للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَارِنُ الْمَظْرُوفَ وَيَتَّصِلُ بِهِ وَالْعَطْفُ يَتَّصِلُ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً مَعَ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ الثَّلَاثُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي تَأْتِي بِمَعْنَى مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] {وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٣٠] وَلَوْ نَوَى الظَّرْفَ يَقَعُ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ فَيُلْغَى الثَّانِي.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ وَإِنْ نَوَى الضَّرْبَ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الضَّرْبَ لِمَا ذَكَرْنَا وَالِاعْتِبَارُ لِلْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَلَوْ نَوَى ثِنْتَيْنِ مَعَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فَهِيَ ثَلَاثٌ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ نَوَى الضَّرْبَ أَوْ الظَّرْفَ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِمَا قَدَّمْنَا وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ عَلَى مَا مَرَّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمِنْ هَاهُنَا إلَى الشَّأْمِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ) أَيْ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هَاهُنَا إلَى الشَّأْمِ تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هِيَ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِالطُّولِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالطُّولِ لَا تَكُونُ بَائِنًا عِنْدَهُ فَكَيْفَ يُمْكِنُ إيقَاعُ الْبَائِنِ عِنْدَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْكِنَايَةُ أَقْوَى مِنْ الصَّرِيحِ فَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُمْ فَلِأَنَّ كَثِيرَ الرَّمَادِ أَبْلَغُ فِي الْوَصْفِ بِالْكَرَمِ مِنْ قَوْلِهِمْ جَوَادٌ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى الشَّأْمِ يُفِيدُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ فَجَازَ أَنْ يَقَعَ بِهِ الْبَيْنُونَةُ عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَفَهُ بِالطُّولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْظَمُ عَادَةً ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لَهُ رِوَايَتَانِ وَفِي الْغَايَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُسْتَفَادَ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ هَاهُنَا إلَى الشَّأْمِ الْمُبَالَغَةُ فِي الطُّولِ أَيْ بِالطُّولِ الْكَثِيرِ فَحَذَفَ الصِّفَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: ٧٩] أَيْ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ صَالِحَةٍ أَوْ سَلِيمَةٍ وَلَنَا أَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْقَصْرِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَتَى وَقَعَ وَقَعَ فِي الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا وَنَفْسُهُ لَا يَحْتَمِلُ الْقَصْرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَقَصْرُ حُكْمِهِ بِكَوْنِهِ رَجْعِيًّا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ إلَى الشَّأْمِ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ قَالَ تَطْلِيقَةً إلَى الشَّأْمِ يَكُونُ بَائِنًا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي الدَّارِ تَنْجِيزٌ) أَيْ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ بِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّهْ أَوْ فِي الدَّارِ يَقَعُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ فَيُعْتَبَرُ بِالْحَقِيقِيِّ، وَلَوْ عَنَى بِهِ إذَا دَخَلْت مَكَّةَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي ثَوْبِ كَذَا يَقَعُ فِي الْحَالِ وَلَوْ نَوَى إذَا لَبِسْت يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّمْسِ أَوْ فِي الظِّلِّ يَقَعُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ حَيْثُ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ التَّجَدُّدُ وَالْحُدُوثُ وَفِيمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الشِّتَاءِ أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ خِلَافُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ يُوقِعُ فِيهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي وَقْتٍ يَقَعُ فِي الدَّهْرِ كُلِّهِ وَلَنَا أَنَّ الْوَاقِعَ يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ فَإِذَا جَعَلْنَا إذَا دَاخِلَةً عَلَى الْإِيقَاعِ كَانَ عَمَلُهَا فِي تَأْخِيرِ الْوُقُوعِ وَلَمْ يَكُنْ لَغْوًا فَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ شَهْرٍ وَاسْتِعْمَالُ كَلِمَةٍ مَكَانَ كَلِمَةٍ شَائِعٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِذَا دَخَلْت مَكَّةَ تَعْلِيقٌ) أَيْ إذَا قَالَ لَهَا إذَا دَخَلْت مَكَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَكُونُ تَعْلِيقًا بِدُخُولِ مَكَّةَ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ أَوْ فِي لُبْسِك ثَوْبَ كَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَفْعَلَ؛ لِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ وَالْفِعْلُ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ شَاغِلٌ لَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالظَّرْفِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجَمْعِ فَإِنَّ الْمَظْرُوفَ يُجَامِعُ الظَّرْفَ وَلَا يُوجَدُ بِدُونِهِ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ يُجَامِعُ الشَّرْطَ وَلَا يُوجَدُ بِدُونِهِ وَالشَّرْطُ يَكُونُ سَابِقًا عَلَى الْمَشْرُوطِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِي قَوْلٍ اهـ ع. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي تَأَتَّى بِمَعْنَى مَعَ إلَخْ) يُقَالُ دَخَلَ الْأَمِيرُ الْبَلَدَ فِي جُنْدِهِ أَيْ مَعَ جُنْدِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى الظَّرْفَ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَلَوْ نَوَى الظَّرْفَ يَقَعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَاحِدَةٌ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ثِنْتَانِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ عَرْضٌ فَصَارَ ذِكْرُ الثَّانِي لَغْوًا اهـ وَأَرَادَ بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَبِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا) قَيْدٌ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ لَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ، وَلَوْ نَوَى ثِنْتَيْنِ مَعَ ثِنْتَيْنِ إذْ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْمَقَالَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً مَعَ ثِنْتَيْنِ إلَخْ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ) أَيْ يَقَعُ ثَلَاثٌ عِنْدَهُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمِنْ هَاهُنَا إلَى الشَّأْمِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ) أَيْ، وَلَوْ نَوَى الْإِبَانَةَ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَمْ يُوصَفْ بِالزِّيَادَةِ أَوْ الشِّدَّةِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَبِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِي دُخُولِ الدَّارِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ بِالْحَقِيقِيِّ) أَيْ الْحَقِيقِيُّ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَكَانِ فَكَذَا الْحُكْمِيُّ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الشِّتَاءِ أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ خِلَافُ زُفَرَ) قَالَ السُّرُوجِيُّ، وَقَالَ زُفَرُ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ اهـ قَالَ الشُّمُنِّيُّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الشِّتَاءِ أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ يَقَعُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَفِي انْتِهَاءِ الشِّتَاءِ أَوْ الشَّهْرِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ نَوَى التَّنْجِيزَ يَقَعُ فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ فَإِذَا جَعَلْنَا إذَا) هَكَذَا هُوَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ إلَى بَدَلِ إذَا إذْ لَا ذِكْرَ لِإِذَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي أَوْقَعَ الشَّارِحُ فِي التَّعْبِيرِ بِإِذَا مَا قَالَهُ السُّرُوجِيُّ فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ إلَى الشِّتَاءِ أَوْ إلَى الصَّيْفِ قَوْلَهُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ رَأْسُ السَّنَةِ وَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ أَوْ إذَا طَهُرْت مِنْ حَيْضَتِك يَقَعُ فِي الْحَالِ عِنْدَ زُفَرَ ثُمَّ قَالَ وَلَنَا أَنَّ الْوَاقِعَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ فَتَنَبَّهْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي دُخُولِك الدَّارَ إلَخْ) وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَرَضِك أَوْ وَجَعِك أَوْ صَلَاتِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمْرَضَ أَوْ تُصَلِّيَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا يُوجَدُ بِدُونِهِ) أَوْ تُحْمَلُ فِي عَلَى مَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْلِهِ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>