نِصْفَ التَّطْلِيقَتَيْنِ تَطْلِيقَةٌ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ يَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ ضَرُورَةً، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ قِيلَ يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ؛ لِأَنَّهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَتَتَكَامَلُ وَقِيلَ يَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِصْفٍ يَتَكَامَلُ فِي نَفْسِهِ فَيَصِيرُ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَ تَطْلِيقَةٍ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ مِنْ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ جُزْءًا فَيَتَكَامَلُ كُلُّ جُزْءٍ، وَهَذَا لِأَنَّهُ ذَكَرَ كُلَّ طَلْقَةٍ مُنَكَّرًا وَالْمُنَكَّرُ إذَا أُعِيدَ مُنَكَّرًا كَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَسُدُسَهَا حَيْثُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مُعَرَّفٌ فَيَكُونُ عَيْنَ الْأَوَّلِ فَتَكُونُ الْأَجْزَاءُ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ حَتَّى تَكْمُلَ ثُمَّ إذَا تَمَّتْ وَاحِدَةٌ وَفَضَلَ شَيْءٌ وَقَعَتْ ثَانِيَةٌ ثُمَّ لَا تَقَعُ ثَالِثَةٌ حَتَّى تَزِيدَ الْأَجْزَاءُ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَهَذَا هُوَ الْحَرْفُ وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعِ حَيْثُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْمُعَرَّفِ وَثَلَاثَةٌ فِي الْمُنَكَّرِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ قَالَ خَمْسَةُ أَرْبَاعٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْمُعَرَّفِ وَثَلَاثٌ فِي الْمُنَكَّرِ وَعَلَى هَذَا فِي كُلِّ جُزْءٍ سَمَّاهُ كَالْأَخْمَاسِ وَالْأَعْشَارِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِلَى ثَلَاثٍ ثِنْتَانِ) مَعْنَاهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ أَوْ بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ تَطْلُقُ وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَدْخُلُ الْغَايَةُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَقَالَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ حَتَّى يَقَعَ فِي الْأُولَى ثِنْتَانِ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ، وَقَالَ زُفَرُ لَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الْأُولَى شَيْءٌ وَفِي الثَّانِيَةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمَضْرُوبِ لَهُ الْغَايَةُ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ إنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ مَتَى ذُكِرَ فِي الْعُرْفِ يُرَادُ بِهِ الْكُلُّ يُقَالُ خُذْ مِنْ مَالِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةٍ وَيُقَالُ كُلْ مِنْ مَالِي مِنْ الْمِلْحِ إلَى الْحُلْوِ وَيُرَادُ بِهِ الْإِذْنُ فِي الْكُلِّ وَيُقَالُ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِدَرَاهِمَ مِنْ مِائَةٍ إلَى أَلْفٍ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَلْفٍ وَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَلِأَنَّ الْغَايَةَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا وَهُوَ بِالْوُقُوعِ هُنَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يُرَادُ بِهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْأَقَلِّ وَالْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي طَلْقَةً فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا طَلَّقْت نَفْسِي نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ حَيْثُ يَقَعُ وَاحِدَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَثَلَاثُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) هَذِهِ مِنْ خَوَاصِّ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا مُحَمَّدٌ إشْكَالًا يَتَرَاءَى وَهُوَ أَنَّ ثَلَاثَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ طَلْقَةٍ إذَا نَصَّفْتهَا تَكُونُ نِصْفَيْنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلْقَتَانِ لَا الثَّلَاثُ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنِصْفًا وَجَوَابُهُ أَنَّ النِّصْفَ الْوَاحِدَ مِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ فَإِذَا كَانَ نِصْفُ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً يَكُونُ ثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ ضَرُورَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ يَكُونُ ثَلَاثُ أَنْصَافٍ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ ضَرُورَةً قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَقَعَ الثَّالِثَةُ؛ لِأَنَّ فِي إيقَاعِهَا شَكًّا؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ طَلْقَةً وَنِصْفًا؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَتَيْنِ إذَا نُصِّفَتَا صَارَتَا أَرْبَعَةَ أَنْصَافٍ فَثَلَاثَةٌ مِنْهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَتَكْمُلُ طَلْقَتَيْنِ، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ اشْتِبَاهِ قَوْلِنَا نَصَّفْنَا تَطْلِيقَتَيْنِ وَنَصَّفْنَا كُلًّا مِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُوجِبُ لِلْأَرْبَعَةِ الْأَنْصَافِ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ فَيَثْبُتُ بِالنِّيَّةِ لَا فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ أَنَّ نِصْفَ التَّطْلِيقَتَيْنِ تَطْلِيقَةٌ لَا نِصْفَا تَطْلِيقَتَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ قِيلَ يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ)، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ النَّافِعُ فِي الْأَجْنَاسِ وَالْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعَتَّابِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبِتَبَيُّنِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رُبْعَ تَطْلِيقَةٍ وَرُبْعَ تَطْلِيقَةٍ وَرُبْعَ تَطْلِيقَةٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ هَذَا فِي الْمُنَكَّرِ وَفِي الْمُعَرَّفِ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رُبْعَ تَطْلِيقَةٍ وَرُبْعَهَا وَرُبْعَهَا يَقَعُ وَاحِدَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ خَمْسَةُ أَرْبَاعٍ) أَيْ لَوْ ذَكَرَ خَمْسَةَ أَرْبَاعٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رُبْعَ تَطْلِيقَةٍ وَرُبْعَهَا وَرُبْعَهَا وَرُبْعَهَا وَرُبْعَهَا يَقَعُ ثِنْتَانِ هَذَا فِي الْمُعَرَّفِ وَفِي الْمُنَكَّرِ ثَلَاثٌ وَصُورَتُهُ ظَاهِرَةٌ.
(قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ إلَخْ)، وَكَذَا الْخِلَافُ أَيْضًا لَوْ قَالَ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى وَاحِدَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ ثَلَاثٍ إلَى وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ الْأُولَى أَقَلُّهُمَا مِقْدَارًا لَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا أَوَّلًا. اهـ. قُنْيَةٌ (قَوْلُهُ، وَقَالَ زُفَرُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ لَك مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَعِنْدَهُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَعِنْدَهُمَا عَشَرَةٌ وَعِنْدَ زُفَرَ ثَمَانِيَةٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمَضْرُوبِ لَهُ الْغَايَةُ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ الْغَايَةُ غَايَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَجْهُ قَوْلِهِمَا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ إلَخْ) مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتَى بِهِ اهـ
قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجْهُ قَوْلِهِمَا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ أَنَّ الشَّيْءَ مَتَى جُعِلَ غَايَةً وَحَدًّا لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ لِيَصِحَّ كَوْنُهُ غَايَةً وَوُجُودُ الطَّلَاقِ بِوُقُوعِهِ وَالطَّلَاقُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ فَيَقَعُ الْكُلُّ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَقَلِّ لَا يُرَادُ فِي قَوْلِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ. اهـ. وَقَالَ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمِنْ خَطِّهِ نُقِلَتْ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاحِدَةِ وَالْأَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ وَذَلِكَ ثِنْتَانِ وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاحِدَةِ وَالْأَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ وَذَلِكَ ثِنْتَانِ وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ مَوْجُودًا وَالْأَكْثَرُ مِنْ الْأَقَلِّ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَيَقَعُ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ لِإِمْكَانِهِ وَلَا يَقَعُ الْأَكْثَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute