للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرْفًا يُقَالُ سِنُّ فُلَانٍ مِنْ سَنَتَيْنِ إلَى سَبْعِينَ أَوْ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ وَيُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّينَ وَأَقَلُّ مِنْ سَبْعِينَ

وَقَدْ حَاجَّ الْأَصْمَعِيُّ زُفَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ بَابِ هَارُونَ الرَّشِيدِ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ قَالَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا بَيْنَ لَا تَتَنَاوَلُ الْحَدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قِيلَ لَهُ كَمْ سِنُّك فَقَالَ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى سَبْعِينَ أَيَكُونُ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ فَتَحَيَّرَ فَقَالَ أَسْتَحْسِنُ فِي مِثْلِ هَذَا وَإِرَادَةُ الْكُلِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْإِبَاحَةُ كَمَا ذَكَرَ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ زُفَرُ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ الْأُولَى مَوْجُودَةً لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ لِتَعَذُّرِ الثَّانِيَةِ بِدُونِ الْأُولَى وَوُجُودِهَا بِوُقُوعِهَا فَتَثْبُتُ ضَرُورَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ فِيهِ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إدْخَالِهَا وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً ثَانِيَةً لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ تَعَذُّرِ الثَّانِيَةِ بِدُونِ الْأُولَى أَنْ تَقَعَ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ ثَانِيَةً وَقَعَ لَغْوًا فَلَا يُعْتَبَرُ. وَقَوْلُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ كَلَامٌ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ بِإِيقَاعِ الثَّانِيَةِ فَأَوْقَعْنَا الْأُولَى ضَرُورَةً، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ يُدَيَّنُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى عَشْرٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُعْتَبَرٌ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي سِتًّا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى وَاحِدَةٍ قِيلَ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ حَدًّا أَوْ مَحْدُودًا فَيَلْغُو وَيَبْقَى قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ يَقَعُ وَاحِدَةٌ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَايَةً.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَوَاحِدَةٌ فِي ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَوْ نَوَى الضَّرْبَ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثَلَاثٌ أَمَّا إذَا نَوَى الضَّرْبَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلِأَنَّ عَمَلَ الضَّرْبِ أَثَرُهُ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ بِعَدَدِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ لَا فِي زِيَادَةِ الْمَضْرُوبِ إذْ لَوْ أَفَادَهَا مَا وُجِدَ فِي الدُّنْيَا فَقِيرٌ، وَتَكْثِيرُ أَجْزَاءِ الطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ لَا يُوجِبُ تَعَدُّدَهَا مَا لَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَى الْوَاحِدَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ فِي ثِنْتَيْنِ ظَرْفٌ حَقِيقَةً وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لَهُ فَيَقَعُ الْمَظْرُوفُ لَا مَا جَعَلَهُ ظَرْفًا وَعِنْدَ زُفَرَ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِعُرْفِ الْحِسَابِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى. وَأَمَّا إذَا نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ فَلِأَنَّ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ مُنَاسَبَةً لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إفَادَةِ مَعْنَى الْجَمْعِ فَإِنَّ الظَّرْفَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

مِنْ الْأَقَلِّ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّينَ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَقَلُّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَقَلُّ مِنْ سَبْعِينَ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَكْثَرُ اهـ. (قَوْلُهُ وَقَدْ حَاجَّ الْأَصْمَعِيُّ زُفَرَ) الَّذِي فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشُّمُنِّيِّ رُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ لِزُفَرَ كَمْ سِنُّك قَالَ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ إلَخْ اهـ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ قَالَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا بَيْنَ لَا تَتَنَاوَلُ الْحَدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فَقَالَ لَهُ الْأَصْمَعِيُّ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ زُفَرُ) إنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَحْدُودِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالَ زُفَرُ إلَّا أَنَّ فِي إدْخَالِ الْغَايَةِ الْأُولَى ضَرُورَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الثَّانِيَةَ وَلَا بُدَّ لِلثَّانِيَةِ مِنْ الْأُولَى لِتَرَتُّبِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهَا فَتَقَعُ الْأُولَى لِأَجْلِ هَذِهِ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ فَبَقِيَتْ عَلَى الْقِيَاسِ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْمُغَيَّا، وَلِأَنَّ الْغَايَةَ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا الْكَلَامُ قَدْ تَدْخُلُ كَالْمَرَافِقِ وَالْكِعَابِ فِي الْوُضُوءِ وَقَدْ لَا تَدْخُلُ كَاللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ فَلَا يَدْخُلُ الْمُنْتَهَى إلَيْهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) هَكَذَا هُوَ فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَكَذَا وَقَفْت عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ مَقْرُوءًا عَلَى مُؤَلَّفِهِ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ أَنْ رَقَّمَ لِبُرْهَانِ الدِّينِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى عَشْرٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا إذَا قَالَ إلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ رَقَّمَ إلَى قَاضِي بَدِيعٍ، وَقَالَ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الطَّلَاقِ مُعْتَبَرٌ حَتَّى لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي سِتًّا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ بِخَمْسِمِائَةٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. اهـ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى وَاحِدَةٍ قِيلَ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ زُفَرَ وَيَقَعُ عِنْدَهُمَا ثِنْتَانِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحِدَةٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى أُخْرَى اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ) قَالَ فِي الْحَقَائِقِ. وَقَوْلُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى وَاحِدَةٍ قِيلَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافُ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ غَايَةَ نَفْسِهِ فَيَلْغُو قَوْلُهُ إلَى وَاحِدَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ حَدًّا) وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ النَّكِرَتَيْنِ لَيْسَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ وَأَخَذَهُ مِنْ غَايَةِ السُّرُوجِيِّ.

. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ) أَيْ فَالْوَاقِعُ ثَلَاثٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثَلَاثٌ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ. (قَوْلُهُ بِعَدَدِ الْمَضْرُوبِ) فَمَعْنَى قَوْلِنَا وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ ذُو جُزْأَيْنِ، وَكَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا وَاحِدَةً فِي ثَلَاثٍ وَاحِدَةٌ ذُو أَجْزَاءٍ ثَلَاثَةٍ وَالطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ وَإِنْ كَثُرَتْ أَجْزَاؤُهَا لَا تَصِيرُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَسُدُسَهَا لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةً. اهـ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ أَفَادَهَا مَا وُجِدَ فِي الدُّنْيَا فَقِيرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَضْرِبُ مَا مَلَكَهُ مِنْ دِرْهَمٍ فِي مِائَةٍ فَيَصِيرُ مِائَةً وَيَضْرِبُ الْمِائَةَ فِي أَلْفٍ فَيَصِيرُ مِائَةَ أَلْفٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعِنْدَ زُفَرَ) أَيْ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>