْرَ الْمِثْلِ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَخُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ تَفْسِيرُ الْمُسْتَنْكِرِ بِهَذَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ) أَيْ وَدَخَلَ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجْعَلْ الْمِائَةَ مُسْتَنْكَرًا فِي حَقِّهَا) أَيْ مَعَ أَنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا أَلْفٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَالْإِجَارَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَكَّمُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: تُحَكَّمُ قِيمَةُ الصَّبْغِ إلَخْ)، وَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ الصَّبْغُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ صَاحِبِ الثَّوْبِ فَإِذَا حَلَفَ يَغْرَمُ صَاحِبُ الثَّوْبِ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي ثَوْبِهِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ الْإِجَارَةُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>