للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَرِ فِيهَا وَالْأَصْلُ فِيهَا إنْ وَهِيَ صَرْفُ الشَّرْطِ وَمَا وَرَاءَهَا مُلْحَقٌ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ عَلَمٌ عَلَيْهِ وَكَلِمَةُ كُلٍّ وَإِنْ كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ لَكِنَّهَا جُعِلَتْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْمَ الَّذِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ يُلَازِمُهُ الْفِعْلُ فَكَانَتْ مِنْهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَمِنْ جُمْلَةِ أَلْفَاظِ الشَّرْطِ لَوْ وَمِنْ وَأَيْ وَأَيَّانَ وَأَيْنَ وَأَنَّى ثُمَّ الْجَوَابُ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ الشَّرْطِ يَكُونُ بِالْفَاءِ إنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الشَّرْطُ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى وَذَلِكَ فِي سَبْعِ مَوَاضِعَ نَظَمُوهَا مَوْزُونًا فِي قَوْلِهِ

طَلَبِيَّةٌ وَاسْمِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ... وَبِمَا وَلَنْ وَبِقَدْ وَبِالتَّنْفِيسِ

وَإِنْ تَقَدَّمَ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْفَاءُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ هُوَ الْجَزَاءُ أَوْ يُقَدَّرُ بَعْدَ الشَّرْطِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ لِلْحَالِ لِعَدَمِ الرَّابِطِ وَهُوَ الْفَاءُ فَإِنْ نَوَى تَعْلِيقَهُ يُدَيَّنُ، وَكَذَا إنْ نَوَى تَقْدِيمَهُ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَتَنَجَّزُ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الْفَائِدَةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إلْغَائِهِ فَيُضْمِرُ الْفَاءَ كَقَوْلِهِ

مَنْ يَفْعَلْ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا ... الشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلَانِ

، وَهَذَا يَبْطُلُ بِمَا إذَا أَجَابَ بِالْوَاوِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّزُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَعْلِيقُهُ حَتَّى لَوْ نَوَاهُ يُدَيَّنُ وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ

وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ وَأَدْخَلَ الْفَاءَ فِي الشَّرْطِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَتَنَجَّزُ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ فَاصِلَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَتَعَلَّقُ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ حَرْفُ تَعْلِيقٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَنَجَّزُ لِعَدَمِ ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ بَيَانُ إرَادَتِهِ التَّعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ دَخَلْت الدَّارَ يَتَنَجَّزُ لِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةُ الْمُعْتَبَرَةُ كَالشَّرْطِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ طَالِقٌ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَفِيهَا إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ انْتَهَتْ الْيَمِينُ) يَعْنِي فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ انْتَهَتْ الْيَمِينُ وَانْحَلَّتْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لِلْعُمُومِ وَالتَّكْرَارِ لُغَةً فَبِوُجُودِ الْفِعْلِ مَرَّةً يَتِمُّ الشَّرْطُ وَلَا بَقَاءَ لِلْيَمِينِ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ رَجُلٌ قَالَ لِنِسْوَةٍ لَهُ مَنْ دَخَلَ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مِرَارًا طَلُقَتْ بِكُلِّ مَرَّةٍ تَطْلِيقَةً؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَهُوَ الدُّخُولُ أُضِيفَ إلَى جَمَاعَةٍ فَيُرَادُ بِهِ تَعْمِيمُ الْفِعْلِ عُرْفًا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] أَفَادَ الْعُمُومَ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ وَاحِدٌ قَتِيلَيْنِ فَلَهُ سَلَبُهُمَا وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ عُمُومَ الصَّيْدِ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ فِيهِ مُقَدَّرًا بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَفِي السَّلَبِ بِدَلَالَةِ حَالِهِ وَهُوَ أَنَّ مُرَادَهُ التَّشْجِيعُ وَكَثْرَةُ الْقَتْلِ وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ مَتَى تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ

مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ

، وَقَالَ آخَرُ

مَتَى تَأْتِنَا تَلْمُمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا ... تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا

وَفِي الْمُحِيطِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ قَالَ أَيَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَيْثُ يَعُمُّ الصِّفَةَ وَهُوَ أَيْضًا مُشْكِلٌ حَيْثُ لَمْ يَعُمَّ قَوْلُهُ أَيَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا بِعُمُومِ الصِّفَةِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إلَّا فِي كُلَّمَا لِاقْتِضَائِهِ عُمُومَ الْأَفْعَالِ كَاقْتِضَاءِ كُلٍّ عُمُومَ الْأَسْمَاءِ)؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ كُلَّمَا وَكُلَّ تُفِيدُ عُمُومَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ كُلَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْأَفْعَالِ وَكُلَّ تَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ فَيُفِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُمُومَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: ٦٤]، وَقَالَ تَعَالَى {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا} [الإسراء: ١٢] فَإِذَا وُجِدَ فِعْلٌ وَاحِدٌ أَوْ اسْمٌ وَاحِدٌ فَقَدْ وُجِدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَسْمَاءُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا فَيَحْنَثُ كُلَّمَا وُجِدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِيهِمَا لَا إلَى نِهَايَةٍ وَلَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِكُلَّمَا فَتَكَرَّرَ الشَّرْطُ حَتَّى بَانَتْ بِثَلَاثٍ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ فَوُجِدَ الشَّرْطُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا إنْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ اهـ رَازِيٌّ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الشَّرْطُ) أَرَادَ بِالشَّرْطِ أَدَاةَ الشَّرْطِ وَحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ الْجَوَابُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لَمْ تُؤَثِّرْ أَدَاةُ الشَّرْطِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي سَبْعِ مَوَاضِعَ) أَيْ كَوْنُهُ بِالْفَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ طَلَبِيَّةٌ وَاسْمِيَّةٌ إلَخْ) مِثَالُ الطَّلَبِيَّةِ {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١] {فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: ١٥٠] وَمِثَالُ الِاسْمِيَّةِ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: ١١٨] وَمِثَالُ الْفِعْلِيَّةِ الْجَامِدَةِ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: ٢٨] وَمِثَالُ الْمَقْرُونَةِ بِمَا {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} [يونس: ٧٢] وَمِثَالُ الْمَقْرُونَةِ بِلَنْ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: ١١٥] وَمِثَالُ الْمَقْرُونَةِ بِقَدْ {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ} [يوسف: ٧٧] وَمِثَالُ الْمَقْرُونَةِ بِتَنْفِيسٍ {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ} [التوبة: ٢٨] اهـ.

(قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ) أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَلَا تَصِحُّ اهـ. (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ كُلَّمَا وُجِدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِيهِمَا لَا إلَى نِهَايَةٍ) بِخِلَافِ سَائِرِ أَلْفَاظِ الشَّرْطِ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى جِنْسِ الْفِعْلِ لَا التَّكْرَارِ وَجِنْسُ الْفِعْلِ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَإِذَا وُجِدَ الْفِعْلُ مَرَّةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَا يَقَعُ الْجَزَاءُ إذَا وُجِدَ الْفِعْلُ ثَانِيًا لِارْتِفَاعِ الْيَمِينِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِكُلَّمَا) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>